أنت هنا

تذكار رفع الصليب الكريم المحيي
14/9 غربي(27/9 شرقي )
يرتبط بهذا العيد عدد من الحداث التاريخية المتباعدة. أول هذه الأحداث أن قسطنطين الملك فيما كان يستعد لمواجهة خصمه مكسنتيوس ودخول روما، أبصر، في السماء، ذات ليلة علامة الصليب المحيي في هيئة نورانية، وهذه الكتابة من حولها: " بهذه العلامة تغلب". فاتخذها شهاراً رفعه على بيارق جيشه وانتصر.
ثم انه في السنه العشرين من حكمه أوفد بعثة برئاسة إلى الأرض المقدسة ملتمساً عود الصليب ذاته. وبعدما أجرت البعثة استطلاعاً أولياً، تبين لها أن القول الشائع بين الناس والمتناقل، أباً عن جد، يفيد أن الصليب مدفون تحت هيكل فينوس الذي كان قد بناه الامبراطور ادريانوس في النصف الأول من القرن الثاني للميلاد. وباشرت البعثة بالحفر واستمرت فيه إلى أن وقعت على ثلاثة صلبان، لا واحد. فحارت هيلانه، والدة قسطنطين، في أمرها، أياً من الثلاثة يكون صليب الرب يسوع. في تلك الاثناء كانت جنازة مارة في الجوار، فقام مكاريوس، اسقف المدينة (+331)، إلى الجنازة قوقف المشيعون. ثم جيء بأعواد الصليب، الواحد تلو الآخر، فمس القديس مكاريوس بها الجثة. وما أن وقع على الميت أحد هذه هو الصلبان حتى ارتعش وعادت روحه إليه. فأيقن الجميع في ذهول أن هذا هو صليب الرب يسوع حقاً. ويقال أيضاً أن امرأة كانت في حال النزع الأخير وضع الصليب عليها فشفيت لتوّها. فقام الأسقف مكاريوس ورفع الصليب عالياً بكلتا يديه وبارك به الشعب، فخرج من الشعب صوت واحد هاتفاً: "يا رب ارحم"! ومنذ ذلك الحين رسم الآباء القديسون أن يحتفل برفع الصليب الكريم في كل الكنائس، كل عام ، في مثل هذا اليوم.
ثم ان الملك خسرو الفارسي غزا أورشليم في العام 614 فأخذ عبيداً كثيرين، كما استولى على عود الصليب وعاد به إلى عاصمته المدائن حيث بقي أربعة عشر عاماً إلى أن تمكّن الامبراطور البيزنطي هرقل من دحر خسرو واسترداده.
على أن العيد ليس احتفالاً باكتشاف عود الصليب ورفعه أو استرداده وحسب، بل بما تحقّق به. فبالصليب " أتى الفرح إلى كل العالم"، وبالصليب رفع السيد " كل طبيعة آدم الساقطة" " مسترداً جميع البشر". بالعود، تمّ تدبير الله الرهيب من أجلنا. بهذا المعنى نرتلها في صلاة المساة الكبرى، عشية العيد، " هلموا يا جميع الشعوب نسجد للعود المبارك الذي به تمّ العدل السرمدي. لأن الذي خدع آدم، الجد الأول، بالعود، خُدع بالصليب، والذي تمرّد فاستعبد الجبلة الملكية سقط مصروعاً سقطة مريعة، وبدم الله غسل سم الحية، وبالقضاء على الصدّيق ظلماً اضمحلت اللعنة المقضي بها عن عدل، لأن العود وجب أن يشفى بالعود، وآلام المحكوم عليه بالعود وجب أن تضمحل بآلام المنزّه عن الآلام. فالمجد لتدبيرك الرهيب من أجلنا أيها المسيح الإله الذي به خلّصت الجميع...".