أنت هنا
تذكار نقل رفات القديس العظيم في الشهداء
جاورجيوس اللابس الظفر إلى الهيكل الجديد
المشاد على اسمه في مدينة اللد (ذيوسبوليس)
3/ 11
يوافق العيد الأساسي للقديس العظيم في الشهداء جاورجيوس اللابس الظفر يوم الثالث من نيسان من كل عام. لذلك فإننا نطالع سيرته كاملة هناك. أما الذكرى التي تحتفل بها الكنيسة اليوم فعيد ثان له كانت، أول ما كانت، مناسبة تدشين كنيسة جميلة حملت اسمه في مدينة اللد في فلسطين وجرى نقل رفات القديس إليها. حدث ذلك في القرن الرابع الميلادي، أيام الامبراطور قسطنطين الكبير (305- 337م). جدير بالذكر أن اللد هي مسقط رأس القديس، فيما كان استشهاده في مدينة نيقوميذية، العاصمة الشرقية للامبراطورية الرومانية. ومن نيقوميذية جرى نقل رفاته إلى موطنه الأصلي في فلسطين. لمزيد من التفاصيل أنظر 23 نيسان.
"تذكار القدّيسين الشهداء أكبسيماس ويوسف وأيثالا ( القرن الرابع)"
في أواخر العقد الرابع من القرن الرابع الميلادي (338 ـ 340) اجتاحت المسيحيين في بلاد فارس موجة اضطهاد واسع النطاق كان أول شهدائها الشهيد في رؤساء الكهنة سمعان الفارسي الذي تعّيد له الكنيسة في اليوم السابع عشر من شهر نيسان من كل عام. هذه الحملة امتدّت اربعين سنة وكان خاتمتها الشهداء الثلاثة الذين نعيّد لهم: أكبسيماس ويوسف وأيثالا.
ففي زمن الملك الفارسي شابور الثاني، وبالتحديد في أواخر العقد الثامن من القرن الرابع( 376ــ 379) منح شيوخ المجوس سلطات واسعة خوّلتهم ملاحقة المسيحيين في كل مكان واستعمال كافة الاساليب والوسائل اللازمة لمحو المسيحية من البلاد. الحجة في ذلك كانت ثلاثية:
أولاً: لأن المسيحيين يشكلون خطراً حقيقياً على التراث، لا سيما عبادة الشمس والنار.
ثانياً: لأن المسيحيين يهدّدون الجنس الفارسي بالانقراض حيث يشيّعون ان العذرية اسمى من الزواج.
ثالثاً: لأن المسيحيين يأبون الرضوخ للملك وسلطانه الشامل على رعاياه، فهم، بهذا المعنى، ثوّار متمرّدون يتهدّدون المملكة من الداخل.
لهذه الأسباب مجتمعة صدرت الاوامر، باسم الملك، بإلقاء القبض على أكبسيماس اسقف مدينة باكا، في مقاطعة أونيتي واستيق للاستجواب. كان أكبسيماس شيخاً في الثمانين من العمر وقورا، ممتلئاً حسنات حيال الفقراء والغرباء، كثير الأصوام والصلوات والسجود، يذرف الدموع، على الدوام، مدراراً. فحالما ألقى الجنود عليه الايدي بادره بعض اصدقائه مطمئنين بالقول: "لا تخف يا أبانا، سنحافظ لك على دارك!" فتطلع اليهم وقال: "ليس هذا البيت بعد اليوم بيتي. فأنا لا أملك غير المسيح. هو وحده ربحي. أما الباقي فلم يعد له وجود عندي".
وأخذ أكبسيماس الى مدينة أربيل حيث اعترف امام المجوس ولم ينكر انه يكرز بالإله الواحد ويدعو الناس الى التوبة وعبادة الخالق دون المخلوق، فأشبعوه لطماً وجلداً وألقوه في سجن مظلم.
ثم إنه حدث في ذلك الوقت ان القى القبض، وللأسباب عينها، على يوسف الكاهن من بيت كاتوبا. هذا أيضاً كان شيخاً ناهز السبعين من العمر كما أمسك العسكر الشماس أيثالا من بيت نوهورا وكان في الستين من العمر. هذان استيقا الى مدينة اربيل أيضاً حيث مثلا أمام شيوخ المجوس هما ايضاً.
هدّد الحاكم يوسف الكاهن بالموت بتهمة افساد الناس بالسحر الذي كان يمارسه، وكان يقصد بذلك اقامة الأسرار المقدّسة، فأجاب يوسف: "نحن لا نمارس السحر بل نعلّم الناس الحقيقة لكي ينبذوا الصور التي لا حياة فيها ويعرفوا الاله الحي الحقيقي وحده". فأردف الحاكم قائلاً:" ولكن الملك وحده على حق...". فأجابه يوسف "إن الله يحتقر الكبرياء والعظمة والغنى في هذا العالم. أجل نحن فقراء مساكين، ولكننا ارتضينا ذلك لأنفسنا طوعاً. نحن نعطي الفقراء من عرق جبيننا، أما انتم فتسرقونهم. ليس الغنى سوى وهم وخيال يزول بزوال الحياة على الأرض. وهذا هو السبب في اننا لا نتعلق به لكي نحسب أهلاً للمجد الآتي".
أثار هذا الكلام حفيظة الحاكم فأوعز الى رجاله بمعاقبة يوسف، فأشبعوه ضرباً بقضبان الرّمان الشائكة حتى جرّحوا جسمه كله.
ثم جيء بأيثالا فأمر بعبادة الشمس وشرب الدم واتخاذ امرأة لنفسه والانصياع لأوامر الملك والا واجه التعذيب والموت فأبى قائلاً: "خير لي ان اموت لأحيا من أن أحيا لأموت الى الأبد". فأخضعوه، للحال، للتعذيب. وبعدما جلدوه وحطّموا يديه ورجليه ألقوه في السجن المظلم الذي ألقي فيه أكبسيماس ويوسف.
بقي الثلاثة في السجن ثلاثة أشهر غيّر الحرمان والبرد والرطوبة والمعاناة خلالها هيأتهم حتى قيل انه ما كان بإمكان انسان مهما قسى قلبه ان يرى منظرهم المريع ولا ينفطر أسى عليهم. ثم بعد استجوابات اضافية حاول المجوس خلالها تحطيم مقاومة هؤلاء المعترفين الثلاثة دون جدوى، سقط أكبسيماس صريعاً تحت الضرب، فيما ألزم بعض المسيحيين برجم يوسف وأيثالا حتى الموت.
وهكذا قضى هؤلاء الشهداء الثلاثة واضعين بدمائهم حداً لتلك الحملة الشرسة التي طالت المسيحيين الربعين سنة في ذلك الزمان.



