أنت هنا

27/12
 

القديس استفانوس أول الشهداء ورئيس الشمامسة

27 /12غربي  (9 /1 شرقي)

 

هو باب الشهداء وطريق القديسين وزعيم الاستشهاد الذي قدّس بجهاداته أقطار العالم، كما تشير خدمتنا الليتورجية. اسمه معناه "تاج" أو "إكليل من الزهور". هو يهودي الجنس وقد تعلم الناموس على يد المعلم الشهير غملائيل. واستنار بنور الإيمان. ففي تلك الأيام التي تلت نزول الروح القدس على التلاميذ. ازداد عدد المؤمنين وازدادت أعباء الرسل الأثني عشر لجهة توزيع حاجات الجسد على الجماعة. وقد لاحظ الرسل التلاميذ أن حاجات الجماعة تتم على حساب البشارة. فأختارت الجماعة سبعة رجال مشهوداً لهم بالإيمان والتقوى، ممتلئين من الروح القدس، ولهم من الحكمة والدراية ما يسمح لهم بالقيام بعمل التوزيع اليومي والاعتناء بالجماعة على أفضل وجه ممكن. وهؤلاء استفانوس وفيلبس وبروخورس ونيكانور وتيمون وبرميناس ونيقولاوس الدخيل الأنطاكي. وقد صلى الرسل ووضعوا على المنتخبين الأيادي. (أعمال الرسل 6)

أما استفانوس فكان المتقدم في الشمامسة، كما لاحظ الذهبي الفم، وكان رجلاً مملوءاً من الإيمان والروح القدس والقوة، يصنع العجائب وآيات عظيمة في الشعب. وكان خطيباً لبقاً واجه اليهود بخطابة كتابية فائقة الإقناع والحكمة. وقد أثارت مواهبه حفيظة اليهود فاجتمع عليه عدد منهم، من الليبرتينيين، أي اليهود المُعتقين، ومن القيروانيين الليبيين ومن الإسكندرية ومن كيليكيا وآسيا الصغرى يحاورونه ويجادلونه فلم يتمكنوا منه فاشتدوا غيظاً ولجأوا إلى الإفتراء وزرع الدسائس لينالوا منه. واتهموه بأنه جدف على موسى وعلى الله، وهكذا هيجوا الشعب ضده. فقبض عليه عليه وأوقفوه أمام مجمع السبعين وهو المجمع عينه الذي حكم على الرب يسوع بالموت. وكما أقام اليهود شهود زور عليه. 

وفي ردّ استفانوس على اتهامات الحاقدين المفترين كان ممتلئاً من نور الرب حتى أن وجهه بدا كوجه ملاك. وقد بين لهم كيف أن ابراهيم أب المؤمنين، تبرر لدى الله وحظي بنعم عظيمة من دون الهيكل ومن دون أن يكون له ميراث أرض ولا وطأة قدم. كذلك كيف أنقذ الرب الإله يوسف فيما حسده أخوته وباعوه غلى مصر. ثم كان موسى الذي قال لبني اسرائيل نبياً مثلي سيقيم لكم الرب إلهكم من إخوتكم له تسمعون. هذا أنكره الآباء قائلين من أقامك علينا رئيساً وقاضياً. فيما جعله الله رئيساً وفادياً فأخرج إسرائيل من مصر بآيات وعجائب. وعاند الآباء فلم يشاؤوا أن يكونوا طائعين له بل دفعوه ورجعوا بقلوبهم إلى مصر، فجعلوا لهم آلهة يعبدونها من دون الله وظنّوا بموسى الظنون، فعاد الله وأسلمهم إلى نجاسة قلوبهم. ومع أن الله لا يسكن في هياكل مصنوعات الأيدي لأن السماء كرسي له والأرض موطئ لقدميه فإن سليمان بنى له بيتاً. لكن إقامة الله وسط شعبه تتخطى البيت. هذا وغيره دلَّ دائماً على مقاومة اليهود للروح القدس. لذلك لا يتردد استفانوس في المجاهرة بإيمانه بالمسيح البار والحكم على اليهود بقساوة الرقبة ونجاسة القلب والأذن مثلهم مثل آبائهم. 

هذا القدر من الكلام الناري كان كافياً ليشعل في اليهود غيظاً شديداً فصرّوا بأسنانهم عليه وسدّوا آذانهم. وإذ شخص إلى السماء رأى مجد الله ويسوع قائماً عن يمين الله فشهد قائلاً: "ها أنا أنظر السموات مفتوحة وابن الإنسان قائماً عن يمين الله". هذا كان عندهم قمة التجديف وعنده قمة الحق وملء الروح القدس. فهاج الشعب عليه فأخرجوه خارج أبواب المدينة ورجموه، والذين شهدوا أنه جدّف خلعوا ثيابهم عند رجلي شاول، الذي تسمى بولس فيما بعد. وإذ انهالت عليه الحجارة كالسيل سأل من أجل نفسه "أيها الرب يسوع اقبل روحي" وسأل أيضاً من أجل قاتليه: "يا رب لا تقم لهم هذه الخطيئة".

كان رقاد استفانوس، في أواخر السنة نفسها التي صلب فيها الرب يسوع. وثمة من يذكر أن ذلك كان السادس والعشرين من كانون الأول من تلك السنة. العلامة غملائيل شجع بعض المسيحيين وحثهم على المجيء ليلاً وحمل جسد استفانوس تلميذه لكي يدفنوه في مكان يبعد عشرين ميلاً عن أورشليم يدعى كفر غملا أي حقل غملا (حي الطيرة في رام الله، اليوم)، حيثما دفن غملائيل أيضاً في ما بعد. وقد حفر على قبره اسم خليال الذي يعني إكليل أي استفانوس. وفي سنة 451م اُوحي في الحلم إلى رجل دين تقي اسمه لوكيانوس كان كاهناً على كنيسة بالقرب من الحقل المشار إليه عن المكان الذي كان مدفوناً فيه أو الشهداء فأخبر في الحال يوحنا بطريرك أورشليم وقتئذ بذلك وعند حفر المكان الذي أشار إليه وُجد فيه ناووس مكتوب عليه بالعبرانية "استفانوس" ففتحوه وأخذوا منه الجسد الشريف وأتوا به إلى أورشليم بموكب عظيم.