أنت هنا
القديس الشهيد في الكهنة إغناطيوس المتوشح بالله (+107م)
20/12 غربي (2/12 شرقي)
اسم اغناطيوس يعني النار الشديدة الإشتعال. هو أسقف أنطاكية خليفة ايفوذس، وقد عاشر الرسل وتتلمذ، مع القديس بوليكاربوس، للقديس التلميذ يوحنا الحبيب اللاهوتي. وآخرون يقولون أنه الولد الذي أخذه الرب يسوع بين ذراعيه قائلاً: من وضع نفسه مثل هذا الولد فهو الأعظم في ملكوت السموات (متى 18: 4)
يدعى القديس إغناطيوس "الحامل الإله" أي "المتوشح بالله". وعلى زمن الإمبراطور ذومتيانوس الطاغي (81-96م) انضرف إغناطيوس إلى تشديد المسيحيين ليثبتوا في اعترافهم وإيمانهم إلى المنتهى. كان يزورهم في السجون ويغبطهم لأن الله إصطفاهم شهوداً له بدمائهم. وكان يتطلع بشوق إلى اليوم الذي فيه يُقتاد إلى ساحة الإستشهاد.
والقيصر ترانوس الطاغي الذي خلف دومتيانوس على روما كان همه الأول تجديد البيعة للآلهه وإلزام المسيحيين بتقديم فروض العبادة لها. عندها أدرك إغناطيوس أن ساعة الشهادة قد اقتربت. فذهب إلى الإمبراطور وأجاب على أسئلته بنفسه. فلفظ الإمبراطور قرار حكمه على إغناطيوس: هذه إرادتنا أن إغناطيوس الذي يقول أنه يحمل المصلوب في نفسه يُقيد ويُساق إلى روما لتفترسه الوحوش هناك تسلية للشعب. فهتف إغناطيوس فرحاً: أشكرك، ربي، لأنك أهلتني للكرامة إذ أنعمت عليّ بعربون المحبة الكاملة لك وأن أُقيد بسلاسل من حديد، أسوة برسولك بولس، من أجلك.
اقتاد رجل الله إلى رومية عشرة جنود أسماهم فهوداً لأنهم عاملوه بقسوة ووحشية رغم وداعته. وقد رافقه الشماس فيلون من كيليكيا وشخص آخر اسمه ريوس أغاثيوبوس. الذان دونا أعمال استشهاد قديسنا. كان بعض الرحلة في البحر وبعضها سيراً على الأقدام. وقد كانت لرجل الله فرصة التوقف قليلاً في عدد من المحطات على الطريق حيث وافاه ممثلون عن الكنائس المحلية للتعزية والتبرك. في إزمير التقى القديس بوليكاربوس، أسقف المدينة، وكذلك أونيسيموس. أسقف أفسس، وديماس أسقف مغنيسا، وبوليبوس أسقف تراليان. كما تسنى له أن يكاتب عدداً من كنائس آسيا الصغرى وكذلك صديقه بوليكاربوس. ولنا سبع من هذه الرسائل هي تحفه من تحف الكتب الآبائية لما تنضح به من روح الرب والإيمان الراسخ بيسوع المسيح والغيرة على الكنائس. وكذلك المعلومات القيمة عن الكنيسة الأولى وبعض صعوباتها واهتماماتها وموافقتها. وقد اقتبس عدد من قديسي الكنيسة ومعليميها، منذ القرن الثاني للميلاد، استشهادات من هذه الرسائل. من هؤلاء القديس إيريناوس أسقف ليون، وأوريجانيس المعلم وافسافيوس القيصري. وأثناسيوس الأسكندري، ويوحنا الذهبي الفم، وثيوذوريتوس. الرسائل موجهه إلى كل من أهل أفسس ومغنيسيه وتراليان وروميه وفيلاذلفيا وإزمير. وهناك واحدة وجهها إلى بوليكاربوس، أبرز هذه الرسائل وأكثرها شفافية ونارية ودفقاً روحياً رسالته إلى أهل رومية.
كتب القديس إغناطيوس رسائله وهو في طريقه إلى الكوليسي (مدرج) الوحوش/ مكان الاستشهاد، ويتضح من كلامه أنه امتداد للإنجيل، وبالأخص لرسائل بولس، من حيث الروح. وقد كتب بقوة وعزيمة رسائلة كقوله في شأن تأكيد الالتفاف حول الأسقف: "الروح يقول لا تفعلوا شيئاً بدون الأسقف" (فيلاذلفيا). وكما وأشار أن الشهيد شهيد لكل الكنيسة: أن ضحيتكم المتواضعة أيها الأفسسيون إني أقدم ذاتي من أجل كنيستكم الذائعة الصيت إلى الأبد" (أفسس 8). "أقدم ذاتي من أجل الذين يخضعون للأسقف والكهنة والشمامسة" (بوليكاربوس 1). وقد أشار قديسنا أيضاً في رسائله إلى نظرته حول الشهادة، فيقول الشهادة لأجل المسيح هي شرف وكرامة (مغنيسية 1)، هي المبتغى في اقتداء آلام الرب، الشهادة هي الحياة، هي السبيل إلى النور النقي، الشهادة ماء يدمدم في أعماقي ويقول تعال إلى الرب (رومية 1) القريب من السيف هو قريب من الله.. أن تكون وسط الوحوش يعني أنك مع الله شرط أن يكون ذلك باسم الرب يسوع المسيح. اني أحتمل كل شيء لأتألم معه.. (إزمير 4) القيود هي الجواهر الحقيقية (أفسس 11) كما ويشير قديسنا أن الشهيد يحتاج أيضاً إلى محبة الكنائس وصلواتها في كل مكان. لأهل أفسس يقول أنه يرجو صلواتهم أن يوفق في مصارعة الوحوش في رومية ويؤهل للتلمذة الحقيقية (أفسس 1).
اقتيد الشهيد إلى مرفأ سلفيكيا على بعد ستة عشر ميلاً من أنطاكية، هناك آثر الجنود الطريق الطويل بدل الطريق القصير إلى رومية ولا نعرف لماذا. ربما ليزرعوا الرعب في نفوس المؤمنين. توقفوا في إزمير ثم سافروا إلى طرواده فإلى نيابوليس في مقدونية وإلى فيليبي، ثم عبروا إبيروس سيراً على الأقدام، ثم بحراً إلى دلماتيا فعبروا بريجيوم وبوتيولي فإلى أوسيتا عند مصب التيبر على بعد ستة عشر ميلاً من رومية. من هناك أسرع به الجنود إلى مدرج رومية. ووصلوا في اليوم العشرين من شهر كانون الأول. وكان آخر أيام العروض والتسليات العامة. وسلم إلى والي المدينة مع الرسالة القيصرية فأمر الوالي بسياقه إلى الحلبة طعماً للأسود. دخل القديس رجل الله بثبات وفرح إلى الحلبة، فانقض عليه أسدان وافترساه ولم يتركا منه غير عظامه العريضه. وقد جمع المؤمنون من عظامه ما تيسر وعادوا بها إلى أنطاكية حيث أودعت في القبر خارج أبواب ذفني، ثم على عهد الإمبراطور المسيحي الرومي ثيوذوسيوس الصغير نقلت إلى كنيسة في مدينة أنطاكية، واليوم توجد رفاته في كنيسة بوليكاربوس في رومية.



