أنت هنا
القديس المجيد النبي صموئيل
(20 آب غربي) 2/9 شرقي
خبر صموئيل النبي نجده في سفر صموئيل الأول، حسب النص العبري، وفي سفر الملوك الأول حسب اليوناني السبعينية. أصل النبي من الرامة وهي قصبة من قبيلة أفرايم. أمه حنة، المحتفى بها في 9 كانون الأول، كانت إحدى زوجتي المدعو ألقانا وكانت عقيمة الحشا. تحملت، بألم كبير، تعيير ضرتها كلما انتقلت العائلة إلى شيلو المعبد، كل سنة، لتقرب أضاحيها. لكن سمع الله صلواتها فأنجبت مولودا ذكرا أسمته صموئيل الذي تفسيره "مقتنى من الله". فلما انفطم الصبي جرى تكريسه للرب وأُسلم إلى عالي الكاهن، في شيلو، ليخدُم الله هناك كل أيام حياته أمام تابوت العهد.
نما صموئيل في النعمة والقامة لدى الله، وقد انتفع من عشرة الكهنة والأتقياء فنشأ على سريعة موسى, ولما يتأثر بالعبادات الوثنية التي أفسدت الشعب، يومذاك. في أزمنة الارتداد تلك كان ظهور الله لإسرائيل قليلا جدا. رغم ذلك، في إحدى الأمسيات، فيما كان صموئيل، وقد بلغ الثانية عشرة من العمر، نائما في الهيكل حيث اشتعل نور مشيرا إلى حضرة الله، سمع صوتا يدعوه باسمه. ظنّ أن عالي الكاهن يناديه فذهب إليه وسأله ماذا يريد فصرفه لينام. تكرر النداء ففهم عالي أن الله يدعو الولد فقال له: متى جاءك الصوت فقل "تكلم يا رب فإن عfدك يسمع". وما إن جاءه الصوت، مرة اخرى، وأجاب بالكلمات التي لقنه إياها عالي، حتى تكلم الله وأعلن لصموئيل أنه سوف يعاقب عالي وبيته بسبب السلوك الأثيم لولديه اللذين كانا يستغلان ذبائح تقدمات الشعب. في الصباح ألحّ عالي على صموئيل أن يطلعه عما كشف له الرب الإله فأفضى إليه صموئيل بما عنده ولم يُخفِ عنه شيئا. مذ ذاك أخذ الرب الإله يظهر لصموئيل، وكل شعب إسرائيل حسبه نبيا وأسماه "الرائي" ووقّر كلمته ككلمة الله عينه.
وإذ استمر ابنا عالي في تعدّيهما غير مباليَين بتحذير أبيهما نزل بهما حكم الله. فإن الفلسطينيين هزموا إسرائيل هزيمة قاسية فاستحضر العبرانيون تابوت العهد الذي استقبله رجال الحرب بالهتاف. خاف العدو لكنه بدل أن يهرب أمام إسرائيل انقضّ عليه يأسا. بنتيجة ذلك سقط ثلاثون ألفا من العبرانيين واستولى الفلسطينيون على تابوت العهد. أحد الناجين ركض وأخبر بالكارثة في شيلو. وإذ وجد عالي الكاهن، وكان قد بلغ التسعينات، جالسا عند عتبة بيته، أنبأه بموت ولدَية في المعركة وأن تابوت العهد أخذه الفلسطينيون غنيمة. فلما سمع عالي ذِكر التابوت سقط إلى الوراء واندكّ عنقه فمات.
في تلك الأثناء، أدخل الفلسطينيون التابوت إلى معبد إلههم داجون، لكنهم اكتشفوا، في اليوم التالي، أن الصنم سقط أرضاً وتكسر. وكانت يد الرب على الفلسطينيين وضربهم البواسير. بنتيجة ذلك ردّوا التابوت إلى العبرانيين فبقي التابوت في بيت أبيناداب في بيت يعاريم عشرين سنة.
خلف صموئيل النبي عالي الكاهن قاضيا لإسرائيل، أي رئيسا يتولى إرشاد الشعب المقهور المثقل بنير العبودية للفلسطينيين. اهتم بالإصلاح الروحي وجال واعظا حاثا على التوبة والعودة إلى حفظ الشريعة ونبذ عبادات البعل وعشتاروت. "ثبتوا قلبكم في الرب ينجِّكم من الفلسطينيين". هذا كان برنامج حكومته. نظم تجمعا كبيرا في المصفاة صام خلالها الإسرائيليون واعترفوا بخطيئتهم أمام الله علانية وتوسط النبي لخلاصهم. حاول الفلسطينيون التصدي لهم فقدم النبي حملا، ذبيحة محرقة ودعا باسم الرب، وردّ الرب بإحداث جلبة في السماء. وإذ استبدّ الذعر بالفلسطينيين نزلت بهم ضربة قاسية واستردّ الإسرائيليون المدن التي كانوا قد خسروها.
وإذ عاد السلام تابع صموئيل النظر في القضاء لإسرائيل في الرامة حيث أقام مذبحا. كل سنة، كان يقوم بجولة في البلاد ليقطع في الخلافات ويحثّ الشعب على التقي وحفظ الشريعة. فلما شاخ نقل سلطاته إلى ابنيه يوئيل وأبيا اللذين استقرّا في بئر السبع. لكن استبان هذان غير مستحقَّين لأبيهما، فكانا يقبلان هدايا ويلويان الحق. هذا حدا بشيوخ إسرائيل إلى التشكي لدى صموئيل في الرامة وطلبوا أن يكون لهم ملك يحكمهم كبقية الأمم. حزن النبي لطلبهم لكنه رضخ لرغبتهم بناء لأمر الله. حّّّّّّّذرهم، في احتفال، أنهم بتأسيس المملكة سوف يفقدون الحرية التي اختصهم الرب الإله بها حيث جعلهم الشعب الوحيد الذي ملكه ورئيسه هو الخالق.
أُرسل صموئيل، على هذا، إلى شاول ابن كيش من سبط بنيامين، وهو محارب مغوار يفوق كل شعبه في الهيبة والشجاعة. أخذه على حدة وسكب على رأسه زيت المسحة معلنا أن الله اختاره رئيسا لإسرائيل ومنجيا له من أعدائه. وإن انتصارا ساحقا على العمونيين أكد، بعد ذلك بقليل، هذا الاختيار الإلهي، وأُعلن شاول ملكا في الجلجال من الشعب كله بابتهاج. أما صموئيل فأعلن أنه قد أتمّ ما عليه وأنه يترك لهم ملكا على رأسهم لينصرف، من ألان فصاعدا، إلى الصلاة والتعليم. وقد حثّهم على الأمانة لله ومسيحه. ولكي يختم كلامه صلى وجعل، بنعمة الله، رعدا ومطرا فيما كانت السماء مشعّة.
أما شاول فحارب الفلسطينيين. وفيما كان في وضع حرج وتأخّر صموئييل عن الوصول لتعزية المحاربين الذين كانوا على وشك التراجع، قدّم الملك بنفسه ذبيحة المحرقة متجاوزا سلطاته وخاصا نفسه بالوظيفة الكهنوتية. فما إن انتهى من تقدمته حتى وصل صموئيل. رفض رجل الله كل التبريرات التي قدمها شاول وأعلن له أنه بسبب تفرّده وعدم محافظته على شريعة الله فإن المُلك سوف يؤخذ منه. هذا لم يبعث شاول على التوبة بل استكبر. واذ اعدّ نفسه، مرة اخرى، لخوض المعركة، تجاوز الكاهن الذي استُدعي لاستطلاع ما يشاؤه الله ونزل إلى المعركة. حارب من كل جهة. حارب موآب والعمونيين وآدوم وعمّاليق والفلسطينيين، فنجّى إسرائيل ببسالته. غير أن هذه الإنتصارات بقيت قابلة للعطب لأنها قامت على قوى بشرية. وإذ أرسل شاول على عماليق بناء لأمر الله الذي تكلم في صموئيل أحرز انتصارا جديدا. لكنه بدل ان يُحرّم كل هذا الشعب ترك الملك أجاج وخيرة البهائم له ولما يقدم لله غير فطعان لا قيمة لها. أما صموئيل فتكلم، من جديد، بصفته المفسِّر، بلا مهادنة، لمشيئة الله فأعلن أن هذه المعصية الجديدة هي ختم لإنحطاط شاول. قال له: "هل مسرّة الرب بالمحرقات والذبائح كما باستماع صوت الرب. هوذا الإستماع أفضل من الذبيحة والإصغاء أفضل من شحم الكباش. لأن التمرد كخطية العرافة والعناد كالوثن والترافيم. لأنك رفضت كلام الرب رفضك من المُلك" (صم الأول 22:15-23). سأل شاول الصفح عبثا، وبعدما قتل أجاج الملك بيديه عاد صموئيل إلى الرامة.
فيما كان صموئيل يبكي مصير الملك شاول أُرسل إلى بيت لحم من الله، إلى يسّى من سبط يهوذا، ومسح، سرا، داود الشاب ملكا لإسرائيل. وإذ خرج روح الله من شاول استبدّ به روح خبيث وعانى طفرات جنون. في ذلك الوقت دخل داود في خدمة الملك كحامل لسلاحه وهدّأ من روع شاول باللعب على القيثارة، حين كان الروح الخبيث يستبدّ به. كان محظيّا لديه. لكنه حين أحرز داود انتصارات باهرة وأُعجب الشعب به تحول ميل شاول إلى كراهية قاتلة حياله. هذا جعل داود يهرب من أمامه ويلجأ إلى الرامة، إلى صموئيل.
رقد صموئيل، بعد ذلك، ممتلئا أياما واجتمع كل شعب إسرائيل في الرامة ليندبه. بعد ذلك أُكرم صموئيل كأحد الشفعاء الكبار للعهد القديم نظير موسى وهارون. لذلك قيل في المزمور 6:98 :"موسى وهارون بين كهنته وصموئيل بين الذين يدعون باسمه. وقد دعوا الرب فاستجاب لهم".
ورد أن رفاته نُقلت من فلسطين إلى القسطنطينية زمن الإمبراطور أركاديوس، في 19 أيّار سنة 406م. أُودعت في كنيسة الحكمة المقدسة ثم نُقلت إلى الكنيسة التي جُعلت على اسمه في إحدى ضواحي المدينة، في أبدومون.



