أنت هنا
تذكار القديس الرسول يعقوب ابن حلفى
"9/10 غربي (14/10 شرقي )"
هو أحد الرسل الاثني عشر. وقد اختلف القدامى والمحدثون في شأن هويته. ففيما جرت الكنيسة، بالإجمال، على اعتباره أخ الإنجيلي متى، حسبه آخرون إياه يعقوب أخ الرب. ومن بين هؤلاء القديسان غريغوريوس النيصصي (330- 395) وابيفانيوس القبرصي (315-395) ويقول أصحاب هذا الرأي الأخير عنه أنه تربى مع يسوع في بيت مريم والدة الإله وأنه دعي أخ الرب لأنه كان ابناً لمريم امرأة حلفا أو كلاوبا، وهذه كانت، بدورها، ابنة عم أو ابنة خالة أم يسوع.
وإذا ما صح أنه أخو الرب يكون هو الذي رأس الكنيسة في أورشليم وقضى شهيداً. بهذا المعنى أورد المؤرخ اليهودي يوسيفوس، وهو معاصر له، أن يعقوب مات رجماً. وأورد مؤرخ يهودي آخر، بعد قرن من الزمن، هو هيكيزيبوس، أن اليهود أوقفوا يعقوب على جناح الهيكل ورجوه أن يحول الجمع عن الإيمان بالمسيح، ففعل عكس ما طلبوا منه. فما كان منهم سوى أن ألقوه من فوق ثم أجهزوا عليه رجماً.
أنّى يكن الآمر فان نصوصنا الليتورجية لا تمدنا بشأنه إلا بالقليل القليل، وأكثر الكلام عنه عام لا خاص. نعرف مثلاً أنه صلب كالمسيح. كذلك نعرف أنه بشّر الأمم وجلا بالكرازة الإلهية "ظلام عبادة كثرة الآلهة"، وطهر "الخليقة كلها من عبادة الأوثان"، وأنار "الشعوب بأشعة معرفة الله" وقوّض "بالنعمة هياكل الأصنام"، وشيّد "الكنائس لتمجيد إلهنا"
تذكار القديسين الزوجين البارين (اندرونيكوس) مظفر و(أثناسيا) خالدة
عاش (اندرونيكوس) مظفر و(أثناسيا) خالدة في مدينة أنطاكية، البعض يقول في القرن الرابع والبعض في القرن السادس. كان اندرونيكوس صائغاً ناجحاً، وقد توفرت له ولزوجته كل أسباب العيش الرغد. كانا تقيين سالكين في الفضيلة، شديدي العطف على فقراء الرب. وقد قسما ثروتهما الطائلة ثلاثة أقام متساوية: الأول جعلاه للفقراء في شكل عطاءات مجانية، والثاني قروضا دون فائدة، والثالث لصناعتهما ومعيشتهما. وقد بارك الله مسعاهما فأضحى ظافر من كبار رجال المال في أنطاكية.
كان لهما ولدان، صبياً وبنتاً، فربياهما خير تربية على محبة المسيح. وبعدما من عليهما الرب بثمرة البطن اكتفيا وعاشا في العفاف. وقد استمرا على هذا النحو اثني عشر عاماً إلى أن جاء يوم فقدا فيه ولديهما دفعة واحدة.
كانت الصدمة كبيرة. فأما مظفر فتصبر، وكان يتعزى بكلمات أيوب: "الرب أعطى والرب أخذ فلكن اسم الرب مباركا". أما خالدة فأبت، كراحيل، أن تتعزى، لأن ولديها ليسا بعد بموجودين. وما كان منها إلا أن جلست عند القبر في كنيسة القديس يوليانوس تنوح وتبكي وتردد: "هنا، أيضا، ينبغي لي أن أموت وأدفن بجانب ولديّ". فجاء إليها أسقف المدينة معزّيا فلم تتعز.
ثم إن القديس يوليانوس ظهر لها بنفسه، في تلك الليلة، وكان في هيئة راهب، فقال لها : "ما بالك يا بنيتي، ولماذا أنت حزينة جداً ؟!". فنظرت إليه وتهيبته، ثم اندفعت تقول له متنهدة: "كيف لا أحزن يا أبانا وقد دفنت ولديّ هنا ؟!" فقال لها أن ولديها في ملكوت السموات وأنهما أفضل حالاً، بما لا يقاس، مما كانا على الأرض. فأشرق وجهها وتعزّى قلبها، وتحولت دموع الحزن في عينيها إلى دموع فرح، فشرعت تشكر الله. وإذ حولت وجهها من جديد إلى حيث كان الراهب واقفاً لم تجده. فأسرعت إلى الباب تبحث عنه فلم تقف له على أثر. كان قد اختفى كما جاء.
وكان هذا الحادث إيذانا ببدء مرحلة جديدة في حياة الزوجين (اندرونيكوس) مظفر و(أثناسيا) خالدة. فلقد زهدا في الحياة الدنيا وعزما على اقتبال الحياة الرهبانية. فقاما يوزعان ما بقي من ثروتهما على الفقراء، ثم انطلقا إلى الأماكن المقدسة للزيارة والتبرك، كما جرت العادة في ذلك الزمان. ومن هناك انحدرا إلى بلاد مصر، قاصدين الأنبا دانيال الذي كانا قد سمعا عنه الكثير. فأرسل الأنبا دانيال أثناسيا إلى دير للعذارى في تبنيسي وأبقى اندرونيكوس عنده في الإسقيط. وهكذا بدأ الزوجان، كل على حدة، جهاداً مباركاً في مراقي حياة التوحد. وقد دام سعيهما في هذه المرحلة، أيضاً، اثني عشر عاماً بلغا بعدها قامة روحية سامية.
وتشاء العناية الإلهية أن يستأذن اندرونيكوس أباه الروحي يوماً لزيارة الأماكن المقدسة. وفي الوقت عينه خرجت أثناسيا من ديرها للغاية نفسها. ولما أرادت أن تصرف عنها الأنظار لأنه لا يوافق أن تسافر امرأة وحدها، تزيت بزي الرجال واتخذت لنفسها اسم الراهب أثناسيوس. وفي الطريق التقيا، فعرفته ولم يعرفها لأن لون بشرتها كان قد اسودّ وأضحت نحيلة القدّ. فتبادل الراهبان بعض الكلمات، ثم قررا السير معا شرط المحافظة على قانون الصمت أثناء الطريق. وبلغ الاثنان مدينة أورشليم فأكملا ما جاءا من أجله ثم قفلا عائدين إلى مصر. وفي الطريق خرجت أثناسيا عن صمتها واقترحت على اندرونيكوس أن يشتركا معاً في حياة القلاية في إحدى نواحي مدينة الإسكندرية. فذهب اندرونيكوس إلى أبيه دانيال وعرض عليه الأمر بعدما أطلعه على لقائه بالراهب أثناسيوس ونظام الصمت الذي حفظاه طوال الطريق، فأعطاه الأنبا دانيال البركة.
وهكذا عاش مظفر وخالدة معا، من جديد، لا كزوجين بل كراهبين مجدّين مدة اثني عشر عاماً كان كل واحد منهما للآخر بمثابة الملاك الحارس يرشد رفيقه ويشدده ويعزيه. وكان الأنبا دانيال يفتقدهما بين الحين والحين ويزودها بنصائحه.
وحدث أن زار الأنبا دانيال مرة هذين المناضلين. فبعدما أمضى معهما بضعة أيام انصرف عائداً إلى قلايته. وما كاد ينصرف حتى حضرت أثناسيوس ساعة الوفاة، فأسرع اندرونيكوس إلى الأنبا دانيال فأدركه في الطريق، فعاد بسرعة وأخذ يشجع الراهب أثناسيوس ثم ناوله القدسات. فأشارت أثناسيا إلى رسالة تحت وسادتها طلبت من الأنبا دانيال أن يقرأها بعد موتها. ثم بعدما رأت آن كل شيء قد تم أسلمت الروح. فآخذ الأنبا دانيال الرسالة وفضها وقرأها فاكتشف أن الراهب أثناسيوس هو امرأة لا رجل واكتشف أيضاً أن أثناسيا هي زوجة اندرونيكوس.
ودعا الأنبا دانيال كل رهبان تلك الأنحاء فجاءوا ومجدوا الله على الصبر العجيب الذي كان لهذه الأمة البارة وعظموا روح الشهادة الذي فعل فيها إلى المنتهى. فلبسوا كلهم الأبيض وحلوا سعف النخل علامة الظفر والغلبة وساروا بهذه الأخت المجاهدة إلى حيث واروها الثرى.
آما مظفر (اندرونيكوس ) فكان أوهن من أن يحتمل الصدمة فوقع مريضاً، ومات بعد ذلك بثمانية أيام، وانضم إلى رفيقة حياته في الأخدار العلوية.



