أنت هنا

القائمة:

صفات مربي  التربية المسيحية

بقلم لافي خوري 

فقط من المنظور التربوي  نستطيع ان نشبه صفات المربي الديني المسيحي بصفات أي مربي آخرلأي موضوع تعليمي , مثل معرفة المادة المعطاه , الرغبة في التربية , التطور والنمو واستغلال الوسائل والأساليب المتطوره , مهارات في الالقاء والعلاقات الاجتماعية والخ.....

ولكن هناك فرق شاسع وكبير جدا بينهم .  وهو ان المحرك الأول والمحفز الأول للمربي الديني المسيحي هو الروح القدس (هذا المحرك الأول يجب ان يكون لكل مسيحي وغير ذلك لم يكن مسيحي صحيح) .

يقول القديس باسيليوس "التربية هي خلق جديد"، وهذه يضع أمامنا الرسالة السامية في التربية، رسالة مسيحية من الدرجة الأولى، يقودها الروح القدس الذي ينير ويكشف ويعظ المربي. ويقول الأب كميل حشيمه اليسوعيّ في كتابه خرج الزارع ليزرع عن التربية: أن تنجب ولدًا، فهذا حسن، وأن تجعل منه إنسانًا، فهذا أحسن، وأن تجعله من أبناء الله، فهذا هو الأحسن. ويستعرض أيضا حديثه عن المسؤولية وفيها كأنه يستعرض المربي المسيحي بكل ابعاد رسالته وعمقها، اخذ ذلك من راوول فولرو فيقول:

إن أنت تمهّلت توقفوا،

إن أنت قعدت استلقَوا،

إن أنت تهاونت انهاروا،

إن انت شككت يئسوا،

إن أنت نقَدت هَدموا،

إن أنت أعطيت يدك أعطَوا حياتهم،

وإن أنت صلّيت أصبحوا قدّيسين.

يتضح مما سبق ان رسالة المربي الديني المسيحي، هي رسالة مميزة جدًا وخاصة، رسالة حجرها الأساس هو يسوع المسيح، وهو الحقيقة الأولى والعظمى أو الحق الواحد الاول لذلك هي رسالة خلاصيه، وبذلك المربي الديني هو مسيح آخر: "يعلِّم ويوحي ويكشف ويعظ، ويعد ويعاقب ويكافئ، ويعطي المثل."

 

المربي يعلّم:

 المربي المسيحي هو معلم بالدرجة الأولى على مثال معلمه يسوع المسيح، فهو رسول الكلمة، هو محتضن كلمة الله المتجسد ويقدمها لطلابه وللعالم أجمع , عليه أن يغرس كلمة الله في قلوب طلابه، عليه يحافظ على وديعة الإيمان سالمه وصحيحة، كما يكتب لوقا لثوفليوس: "رَأَيتُ أَنا أَيضاً، وقَد تقَصَّيتُها جَميعاً مِن أُصولِها، أَن أَكتُبَها لَكَ مُرَتَّبَةً يا تاوفيلُسُ المُكرَّم، 4لِتَتَيَقَّنَ صِحَّةَ ما تَلَقَّيتَ مِن تَعليم" (لوقا 1: 1 -4). المربى هو حامل لكلمة الله لطلابه، وزملائه، ومحيطه العائلي والاجتماعي والتربوي...

        دوره فعّال في نشر كلمة الله، التي هي كلمة حيّه ومحيّيه، فيكون رسول الكلمة في صلب رسالته التربوية، فيعرّف طلابه على كلمة الخلاص، وان كلمة الله هي نور لدربهم وطريق حياة.

 

 

المربي يوحي ويكشف ويعظ:

 المربي عليه أن يكشف أمام طلابه أهم صفة عن الله، أن الله هو الإله الحيّ، إله الحياة، هذه الرسالة عميق في عالم سيطر عليه الموت، وثانيًا أنه إله النور، الذي يضيء وينور ظلمة حياتنا. وثالثا هو إله محرر، يحررنا من العبودية، ويجعلنا نتغلب على الشرّ والظلم.

المربي يعظ طلابه بطريقة ابوية وأخويه، يكون مثل نقاط الماء الذي تسقط على الصخر بشكل متكرر لتحفر فيها، كذلك المربي عليه ان يحفر في قلوب طلابه، ليخلق فيها الأمل والرجاء المحبة والسلام، الصبر والنور، والخير، فيخلق فيهم إنسان جديدًا، مليء من روح الله، الذي يحررهم وينورهم ويقودهم إلى الحق.

المربي يعد ويعاقب ويكافئ:

        المعلم عليه أن يعلم تلميذه الحكمة، والفطنة، و"التأديب" (أمثال 23: 23 نرى أن التأديب هو من صلب المسيرة التربوية، ويحمل بعديّ المكافئة والعقاب، مثل الأهل: من أجل البنيان والتأديب، ليس للهلاك. يجب على المربي الديني إيجاد التوزان الصحيح بين البعدين في التربية، جاعلًا طلابه يقبلون تأديبه بكل رحابة صدر، ملتمسين فيه تأديب أبوي من الدرجة الأولى، يحقق هدفه المنشود في مجال التربية المسيحية.

        المربي هو مسيح أخر كمان سبقنا وقلنا، فهو المؤدب الرحيم، الحنون، الذي يحمل في تربيته الحزم والودعة، العقل والقلب، فينشر بين الطلاب روح المحبة التي تحب دون شروط، وتقبل الآخر كم هو.

 المربي هو يعطي المثل

        المربي هو صورة متجسدة للحياة المسيحية الأصيلة، هو نموذج التلميذ المصلي، الذي يستقي قوة رسالته التربوية من يسوع المسيح من خلال عمل روح القدس فيه.

إنه النموذج الحيّ للمحبة، والفرح، والسلام، اللطف، وكرم الأخلاق، الوداعة، والعفاف.... هو نموذج حيّ يومي يعيش كل لحظة حاملًا رسالته لكل إنسان يقابله، وخصوصا طلابه.. هو نموذج بكلامه وأفعاله.  هذه يتطلب منه علاقة خاصة وعميقه مع كلمة الله على مثال مريم العذراء: "كانت تحفظ كل شيء في قلبها وتتأمله كل يوم.." المربي هو نموذج للمسيحي المتأمل والذي يبحث عن الله في حياته وخبراته اليومية.

أما بالنسبة لعملية التواصل والتفاعل . يسوع المسيح هو الأول والأخير في التواصل  هو عملية التواصل الحقيقية , فهو خلق التواصل بين الله والبشر , بين الأرض والسماء , بين الانسان واخيه الانسان , بين الانسان والخليقة , هو في صلب وهدف كل شيء. "حيثما اجتمع اثنان او ثلاثة أكون في وسطهم"(متى 18:20) .

فعلى المربي الديني المسيحي ان يكون كما معلمه , خبير في عملية التواصل والتفاعل  ليكون تواصل حقيقي يلمس به أعماق الطلاب . فبما ان المربي الديني هو مرسل وحامل رسالة ويجب عليه ان يوصلها الى المرسل اليهم , فعليه ان يهيء ويستخدم كل المهارات والاتجاهات والمفاهيم والوسائل والأساليب والحقائق والأفكار لكي يوصل الرسالة .

كما استخدم آباء الكنيسة الفلسفة لشرح الايمان المسيحي وايصاله الى العالم اجمع (عمّدوا الفلسفة) . فممكن للمربي الديني ان يحذو حذوهم .

وأيضا على المربي الديني المسيحي تهيئة البيئة والزمان لتوصيل هذه الرسالة والتفاعل معها , لتوصيل وديعة الايمان , فكلما كانت هذه الأمور الذي تحدثت عنها مهيئة بالطريقة الصحيحة ومعطاه بالطريقة وموصلة بالطريقة الإيجابية , يكون وصول الرسالة أوضح وبالشكل الصحيح , ويكون صدى الرسالة اقوى . هناك معيقات وصعوبات في عملية التواصل مثل طريقة الأسلوب , الوسائل , المفاهيم والمصطلحات , ظروف نفسية واجتماعية للمرسل والمرسل اليه , واخ ..... لا اريد ان اتطرق اليها . برأيي المتواضح والبسيط على المربي الديني ان يوصل القناعة والايمان والمعرفة ان يسوع المسيح حاضر فيه وفي الرسالة (وديعة الايمان) وفي المرسل اليهم (الطلاب) , وأيضا حاضر في المكان والزمان وحاضر في كل شيء ,لذلك تسقط كل المعيقات والصعوبات في عملية التواصل .

عملية التواصل مستمرة بشكل دائم , وكما ان يسوع المسيح دائما وابدا قريب منا هكذا تكون المسافات في عملية التواصل , وان تكون عيلية التواصل شاملة لكل كيان الانسان .

التواصل المسيحي الصحيح والحقيقي يغني المرسل والمرسل اليه على المستوى الايماني والإنساني وأيضا يقوي الرسالة والتمسك والعمل بها .

 

تلخيص

أن رسالة ودور المربي الديني بالأساس رسالة خلاصيّه، هو رسول الكلمة، يسوع المسيح، الذي جاء إلى العالم من أجل خلاص العالم. رسالة المربي تشمل كل ابعاد حياته اليومية العائلية والاجتماعية والتربوية، عليه أن يكون نموذج المسيحي الأصيل، ليعرّف طلابه على الله الحقيقي، ويجعلهم يبحثون عن الله في كل لحظة. وأيضا عليه ان يكون حذرا جدا لخطر خسران الايمان او افساد آدابه عند الطلاب .

دور المربي المسيحي هو أساسي لمساعدة الطلاب عيش كأبناء الله المحبوبين، يرفضون ما يشوه هذه البنوة. ويقوم دوره خصوصا بتعميق هذه المفهوم فيهم، ليحملوا هم ايضًا الرسالة إلى كل العالم، فيكونوا شهودًا في العالم.