أنت هنا

 
تذكارات بعض أنبياء "العهد القديم" في زمن "صوم الميلاد"
 
 
يسبق عيدَ "الميلاد المجيد" زمنُ تهيئة روحيّة، يُعرَف ب"صوم الميلاد". وهو بمثابة "حجّ روحيّ" حقيقيّ، تستعدّ الكنيسة من خلاله لإستقبال عريسها، "المُخلّص، المسيح الربّ" (لوقا 2: 11)، الذي هو ثمرة وعد الله للإنسان بالخلاص منذ أن خطىء هذا الأخير، مُقصِياً نفسه عن أحضان النعمة الإلهيّة... وتتراوح مدّة هذا الصوم بحسب تقليد كلّ كنيسة (من 15 يوماً إلى 25، إلى 40، إلى 43...).
 
في هذا الزمن المُقدّس، نتذكّر أنه بعد سقوط آدم مباشرةً، وعد الله الإنسان بالخلاص بواسطة "نسل المرأة الذي يسحق رأس الحيّة (الشيطان)" (تك 3: 15). وتجدّد وعد الله بالخلاص عبر "النسل" البشريّ، من خلال وعد الله لإبراهيم، حيث قال له "تتبارك في نسلكَ أمم الأرض جمعاء" (تك 22: 18). مذ ذاك، "كلّم الله الآباء بالأنبياء قديماً"، كما ورد في إفتتاحيّة "الرسالة إلى العبرانيّين" (عب 1: 1)، وإستمرّ الله بإرسال الأنبياء إلى شعبه على مدى مراحل تاريخه، (1) لتذكيره بالوعد حيناً وبثّ الرجاء فيه، و(2) لتأنيبه على خيانة هذا الوعد حيناً آخر... وكم عانى هؤلاء الأنبياء على يد شعبهم من إضطهادات وصلت إلى حدّ القتل، لدرجة وصف الربّ يسوع لمدينة أورشليم ب"قاتلة الأنبياء وراجمة المُرسَلين إليها" (متى 23: 37)...
 
وبهدف تذكيرنا بهؤلاء الأنبياء "رسل العهد القديم"، وبرسالتهم النبويّة التي هيّأت البشر للتدبير الخلاصيّ، وضعت الكنيسة تذكارات لهؤلاء على إمتداد روزنامتها الطقسيّة... اليوم، نكتفي بفكرة موجزة عن الأنبياء الذي يقع تذكارهم في زمن "صوم الميلاد"، لإرتباط نبوءاتهم بمجيء "الماسيّا المُنتظَر" وحلول الخلاص الموعود:
 
* النبيّ عوبديا الذي عاش في القرن السادس قبل الميلاد، ومن أقواله "قريبٌ يوم الربّ على كلّ الأمم" (عو 1: 15)... تذكاره في 19 تشرين الثاني.
 
* النبيّ ناحوم الذي عاش في القرن السابع قبل الميلاد، وهو سابع "الأنبياء الصغار". من أقواله "هوذا على الجبال قدَما مُبشّرٍ مُنادٍ بالسلام" (نا 1: 15). من نبوءاته خراب نينوى عاصمة الأشوريّين وإعادة مملكة يهوذا... تذكاره في 1 كانون الأول.
 
* النبيّ حبقوق الذي عاش في آخر القرن السابع قبل الميلاد (600 ق.م.)، وهو ثامن "الأنبياء الصغار". من أقواله "يا ربّ في زمننا أحيّي عملكَ، في زمننا أجعله معروفاً" (حب 3: 2). من نبوءاته خراب الهيكل والمدينة المُقدّسة ونينوى، وقد عايش إحتلال الكلدانيّين لأورشليم وسبي سكّانها... تذكاره في 2 كانون الأول.
 
* النبيّ صفنيا الذي عاش في أواخر القرن السابع قبل الميلاد (640-609 ق.م.)، وهو تاسع "الأنبياء الصغار". من أقواله "أسكتُ قدّام السيّد الربّ لأن يوم الربّ قريب، لأن الربّ قد أعدّ ذبيحة" (صف 1: 7). من نبوءاته إندثار مملكة إسرائيل، وخراب أورشليم، ورجوع الأمم الوثنيّة إلى الله، وهلاك الخاطئين، ومجد الصدّيقين، والدينونة العامة... تذكاره في 3 كانون الأول.
 
* النبيّ حجّاي الذي وُلد في بابل، ثم رجع إلى أورشليم، وهو مُعاصِر للنبيّ زخريّا. وقد رأى جزءاً من الهيكل الذي بناه زرّبابل والذي لم ينتهِ إلا سنة 516 ق.م. في عهد الملك داريوس. من أقواله "تشدّدوا يا جميع شعوب الأرض، يقول الربّ، وإعلموا فإنّي معكم يقول ربّ الجنود" (حج 2: 4-5). من نبوءاته تجسّد المسيح، وله صفحات في الهيكل الذي أخذ ينهض من أنقاضه... تذكاره في 16 كانون الأول.
 
* النبيّ دانيال الذي كان من قبيلة يهوذا وسليل الأسرة الملكيّة، ووُلد في أواخر القرن السابع قبل الميلاد. هو أحد "الأنبياء الكبار" الأربعة، وقد تميّز خاصّة بنبوءته عن "إبن الإنسان الآتي على سُحُب السماء" (هذه النبوءة التي فهمها جيّداً رئيس الكهنة في مُحاكمة الربّ يسوع، فشقّ ثوبه إستنكاراً)... كما تميّز بتفسيره لحلم نبوخذنصّر الملك، وبتفسيره الكتابة التي خطّتها يد سريّة على حائط قاعة المأدبة الملكيّة. ويُذكر أيضاً الفتية الثلاثة الذين كانوا وسط النار ولم يحترقوا، مثل العلّيقة غير المُحترقة. وقد رأى الآباء القديسون في هذَين الحدثَين رمزاً للحبل بالمسيح وولادته العجائبيّين... تذكارهم في 17 كانون الأول.
 
 
**********************************************
يجدر بنا التذكير بأن:
 
* "الأنبياء الكبار" هم أربعة: أشعيا، إرميا، حزقيال، دانيال.
* "الأنبياء الصغار" هم إثنا عشر: هوشع، عاموس، ميخا، يوئيل، عوبديا، يونان، ناحوم، حبقوق، صفنيا، حجّاي، زكريّا، ملاخي.
* إن تصنيفهم "كباراً" أو "صغاراً"، يعود فقط لحجم السفر المنسوب إلى كلّ منهم.
 

بقلم الاخ  توفيق ناصر (خريستوفيلوس)