أنت هنا

11/09
 

تذكار أمنا البارة ثيودورة الاسكندرانية وزوجها البار بفنوتيوس

11/9 غربي (24/9 شرقي)

هذه كبيرة في القدّيسات لأنها كبيرة في الايمان والتوبة والعشق الإلهي ثيودورة شاهدت انه ليس خطيئة بلا مغفرة الا التي بلا توبة.

عاشت البارة ثيودورة في الاسكندرية في أيام الامبراطور البيزنطي زينون (474-491). ويبدو أنها كانت بارعة الجمال، فاغترت بنفسها. ومع انها تزوجت من شاب ورع اسمه بفنوتيوس فإن نفسها كانت تميل الى الغواية ولفت الانظار. وتعلّق بها أحد الشبان وراح يلاحقها بإصرار، وهي تمانعه ولا تمانعه حتى ظفر بها، فسقطت ثيودورة في مهاوي الخطيئة والزنى.

وما أن استفاقت من دوار الشهوة وبانت الحقيقة لناظريها جلية، حتى استبد بها شعور بالذنب عظيم، وكادت تستسلم لليأس وتقتل نفسها لولا رحمة الله وايمانها بالرب يسوع. فقامت، للحال، وتزيت بزي الرجال وقصت شعرها وشوهت وجهها وخرجت تطلب التفكير عن ذنبها.

طرقت باب الدير للرجال في الجوار وطلبت ان يقبلوها كطالب رهبنة، فظنها رئيس الدير خصيا جاء يلتمس التوبة، فقبلها وألبسها ثوب الرهبان، فصارت تعرف باسم ثيودوروس.

قضت ثيودورة في الدير سنتين كانت خلالهما راهبا مثاليا، تقبل بفرح أحط الاشغال التي تعين لها وتستغرق في الاتعاب والاصوام والأسهار والصلوات والدموع، لا تنثني عن استعطاف الله بطلباتها، تلاشي الأهواء بالنسك، وتقمع اللذات بمواصلة الابتهال. كل هذا جعلها موضع اعجاب الاخوة وإكبارهم. 

وتحرك حسد الشيطان منها، فسلط عليها، بسماح من الله، امرأة سيئة السيرة ادعت ان الراهب ثيودوروس أوقع بها وانها حملت منه. وما أن بلغ الخبر رئيس الدير حتى طردها فخرجت الى كوخ في الجوار. ويقال انها اخذت معها الطفل الذي اتهمت بأنها والده. في كل ذلك، لم تخرج كلمة واحدة من فم ثيودورة تدافع بها عن نفسها، لأنها اعتبرت ان الله سمح بذلك تكفيراً لها عن خطاياها.

بقيت ثيودورة منفيّة عن الدير سبع سنوات تجاهد جهاد الشهداء. تحتمل برد الشتاء القارص وحر الصيف اللاهب، تسلك في منتهى الفقر، وتواجه، ببأس، حيل العدو. كم من مرة تراءى لها زوجها يبحث عنها ممزّق القلب ملهوفاً، وحاول الشيطان ان يحرك عواطفها لتذهب اليه رحمة به ورأفة! كم من مرة صوّر لها الشيطان حياة النعيم في المدينة، بجانب زوجها، حاول ان يكرّهها، بالمقابل، حياة النسك المرّة! كم من مرة حاول الشيطان ان يقنعها بأنها لم ترتكب خطيئة لأن كل الناس يعيشون هكذا! كل ذلك، وغيره الكثير، قاومته ثيودورة، بعنف، وحتى الأخير، فيما راحت تنشىء وليدها المزعوم على درب الفضيلة وكأنه عطية من الله وأمانة.

ثم بعد سبع سنوات، سمح لها رئيس الدير بأن تعود الى الدير على ان تحيا في عزلة وانفراد، وهو ما شكرت الله عليه لأنها كانت قد اعتادت على حياة الخلوة.

وضاعفت ثيودورة أسهارها وأصوامها وصلواتها مبدية طاعة وصبرا عجبيين. واستمرت في ذلك سنتين ثم رقدت في الرب.

وأقبل الرهبان ليصلوا على أخيهم ثيودوروس ويدفنوه فاكتشفوا أنه امرأة اذ ذاك عرفوا مقدار قداستها وعظمة جهادها.

انتشر الخبر في كل مكان أن راهبا اسمه ثيودوروس توفي وأنه كان امرأة لا رجلاً. وسمع بفنوتيوس بذلك وتحرك قلبه فأسرع الى الدير، واذا به يكتشف أن ثيودوروس ما هو سوى ثيودورة حبيبته وزوجته. بكى بفنوتيوس طويلاً. ثم طلب من رئيس أن يقبله في عداد رهبانه، فكان له ما أراد. ويقال إنه أقام في قلاية الراهب ثيودوروس (ثيودورة) الى أن رقد، في الرب، رقود الأبرار القدّيسين.