أنت هنا

23/07
 

القدّيس الشهيد فوقا أسقف سينويى (+102 م)

23تموز غربي (5 آب شرقي)

راجع سيرته في 22 أيلول. القدّيس نيقوديموس الجبل المقدّس يظنّ أنّ عيده اليوم هو لنفل رفاته فيما يقيمه سنكسار القسطنطينية باعتباره عيده الأساسي.

القدّيس حزقيال النبي (القرن 6 ق.م)

الاسم، حزقيال، معناه "الله قوّي" أو "الله يقوّي". من الأنبياء الكبار الأربعة بعد إشعياء وإرميا. كان كاهناً من سبط لاوي. دُعي للنبوءة إما في سنّ الثلاثين وإما في السنة الثلاثين من تحرير نبوبولاصر، أبى نبوخذ نصر، بابل من سلطان آشور. يرجّح أنّه تنبّأ بدءاً من السنة 593 ق.م امتدّت نبوءته فترة لا تقلّ عن اثنين وعشرين عاماً. كان أحد الذين سُبُوا مع الملك يهوياكين، ملك يهوذا. كان، فيما يبدو، في الخامسة والعشرين من العمر يومذاك. تاريخ السبي الأول هو 598 ق.م. كيف حصل السبي؟ كان يهواقيم على يهوذا وعمل الشرّ في عيني الربّ فأنهض الربّ عليه نبوخذ نصر، ملك بابل، فاستعبده ثلاث سنوات. فلمّا تمرّد عليه أرسل إليه الغزاة التابعين له فحطّموه وآذلوه فمات ومَلَك ابنه يهوياكين عوضاً عنه. هو أيضاً سلك في سيرة أبيه فلم يدم حكمه أكثر من  ثلاثة أشهر صعد بعدها بنوخذ نصر إلى أورشليم فسبى الملك ومعه حزقيال وأشرف مَن في أمّة اليهود. بقية  الشعب في يهوذا حكمها صدقيا، ابن أخي يهوياكين. لكنّه تمرّد على نبوخذ نصر، هو أيضاً، فصعد عليه نبوخذ نصر وخرّب أوروشليم ودمّر الهيكل بعد أحد عشرعاماً من غزوتها السابقة، أي حوالي العام 587 ق.م.

حزقيال معاصر لإرميا النبي، وعلى دراية بنبوءته. ثمّة مَن يبدي أنّه يتناول ملاحظاته التعليمية أو خطاباته القصيرة فيوضحها ويوسّعها.

عاش حزقيال مع المسبيّين على نهر خابور، وهو قناة في أرض بابل، وربما كان في تل أبيت . تزوّج في أوائل الثلاثينات من العمر وكان له بيت. حَمَل حمل شعبه. خدم بين البؤساء والمطحونين والمعذّبين. بنوئته شطران أساسيان: يتّسم أولهما بالتهديد والوعيد. تفوّه به حزقيال قبل خراب أورشليم والهيكل وقبل سبي فوج جديد من اليهود إلى بابل في العام 587 ق.م. هذا يمتد في التبوءة حتى الإصحاح الرابع والعشرين. والشطر الثاني،إلى آخر النبوءة، فيه وعد وعد ورجاء أنّ الله مفتقد شعبه متى حان إنصافه واكتمل سبيه الذي سوف يمتد، بحسب إرميا، سبعين عاما.

حكم الربّ على أوروشليم كان تأديباً بعدما صُمّت الآذان وقست القلوب. "في نجاستك زذيلة لأنّي طهّرتك فلم تطهري ولن تطهري بعد من نجاستك حتى أحل عضبي عليك. أنا الربّ تكلّمت . يأتي فأفعله. لاأطلق ولا أشفق ولا أندم. حسب طرقك وحسب أعمالك يحكمون عليك يقول السيّد الربّ" (حز 24:13 – 14). لذا منع  الربّ حزقيال نبّيه من النوح والبكاء فكان عليه أن يحمل ألمه على شعبه بسكوت. "يا ابن آدم هانذا آخذ عنك شهوة عينيك بضربة فلا تَنُح ولا تبك ولا تنزل دموعك. تنهّد ساكناً، لا تعمل مناحة على أموات. لفّ عصابتك عليك واجعل نعليك في رجليك ولا تغط ّ شاربيك ولا تأكل من خبز الناس"(حز 24: 15 – 17). حتى لمّا ماتت زوجته مساء استبان، على الألم ، صلباً فولاذياً، بنعمة الله. كان الربّ قد بثّه تلك الصلابة، بإزاء تصلّب بيت إسرائيل، لما قال له: " هانذا قد جعلت وجهك صلباً مثل وجوههم وجبهتك صلبة مثل جباههم. قد جعلت جبهتك كالماس أصلب من الصوّان فلا تَخَفْهم ولا ترتعب من وجوههم لأّنهم بيت متمرّد" (حز 3: 8 - 9).مأساة الربّ مع الشعب لم تكن أن الشعب لا يشاء أن يسمع بل أنّه لم تعد لكلمة الله جذور في قلوبهم. كلمته منهم كالحَبَ الواقع على أرص محجرة لا جذور لها. لذا قال  الربّ الإله بفم نبيّه:"ويأتون إليك كما يأتي البشعب ويجلسون أمامك كشعبي ويسمعون كلامك ولا يعملون به لأنّهم بأفواههم يُظهرون شوقاً وقلبهم ذاهب وراء كسبهم..."(حز32:31 ). النبي واع وَهَن النفوس ومع ذلك يدعو إلى التوبة: "توبوا وارجعوا عن كل مصاصيكم ولا يكون لكم الإثم مهلكة ... اعملوا لأنفسكم قلباً جديداً وروحاً جديدة... لأنّني لا أسر بموت من يموت يقول السيّد الربّ . فارجعوا واحيوا" (حز 18: 30 – 32).

الرؤيا الأولى كان لحزقيال بين المسبيّين عند نهر خابور. ليس الله في أرض يهوذا وحسب بل في بابل وتل أبيب ونهر خابور أيضاً. في أرض الضيق والشدّة والتعب والمعاناة ظهر مجد الله جليلاً مهيباً. رؤيا الحيوانات. رؤيا البكرات. رؤيا مجد الرب. وجوه الحيوانات الأربعة كانت شبه وجه إنسان وأسد وثور ونسر. وعند العديد من آبائنا كإيرانيوس وأثناسيوس الكبير وغريغوريوس اللاهوتي وأمبروسيوس ميلان أن هذه الوجوه هي للمسيح المتجسّد كما يُصوّر في الأناجيل الأربعة: الإنسان إشارة لمتى والأسد لمرقص والثور للوقا والنسر ليوحنا. وقيل أيضاً إنما الإشارة بوجه الإنسان هي إلى الحكمة والأسد إلى القوّة والثور الاحتمال والنسر إلى السمو.

ثمّ أعطي حزقيال درّجاً، كُتب فيه من داخل ومن قفاه مراث ونحيبّ وويل. وأمر أن يأكله فصار في فمه حلواً كالعسل (2: 10 ؛3:3). الدرْج هو كلام الله إلى المسبيّين لينقله لهم "إن سمعوا وإن امتنعوا". بأكل الدرْج كان مفترضاً بحزقيال أن يصير واحداً وكلمة الهه، أن يلتزمها في حشاه. هذا جعل الكلمة، على حلاوتها في فمه، مُرة في حرارة روحك (14:3) لأنّها تطال العلاقة التي تربطه بشعبه من حيث هي كلمة دينونة للشعب وعقاب.

يد الربّ على حزقيال كانت شديدة ، فقد جعله رقيباً على اسرائيل، حارساً ومنذراً. تحت الطاعة بات وحياته رهن بخدمته. "قد جعلتك رقييباً لبيت إسرائيل... إذا قلتً للشرّير موتاً تموت وما أنذرته أنت ولا تكلّمت إنذاراً للشرّير من طريقه الرديئة لاحياته فذلك الشرّير يموت بإثمه، أما دمه فمن يدك أطلبه. وإن أنذرت أنت الشرّير ولم يرجع عن شرّه ولا عن طريقه الردئية فإنه يموت بإثمه، أما أنت فقد نجّيت نفسك" (3: 17،18 – 21).

وكان على حزقيال أن يمثّل بالرسم حصار أورشليم وكَسرَ قوام الخبز فيها "فيأكلون الخبز بالوزن وبالغم ويشربون الماء بالكيل وبالحيرة لكي يعوزهم الخبز والماء ويتحيّروا ... ويفنوا بإثمهم" (4: 16 – 17).

ثمّ تأتي آية حلق النبي رأسه ولحيته. ثلث شعره يحرفه بالنار إشارة للذين سيُحرقون أو يموتون بالمجاعة والوباء داخل المدينة. والثلث الثاني يضربه بالسيف إشارة لمَن سيموتون قتلاً بالسيف. والثلث الثالث يذرّيه إلى الريح رمزاً لمَن يُسبَون ويُشرّدون في كل مكان.

بعد ذلك، في الإصحاح الثامن، رَفَع روحٌ حزقيال بين الأرض والسماء ونقله في رؤى الله إلى أورشليم ليبصر الرجاسات العظيمة التي يعملها بيت إسرائيل: شيوخ إسرائيل يبخّرون لأشكال دبّابات وحيوانات نجسة وأصنام مرسومة على الحائط، والنسوة يبكين علي تمّوز والرجال يسجدون للشمس نو الشرق وقد ملأوا الأرض ظلماً.

ثمّ في الإصحاح التاسع يُوسم كل الذين يعبدون الله ويُبقَون ويُهلك الباقون.

في الإصحاح الثاني عشر يستبين النبي آية للجلاء العتيد للشعب وأنّه لا يتنبّأ لأزمنة بعيدة بل ما يتكلّم به حاصل عن قريب.

وفي الإصحاح الثامن عشر يقطع الربّ على الشعب حجّة أن آباءهم أكلوا الحصرم وهم ضرسوا. "لا يكون لكم من بعد أن تضربوا هذا المثل في إسرائيل"(18: 3). "النفس التي تخطئ هي تموت. الابن لا يحمل من إثم الأب والأب لا يحمل من إثم الابن. برّ البار عليه يكون وشرّ الشرّير عليه يكون" (18: 20). الله لا يُسرّ بموت الشرّير إلى أن يرجع ويحيا (18: 23). لذلك اطرحوا عنكم كل معاصيكم "واعملوا لأنفسكم قلباً جديداً وروحاً جديدة" (18: 31).

وإذ كان الويل عنوان الإصحاحات الأربعة والعشرين الأولى من حزقيال فالرجاء هو عنوان الإصحاحات المتبقيّة.

في الإصحاح الرابع والثلاثين ويل لرعاة إسرائيل الذين يرعون أنفسهم دون الغنم، ولكنْ مصحوبٌ بوعد من الله بالسؤال عن غنمه وافتقادها  (34: 11) . لا تكون بعد غنيمة ويحكم الله بين شاة وشاة. لذا قال: "أقيم عليها راعياً واحداً فيرعاها عبدي داود، هو يرعاها وهو يكون لها راعياً,. وأنا الربّ أكون لهم إلهاً وعبدي داود رئيساً في وسطهم. أنا الربّ تكلّمت" (34: 23 – 24).

وإذ كان الربّ في الإصحاح الثامن عشر قد حثّ الشعب على طرح معاصيه عنه وأن يعمل لنفسه قلباً جديداً وروحاً جديدة، فإنّه في الإصحاح السادس والثلاثين يعطيهم أن يحقّقوا ذلك. "وأعطيكم قلباً جديداً وروحاً جيدية في داخلكم وأنزع قلب الحجر من لحمكم وأعطيكم قلب لحم وأجعل روحي في داخلكم تسلكون في فرائضي وتحفظون أحكامي وتعملون بها" (36: 26 – 27). وبعد أن يطهّر الربّ الإله بيت إسرائيل من كل آثامه تُبنى الخرَب... وتُفلح الأرض... وتصير الأرض الخربة كجنة عدن والمدن المفقرة معمورة...يد الربّ هي التي تفعل لا لأنّهم صالحون بل لأنّه هو الصالح.

ثمّ يأتي الإصحاح السابع والثلاثون برؤيا القيامة. بيت إسرائيل، بشرياً، مغلق عليه كما في قبر لكن الله يقيمه. إنّها رؤيا العظام اليابسة هذه العظام هي كل بيت إسرائيل القائلون: "يبست عظامنا وهلك رجاؤنا. قد انقطعنا". لكنْ يتنبّأ النبي ويقول لهم: "هكذا قال السيّد الربّ. هانذا أفتح قبوركم وأصعدكم من قبوركم يا شعبي...فتعلمون أنّي أنا الربّ عند فتحى قبوركم إصعادي إيّاكم ... وأجعل روحي فيكم فتحيون..." (37: 12 – 14). وفي الرؤيا عينها أن العظام تتقارب ويكسوها العصب واللحم وينبسط عليها الجلد، ثمّ يدخل فيها الروح فيحيون ويقومون على أقدامهم جيشاً عظيماً جداً.

بعد ذلك، بين الإصحاحين الأربعين والثامن  الأربعيم، يستبين الهيكل الجديد الذي يقيم فيه مجد الله وكذلك الحياة المقدّسة التي "تخرج من عتبة البيت نحو الشرق وتذهب إلى البحر فتُشفي المياه". البيت إنما هو جسد الربّ يسوع الذي قال لليهود أن ينقضوا الهيكل وهو مقيمه في ثلاثة أيام، وكان يشير إلى هيكل جسده وقيامته. أما المياه المقدّسة التي تشفي العالمين فهي التي جرت من جنب السيّد وتملأ الدنيا ضياء وتحيل الأمم إسرائيل جديداً.

القدّيس الشهيد في الكهنة أبوليناريوس ورافينا مع فيتالي وزوجته فاليري الشهيدَين (القرن 1/ 2 م)

 أصل القدّيس أبوليناريوس من أنطاكية السورية. تبع القدّيس بطرس إلى رومية. أرسل إلى رافينا للكرازة بكلمة الله. نجح واضطهده الوثنيّون . طردوه من المدينة. أبحر إلى كورونثوس. بشّر في ميسيا وتراقيا. عاد إلى رافينا. قلَبَ صنماً لأبولون. أوقف لكنّه تمكّن من الإفلات. عاد الوثنيّون فقبضوا عليه وعذّبوه حتى مات في قرية للُبرص. أتعابه  الرعائية كانت جمّة وقد ورد أنّه أعتُبر شهيداً بفضلها.

أما القدّيس فيتاليوس فكانت له مكانة مرموقة في الجيش. تبع القاضي بولينوس إلى رافينا معاوناً. جئ يوماً بطبيب مسيحي إلى المحكمة. عُذّب وحُكم عليه بقطع الرأس. في اللحظة الأخيرة بدا مستعداً لإنكار المسيح. فيتاليوس الذي كان حاضراً شجّعه على الثبات في الإيمان لئلا يُحرم إكليل  الشهادة، ثمّ واراه الثرى بإكرام. أوقف بدوره وعُرّض للتعذيب. استاقه بولينوس إلى حيث جرى قطع رأس أورسيسيانوس، الطبيب المسيحي. هناك طمره بالرمل والحجارة فقضى شهيداً للمسيح.

أما فاليري، زوجة فيتاليوس فانتقلت إلى ميلانو حيث اعترفت بالإيمان وأبت أن تشترك في احتفال وثني، فضربوها بقسوة حتى ماتت.