أنت هنا
القائمة:
هل الألم والمرض من الله؟ هل الكورونا هي عقاب من الله؟
حاشى يقول بولس الرسول.
والقديس يعقوب ينفي هذه الجملة ويعطي الجواب: "لا يقل أحد أذا جُرب أنه من الله، لأن الله لا يُجَرّب ولا يُجُرِب" (يعقوب 1/ 13).
فالتجربة هي من المجَرِب، وهو ابليس. أبو التجارب... (تجربة المسيح في البرية – مت 4/ 1).
حقيقة نؤمن فيها لأن الله يريد الخير للانسان... أصلا هو خلقة للخير. فكل عطاياه التي بالمسيح تمت هي للخلاص وليس للهلاك... أتيت لتكون لهم الحياة وتكون لهم أفضل.
فالالم والمرض والكورونا ليس من الله، بل من عمل الانسان الذي ينقاد الى شهواته. (يعقوب 1/14-18). الشر أو الالم أو المرض أو أي شيء آخر هو من شهوة الانسان وتملّقها (كبرياء، غضب، حسد...).
من هون التجربة من رئيس هذا العالم، الذي لا سلطان لديه على المسيح وعلى من هم للمسيح، لأن المسيح قد غلب سلطان هذا العالم... ثقوا إني قد غلبت العالم يقول المسيح.
فالتجربة قد تأتي من الخارج أو قد تأتي من الداخل، يعن مني أنا... من تصرفاتي من شهواتي... فالشهوة اذا حبلت تلد خطيئة، والخطيئة اذا كملت تولد موتًا... فالخطية والالم والمرض هو من الانسان وليس الله.
"الله يريد أن كل الناس يخلصون والى معرفة الحق يبلغون" (1 تيم 2/4)
"خلاص النفس بركة حاضرة لكل من يطلبها" (1كور 3/ 16).
بركة الله حاضرة دومًا في المسيح (الذي شفى، الذي أعطى، الذي أقام، الذي حرر)... فالبركة من الله هي للخلاص وليس للموت أو لعيش الالم أو المرض أو أي شيء آخر سلبي. فاللة هو الخير ويريد الخير للانسان كل انسان. أم الذيم قبلوه فأعطاهن أن يكونوا أبناء الله... هل ممكن أب يريد الشر لأولاده؟؟؟
كل هذه الايات موجودة لكل من يتوب ويؤمن... لكان شفاء الالم هو وعد في هذا الزمان... هو بركة هو عطية لنا في هذا الزمان ولكن هي ميراث للحياة الاخرى... يعطي النعمة اليوم ولكن لرجاء وميراث لا يفنى ولا يتغيّر... خلاص هون ولكن خلاص آخر يكتمل في الزمن الأخير... (1 بط 1/ 3)...
والسؤال لماذا يجب أن نعيش التجارب والالم والمرض هون؟؟؟
رسالة بولس الى أهل روما يشرح السبب بشكل واضح: (روم 8/ 18)
بعد أن حصلنا على الميراث وروح التبني ونحن أبناء الله... ولكن آلام الزمان الحاضر هي جزء من هذا الجهاد الارض لكي نصل الى مجد الله الاخير... فالخليقة خضعت للباطل... ابليس جعل الخليقة تسقط، لأنه يوسوس في عقول الناس ويضع أفكارًا تشوّه العقل السليم وتبدّد الثقة بالخالق (مثال: غواية الحيّة لحواء).
روح الشر، الروح الارض الجسدي، الروح الذي يعمل في ابناء المعصية، الذي يجول كأسد زائر ينتظر من يفترسه... الذي هو رئيس سلطان الهواء الذي يجول ويسرق ويذبح ويهلك...
عمل الشيطان والصفات التي تعبِّر عنه:
هناك صفتان أساسيتان تعبران عن عمل إبليس ودوره، غير ما قيل عنه من الرب يسوع.
هذه الصفات هي: المجرب المشتكي الكذّاب وأبو الكذب، رئيس العالم....
من هذه الصفات نأخذ ما يلي:
1) المجّرب: (1تس 3: 5)
– مت 4: 3 «فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللَّهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هَذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزاً».
– لو 4: 2 «أَرْبَعِينَ يَوْماً يُجَرَّبُ مِنْ إِبْلِيسَ. وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئاً فِي تِلْكَ الأَيَّامِ. وَلَمَّا تَمَّتْ جَاعَ أَخِيراً».
– لو 4: 13 «وَلَمَّا أَكْمَلَ إِبْلِيسُ كُلَّ تَجْرِبَةٍ فَارَقَهُ إِلَى حِينٍ».
– 1تس 3: 5 «.. لَعَلَّ الْمُجَرِّبَ يَكُونُ قَدْ جَرَّبَكُمْ، فَيَصِيرَ تَعَبُنَا بَاطِلاً».
– يع 1: 13 «لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ، لأَنَّ اللَّهَ غَيْرُ
مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ، وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَداً»
– مت 6: 13 «وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ، لَكِنْ نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ. لأَنَّ لَكَ الْمُلْكَ وَالْقُوَّةَ وَالْمَجْدَ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ».
– أف 6: 11، 16 «.. تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ – أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ».
– 2كو 12: 7 «وَلِئَلاَّ أَرْتَفِعَ بِفَرْطِ الإِعْلاَنَاتِ، أُعْطِيتُ شَوْكَةً فِي الْجَسَدِ، مَلاَكَ الشَّيْطَانِ، لِيَلْطِمَنِي لِئَلاَّ أَرْتَفِعَ».
– غل 4: 14 «وَتَجْرِبَتِي الَّتِي فِي جَسَدِي لَمْ تَزْدَرُوا بِهَا وَلاَ كَرِهْتُمُوهَا، بَلْ كَمَلاَكٍ مِنَ اللهِ قَبِلْتُمُونِي، كَالْمَسِيحِ يَسُوعَ»
– رؤ 2: 10 «لاَ تَخَفِ الْبَتَّةَ مِمَّا أَنْتَ عَتِيدٌ أَنْ تَتَأَلَّمَ بِهِ. هُوَذَا إِبْلِيسُ مُزْمِعٌ أَنْ يُلْقِيَ بَعْضاً مِنْكُمْ فِي السِّجْنِ لِكَيْ تُجَرَّبُوا، وَيَكُونَ لَكُمْ ضِيقٌ عَشَرَةَ أَيَّامٍ. كُنْ أَمِيناً إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ».
– رؤ 12: 9 «فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ – طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ».
• والتجربة هي المحاولات التي يقوم بها العدو ليسقطنا في الخطية ولنقع تحت سلطانه (المكايد، الفخاخ، السهام الملتهبة، الضربات، العروض المغرية كما فعل مع المسيح)....
• بعضها مباشر وبعضها غير مباشر، أي أنه يستخدم مثلاً وسائط بشرية
• وهو يهاجمنا بالتجربة على محاور الإنسان الثلاثة:
أ- الروح: حسب لو4، مت 4
للتأثير على الفكر، المشاعر، الإرادة للسقوط في الخطيئة، وللتأثير على الإرادة لتسقط في الخطيئة.
ب- النفس: حسب إر 1: 7، 17 1بط 3: 14 1يو 4: 18 2تي 1: 7
للخوف من الدينونة، روح الحزن، روح الفشل، روح الخوف. لأنه في ضعف النفس يمكن أن نستسلم للتجربة بالسقوط في الخطية أو نهرب من الألم بالإغراق في الإثم.
ج- الجسد: يتهم الله فيها لكي نجدف في وجهه ونبتعد عنه. وهذا من خلال:
– المرض: بولس 2كو 12: 7
– الكوارث الاقتصادية: أيوب 1: 12
– الألم والاضطهاد: رؤ 2: 10 ، 1بط 2: 19 ، 5: 12-16
2) المشتكي (رؤ 12: 10)
رؤ 12: 10 «وَسَمِعْتُ صَوْتاً عَظِيماً قَائِلاً فِي السَّمَاءِ: «الآنَ صَارَ خَلاَصُ إِلَهِنَا وَقُدْرَتُهُ وَمُلْكُهُ وَسُلْطَانُ مَسِيحِهِ، لأَنَّهُ قَدْ طُرِحَ الْمُشْتَكِي عَلَى إِخْوَتِنَا الَّذِي كَانَ يَشْتَكِي عَلَيْهِمْ أَمَامَ إِلَهِنَا نَهَاراً وَلَيْلاً».
أ- يشتكينا أمام إلهنا (رؤ 12: 10)
فهو مثل وكيل النيابة الذي يأخذ أخطاءنا أمام العدالة الإلهية ليشتكينا مطالباً بالعدالة والانتقام.
أو مطالباً أن يأخذ الحق في أن يجربنا. والمثل الشهير هنا هو أيوب «هَلْ مَجَّاناً يَتَّقِي أَيُّوبُ اللهَ؟» (أي 1: 9).
راجع (أف 6: 14) «حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ». وهنا أهمية السلوك بالبر والقداسة.
راجع (يع 5: 16) «اِعْتَرِفُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ بِالّزَلاَّتِ، وَصَلُّوا بَعْضُكُمْ لأَجْلِ بَعْضٍ لِكَيْ تُشْفَوْا. طِلْبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيراً فِي فِعْلِهَا».وكذلك أهمية الصلاة الواحد لأجل الآخر سائلين «فِي الْغَضَبِ اذْكُرِ الرَّحْمَةَ» (حبقوق 3: 2).
ب- يشتكي إلهنا أمامنا
وهذا ما رأيناه في جنة عدن يشكك حواء في صلاح الله ومحبته لكي نصغي إليه ونأخذ بمشورته.
تك 3: 5 «بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ».
وهنا أهمية الإيمان لكي نطفئ جميع سهام الشرير الملتهبة (أف 6: 16)
ج- يشتكينا الواحد أمام الآخر (2كو 2: 5-11)
– لكي يمزق وحدة الجسد ومحبته، فنفقد سلطان الجسد في صراعنا معه وشهادتنا عن المسيح.
– لكي ينفرد بنا فيسقطنا في فخاخه
وهنا أهمية الوحدة والمحبة وعدم إدانة بعضنا بعضاً، فلا نعمل لصالحه بأن نشتكي بعضنا بعضاً، فإن المحبة تستر كثرة من الخطايا.
واليوم وبالعودة الى مرض الكورونا...
ماذا نتعلّم من هذه الحائجة: الجميع يتفق ان الكورونا لم تأتي عبثا وان الحياة بعد الكورونا تختلف عما قبل.
هنالك تصورات كثيرة لما تعلمناه في حياتنا الشخصية والعامة كأشخاص او مجتمعات. كل واحد وخيالاته.
في الاساطير اليونانية القديمة والمليئة بفلسفة الإنسان والمحافظة على الحياة، كانت الفلسفات تتوجّه للآلهه التي تعمل كل جهدها للوقاية ومنع حصول المرض، وكانت في حينها اكثر الامراض هي تلوثيه ومعدية، وكانت هنالك دعوة دائمة للابتعاد عن المريض والى النظافة و التعقيم. من هون فالوقاية بكل أبعادها هي جدًا ضرورية... (مأخوذة من مقالة د. بشارة بشارات).
ولنعد الى الكورونا فتبين انه فيروس صعب وليس له أي علاج او تطعيم حاليًا. ولكن ماذا علينا أن نعمل؟ علينا أن نتعلّم، من تلك الدول التي نجحت في الانتصار على العدوى نجحت بإجراءات الحجر واستعمال الكمامات والتعقيم، والأهم تحمّل المسؤولية الشخصية والعامة.
في هذا المجتمع الذي نعيش فيه، لنتأمل حياتنا والى أين نتجه، كمية الاستهلاك والقمامة الموجودة، الصراع في تحقيق الاحلام الزائفة، السيطرة على ما هو ليس لي، ضرب أسس الحياة الضرورية، والعديد من الأمور... فهل سيغير المجتمع تصرفاته، ويتعلّم من هالوضع الصعب... هنا وفي كل العالم، ووضع أولويات جديدة للحياة؟؟؟ ونتذكر ما قاله اجدادنا: "درهم وقاية خير من قنطار علاج".
التعايش مع الكورونا:
من هنا، علينا أن نتعايش مع الكورونا، وأسابيع بعد البدء بالخروج من التقييدات والعودة إليها أحيانًا، نرى أن الكورونا ترفع رأسها من جديد، وفي كثير من الدول رجعت الكورونا بعد "القضاء عليها". فعلينا أن نتعلم من الاخطاء، ونأخذ هذه المسؤولية علينا ونبقى مع التعقيم والنظافة التي تعلمناها ممن سبقونا، على امل ان ينقرض الفيروس أو يتم انتاج التطعيم في وقت قريب.
مع محبتي لكم،
بقلم المطران د. يوسف متى