أنت هنا

رقاد حنّة أمّ والدة الإله
25 تموز غربي (7 آب شرقي)
معلوماتنا بشأن حنّة، جدّة الإله، مستقاة من التراث المنحول. يُشار إلى أنّ الكنيسة المقدّسة ولو نبذت الكتب المنحولة ككل فإنّها أخذت ببعض ما ورد فيها. لا نجد ذكراً ليواكيم وحنّة في الكتب المقدّسة القانونية بل في إنجيل يعقوب وإنجيل مولد مريم المنحولين.
حنّة، فيما يبدو، من قبيلة لاوي، وهي آخر مولود لرئيس الكهنة من وامرأته مريم التي أنجبت أيضاً مريم وصوبي. الإبنة البكر مرين تزوّجت في بيت لحم وأنجبت المرأة الحكيممة صالومي، وتزوّجت صوبي في بيت لحم أيضاً وأنجبت أليصابات، أمّ القدّيس يوحنّا المعمدان. تزوّجت حنّة من يواكيم الحكيم في الجليل وأنجبت مريم التي صارت والدة الإله. على هذا النحو تكون أليصابات ووالدة الإله، كل للأخرى، ابنة خالتها. وعلى هذا ايضاً ، بحسب الجسد، يكون الربّ يسوع ويوحنّا المعمدان، كل للآخر، ابن خالته من الدرجة الثانية.
بعد أن وضعت حنّةُ مريمَ، والدة الإله، انصرفت إلى الصوم والصلاة وأعمال الرحمة. قيل إنّها رقدت وهي في سنّ التاسعة والستّين. أما القديس يواكيم فكان في الثمانين حين رقد. لا ندري مَن من الإثنين رقد أولاً. جلّ ما يوافينا به تراث الكنيسة أنّ مريم فقدت والديها كليهما في سنّ الحادية عشرة.
القدّيسون آباء المجمع المسكوني الخامس(533 م).
عدد هؤلاء الآباء كان مائة وخمسة وستّين. اجتمعوا في القسطنطينية برئاسة البطريرك القسطنطيني القدّيس أفتيخيوس بين الخامس من أيار والثاني من حزيران من السنة 553 م. ثمّة اختلاف في وجهات النظر في شأن الغرض من انعقاد المجمع: هل هو مصالحة المناهضين للمجمع المسكوني الرابع (خلقيدونيا) أم هو معالجة الانشقاق الكامن بين الشرق والغرب في شأن ما يُعرف بـِ "الفصول الثلاثة"، أي ثيودوروس المصيصة وثيودوريتوس القورشي وإيباس الرهاوي. كلامنا، هنا، يأخذ في الاعتبار وجهة النظر الأخيرة.
أما ثيودوروس المصيصة فكان له في الشرق إكرام بارز بالنظر إلى تفاسيره الكتابية، كما كان مُقدّم المدرسة الكتابية المعروفة بـِ "الأنطاكية". غير أنّه ترك في لاهوته جانباً مبالغاً فيه للتأمّلات الذهنية ومسلّمات الفلسفة الأسطورية، فخلص، نتيجة ذلك، إلى دحض إمكان الوحدة الحقّ بين المخلوق وغير المخلوق في شخص المسيح. بالنسبة إليه، لم يصر الكلمة إنساناً بل اتحدث الإرادة البشريّة،فيه،مع المشيئة الإلهية،مما حفظ التمييز بين الطبيعتين، وتالياً بين "شخصين". لذلك اعتُبر ثيودوروس "أب النسطورية". فبعد إدانة نسطوريوس كم قبَل مجمع أفسس (431م)، تحوّل أنصاره إلى كتابات ثيودوروس، الذي كان قد رقد في سلام الكنيسة، لتفسير العقيدة المسيحانية. القدّيس كيرللس الإسكندري، مع أنّه كتب ضدّه، تدخّل لدى القدّيس بروكلس لكي لا يطلب إدانة كتاباته صوناً لسلام الكنيسة الذي تحقّق بعد آلام سنة 438 م. لكن أفتيخيوس، الذي نبذ موقف المصالحة هذا، توصّل، بدسائسة، إلى تثبيت الطبيعة الواحدة من خلال مجمع أفسس اللصوصي (449 م). خلال هذا المجمع جرت إدانة تلميذيي ثيودوروس الرئيسيّين وممثّلي اتجاهه اللاهوتي: ثيودوريتوس وإيباس.
فلمّا كان المجمع الخلقيدوني (451)، رضي ثيودوريتوس وإيباس، بعد مداولات طويلة، أن يلقيا الحرم على نسطوريوس وأعيد اقتبالهما في شركة الكنيسة. بعد ذلك، تمخّض تفسير واقتبال المجمع المسكوني الرابع عن خلافات جديدة تركّزت على مسألة الفصول الثلاثة. فإنّ التدابير السياسية التي اتّخذها الإمبراطور زينون والبطريرك أكاكيوس لمصالحة مناهضي المجمع الخلقيدوني باءت بالفشل وأدّت إلى انقسام دام أربعين، من العام 484 إلى العام 519، بين الشرق والغرب الذي تمسّك بصورة ضيّقة، بالحرف واتّخذ موقف الدفاع عن الفصول الثلاثة.
هذا الخلاف وضع له الإمبراطور يوستينوس حدّاً. أما يوستينوس، فلكي يتصدّى للنزعة النسطورية في تفسير عقيدة خلقيدونية، أصدر مرسوماً ضدّ الفصول الثلاثة ما لبث أن أثار، من جديد، ردود فعل عنيفة في الغرب (545 م). اسُتدعي البابا فيجيلّس إلى القسطنطينية فصرّح، عند وصوله، أنّه يقطع الشركة مع البطريرك القدّيس ميناس الذي ردّ عليه بتصريح مماثل. ثمّ بعد أخذ وردّ رضي فيجيلّس أن يصالح ميناس ونشر وثيقة أدان فيها الفصول الثلاثة. بالنسبة للشرق كانت هذه البادرة فاترة فيما اعتبرتها كنائس إفريقيا وأكويلا في الغرب بمثابة خيانة وأحدثت شقاقاً في قلب الكنيسة الغربية.
فلمّا تقرّر التئام مجمع مسكوني لوضع حدّ لهذا السجال، بسط يوستنيانوس "اعترافاً إيمانياً" استمدد تعابيره من لاهوت القدّيس كيرللس، الذي ناهضه الأنصار الغربيون لـــ "الفصول الثلاثة" (551). نبذ البابا فيجيلّس هذه الوثيقة ولم يتوقّف عن وضع العراقيل أمام اجتماع المجمع. تأخّر افتتاح المجمع، بسبب وفاة القدّيس ميناس، ثمّ انطلق بزعامة خلفه القدّيس أفتيخيوس. عبّر الآباء عن حزنهم لمعارضة البابا فيما صرّح فيجيلّس أنّه يدعم، تماماً، أرثوذكسية ثيودوريتوس وإيباس. وخلال الجلسة الثامنة، عمد المجمع، رغم ذلك، إدانة الفصول الثلاثة وإلقاء الحرم على كل الذين يدافعون عنهم دون أن يدين البابا بالاسم. يُذكرأنّ المجمع ميّز بوضوح بين كتابات ثيودورويتوس الموجّهة ضدّ القدّيس كيرللس وشخصه الذي اعتُبر أرثوذكسياً، وقُدّر، بخاصة، لتفاسيره الكتابية وأطلقت عليه صفة المغبوط نظير القديس أوغسطينوس. هذا فيما أدين شخص وكتابات ثيودوروس المصيصة. ولكنف كانون الأول من العام نفسه، خضع فيجيلس لقرارات المجمع، لكنّهم يدن الفصول الثلاثة، بدوره، إلا بعد قرابة السنتين(555). يُشار إلى أنّ مسألة الفصول الثلاثة بقيت تثير الحساسيات في الغرب، بعد موت البابا فيجيلّس، إلى أن اعترف المجمع اللاتراني بالمجمع الخامس أنّه مسكوني، سنة 649 م.
وخلال اجتماع سابق للمجمع أدان الآباء، من جهة أخرى، تعليم أوريجنيس وأفغريوس البنطي وديديموس الإسكندري في شأن الوجود السابق للنفوس وسقوطها في الجسد والتجديد العام (apocatastase ) الذي يؤول إلى نكران الحريّة البشريّة.
إذ حال هذا المجمع المقدّس دون الانشقاق بين الشرق والغرب، وضع حدّاً للتيار النسطوري بإدانة كل المقولات الهرطوقية لثيودوروس المصيصة، كما اعترف بالانسجام التام بين المجمع الخلقيدوني وإيمان المجمع المسكوني الثالث في أفسس. لذلك بُعتبر، عن حقّ، مجمعاً كنسياً بامتياز لأنه بنبذه التصوّر الفلسفي في مسائل العقيدة، سواء بالشكل المنطقي الارسطي لثيودوروس المصيّصة أو بالشكل الأفلاطوني الجديد لمذهب أوريجنيس، أكّد أنّ للكنيسة نمطها الرسولي الخاص في تفسير سرّ المسيح، وأنّه إلى هذا النمط يعود الفضل في صون تمامية (integrite) الحريّة الإنسانية وإمكان اتّحادها كاملة بالله في شخص المخلّص.



