أنت هنا
القديسان الشهيدان فوتيوس وأنيكيتوس (304م)
(12/8 غربي ) 25/8 شرقي
عاش القديسان فوتيوس وأنيكيتوس في نيقوميذية، العاصمة الشرقية للإمبراطورية الرومانية، زمن الإمبراطوريين ذيوكليسيانوس ومكسيميانوس. فوتيوس كان ابن أخ أو أبن أخت أنيكيتوس، وقيل لا بل أخوه.
في ذلك الزمان أصدر ذيوكليسيانوس مرسوماً أوجب فيه على كل مواطن أن يُظهر ولاءه للإمبراطور بتقديم العبادة للأصنام، وهدد المسيحيين بكل أنواع التعذيب والنفي إلى أقصى الأرض إذا لم يذعنوا. هذا أحدث في العاصمة اضطرابا ليس بقليل. وقد عمد عدد كبير من المسيحيين، خوفا من العذابات، إلى نكران الإله الواحد وخضعوا لأوامر قيصر، فيما قاوم الراسخون في الإيمان، بجرأة، كل تهديد. وإذ تسلحوا بعلامة الصليب الظافر اعترفوا، بالفم الملآن، باسم المسيح وبذلوا أنفسهم للتعذيب. امتدّ الاضطهاد إلى مختلف مدن الإمبراطورية وتسبب في وقوع ضحايا لا تعد ولا تحصى. وعلى مدى سنتين كان ذيوكليسيانوس يتنقّل بين تسالونيكي ونيقوميذية ليقف على سير تنفيذ مراسيمه في الشأن المذكور. وقد جمع المشيخة، بحضور العسكر، وأمر بعرض أدوات التعذيب، المنجنيق والعجلة والمشواة وما سوى ذلك. مجرد النظر إلى هذه الأدوات كان يثير الهلع. ثم خطب في الجموع. وفيما عمّ الاضطراب الشديد، تقدم عضو في المشيخة، الكونت أنيكيتوس، المعروف بسعة ثقافته وحكمته. تقدم من الإمبراطور وتوجه إليه بجسارة وسخرية من التهديدات الباطلة التي أطلقها صونا لأوثان لا حياة فيها ولا طاقة لها على الدفاع عن نفسها. ثم اتّهمه بإعلان الحرب على الإله الحي وأنه يجبر الناس، المخلوقين على صورة الله ومثاله، على السجود لحجرة منحوتة ولخشب محفور. وأضاف: وحده المسيح هو السيد الحقيقي للسماء والأرض وبه تُعطى كل سلطة للملوك والحكام، إذ هو وحده مزيِّن السماء بالنجوم والأرض برونق النباتات والحيوانات خدمة للإنسان وحثّا له على تمجيد الله. أغاظ هذا الكلام ذيوكليسيانوس فاتّهم أنيكيتوس بالتجديف على الآلهة. أجاب القديس، لتوِّه، وسأل الإمبراطور أن يبين له، بحجج صلبة، أيا هي حسنات الأصنام التي لا يمكننا، بحال، أن نسميها آلهة لأنها بحاجة للنحت والتزيين. ثم اعترف بإيمانه بإله واحد في ثلاثة أقانيم: آبا وابنا وروحا قدسا، يُسبِغ على المسيحيين نعمة الظفر على أمير هذا العالم. استبان الجمهور مائل إلى أنيكيتوس. ولولا تدخل الجنرال بلاسيديس لكان الطاغية فتك بالناس.
عمد ذيوكليسيانوس إلى جلد القديس بأعصاب البقر وأطلق عليه أسدا استحال، بنعمة الله، حملا ولم يؤذه. صلبه وعرّضه للنار فانحفظ. انضم إليه فوتيوس ومجد الله معه. أُثقِلَ الاثنان بالسلاسل وأُلقيا في السجن. مثلاً، ثانية، أمام الإمبراطور، بعد ثلاثة أيام، فعرّضهما للنار من جديد ولرجم الرعاع والجر وراء أحصنة برية وفُرِكت جراحهما بالملح. أخيراً قضيا في النار. وقد انكشفت رفاتهما، بعد سنوات طويلة، لخور أسقف يُدعى دوكيتيوس. وقد بُنيت كنيسة إكراما لهما وجرت بهما عجائب جمّة.



