أنت هنا
القديسان الرسولان برثولماوس وبرنابا (القرن الأول م) (11 حزيران غربي)
24/6
برثولماوس، كما يظن البعض، هو إياه نثنائيل. أسرائيلي لا غش فيه وأول من قال عن يسوع إنه ابن الله (يو49:1). من قانا في الجليل. هو واحد من الإثني عشر الذين تبعوا المسيح حتى إلى آلامه وشهدوا لقيامته. قيل إنه كرزبالإنجيل في مقاطعة العربية السعيدة. بشّر، أول أمره،بمعية فيليبس الرسول وأخته مريامني، في آسيا الصغرى. فلما قضى فيليبس بيد الوثنيين انتقل إلى العربية وفارس وبلاد الهند. كابد الجوع والبرد والأخطار والضطهادات والسجون. نقل إلى العديد من الوثنيين نور الحق. أخيرا انتقل إلى ارمينيا حيث أكمل سعنه صلبا، على غرار معلمه، في البانوبوليس عن أمر المك أستراغوس بعدما هدى ولدا له إلى المسيح وحرر ابنته من ربقة الشيطان. ورد أنرفاته أُودعت صندوقا من رصاص وأُلقيت في البحر وبنعمة الله بلغت جزيرة ليباري، في صقلية، حيث حصلت بها عجائب جمّة.
أما الرسولبرنابا فلعله تعلم على غمالائيل المذكور في سفر أعمال الرسل. كان يقيم في أورشليميوم تشكّلت الجماعة المسيحية الأولى. يُحصى في عداد الرسل السبعين.أول معلومةبشأنه وردت في أع 36:4 حيث قيل إنه لما كان المسيحيون الأوائل يبيعون ما لهم من حقولوبيوت ويأتونبأثمانها ليضعوها عند أرجل الرسل ل "يُوزع على كل واحد كما يكون له احتياج" فإن يوسف الذي دُعي من الرسل برنابا المترجَم ابن الوعظ، وهو لاوي قبرسي الجنس، إذ كان له حقل باعه وأتى بالدراهم ووضعها عند أرجل الرسل.
من جهة أخرى، بعد ثلاث سنوات انقضت على هداية بولس الرسول، فرّ من دمشق وأتى إلى اورشليم حيث حاول الالتصاق بالتلاميذ، لكن خضي الجميع جانبه لأنه ظُنّ أنه يتظاهر بالتلمذة ليوقف المسيحيين. أما برنابا فأخذه معه وأخبر كيف أن المسيح ظهر له وبأي ثقة كرز بالإنجيل في دمشق مخاطرا بنفسه. فلما تيقّن الإخوة من صدقيته صار يدخل ويخرج معهم في أورشليم مجاهرا باسم الرب يسوع.وإذ حاولاليونانيونأنيقتلوه أخذه الإخوة و" أحدروه إلى قيصرية وأرسلوه إلى طرسوس" أع 30:9) . في ذلك الحين لما بلغ أورشليم الخبر أن عددا كبيرا من الأمم اهتدى إلى المسيح في أنطاكية، أوفد الرسل برنابا للاستطلاع والوقوف على ما جرى. فلما وصل إلى هناك ورأى نعمة الله "فرح ووعظ الجميع أن يثبتوا في الرب بعزم القلب لأنه كان رجلا صالحا ممتلئا من الروح القدس والإيمان. فانضم إلى الرب جمع غفير" (أع 23:11-24). إثر ذلك خرج برنابا إلى طرسوس طالبا بولس الذي كان يُعدى شاول. فلما وجده جاء به إلى انطاكية. "فحدث أنهما اجتمعا في الكنيسة سنة كاملة وعلما جمعا غفيرا.ودُعي التلاميذ مسيحيين في أنطاكية أولا" (أع 26:11). في تلك الأيام انحدر انبياء من اورشليم إلى انطاكية. فلما قام واحد منهم اسمه أغابوس وأشار بالروح "أن جوعا عظيما كان عتيدا ان يصير على جميع المسكونة" (إع 28:11) –وهذا صار في أيام كلوديوس قيصر – أرتأى التلاميذ حسبما تيسّر لكل منهمأنيرسلوا شيئا خدمة إلى الإخوة الساكنين في اليهودية. "ففعلوا ذلك مرسلين إلى المشايخ بيد برنابا وشاول" (أع 30:11). وقد كمّل الرفيقان الخدمة بمعيّة يوحنا الملقب مرقص (أع 25:12) ورجعا إلى انطاكيا.
في أنطاكية في ذلك الحين، كان هناك أنبياء ومعلمون، برنابا وسمعان نيجر ولوكيوس القيروانيومناين وشاول. فبينما هميخدمونالرب ويصومون "قال الروح القدس أفرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه . فصاموا حينئذ وصلوا ووضعوا عليهما الأيادي ثم أطلقشوهما" (أع 2:13-3). إنطلقا برفقة يوحنا مرقص خادما. وبعدما حطّوا في سلوكية سافرا في البحر إلى قبرص. في سلاميس، المدينة الرئيسية هناك، نادى برنابا شاول، بكلمة الله في مجامع اليهود. فلما أتيا إلى بافوس، في الطرف الآخرمن الجزيرة، حيث كان يقيم الوالي الروماني، سرجيوس بولس، كلماه عن طلب منه أن يسمع كلمة الله، فقاومهما مشير له، رجل ساحر نبيّ كذّاب يهودي اسمه باريشوع. هذا، على كلمة بولس، كانت يد الرب عليه فعمي ولم يعد يبصر الشمس إلى حيث إذ سقطعليه ضباب وظلمة فجعل يدور ملتمسا من يقوده بيده. "فالوالي حينئذ لما رأى ما جرى آمن مندهشا من تعليم الرب " (أع 12:13).
من بافوس أقلع الرفيقان إلى برجة بمفيلية فإلى أنطاكية بيسيدية حيث بدا كأنهما أثارا اهتمام المدينة برمّتها مما ملأ اليهود غيرة فجعلوا يقاومون ما قاله بولس مناقضين مجدفين (إع 45:13). إذ ذاك جاهر بولس وبرنابا وقالا: "كان يجب أن تُكلموا انتم أولا بكلمة الله ولكن إذ دفعتموها عنكم وحكمتم أنكم غير مستحقين للحياة الأبدية هوذا نتوجّه إلى الأمم (أع 46:13). هذا وقد حرك اليهود النساء المتعبدات الشريفات ووجوه المدينة واثاروا اضطهادا على بولس وبرنابا وأخرجوهما من تخومهم (أع 50:13).
من أنطاكية بيسيدية أتى برنابا وبولس إلى إيقونية حيث آمن جمهور كثير من اليهود واليونانييين. غير أن اليهود غير المؤمنين عرّوا وأفسدوا نفوس الأمم على الإخوة. أخيرا حصل من الأمم واليهود مع رؤسائهم هجوم ليبغوا عليهما ويرجموهما فشعرا به وهربا إلى لسترة ودربة والكورة المحيطة. في لسترة شفى بولس رجلا عاجزالرجلين مقعدا من بطنأمه لم يمشِقط. هذا جعل الجموع يعاملونهما وكأنهما من الآلهة. فكانوا يدعون برنابا زفس وبولس هرمس. ولما أرادوا أن يذبحوا لهما مزّقا ثيابهما وهتفا بالجموع: "أيها الرجال لماذا تفعلون هذا. نحن أيضا بشر تحت آلام مثلكم نبشركم أن ترجعوا من هذه الأباطيل إلى الإله الحيّ الذي خلق السماء والأرض والبحر وكل ما فيها، الذي في الأجيال الماضية ترك جميع الأمم يسلكون في طرقهم. مع أنه لم يترك نفسه بلا شاهد وهو يفعل خيرا يعطينا من السماء أمطارا وأزمنة مثمرة ويملأ قلوبنا طعاما وسرورا" (إع 15:14-17).وبالنتيجة رجم الجموع بولس بعدما أقنعهم يهود أتوا من أنطاكية وإيقونية. وفي الغد خرج بولس وبرنابا إلى دربة فبشّرا وتلمذا كثيرين. وإذ عادا إلى لسترة وإيقونية وأنطاكية بيسيدية شدّدا أنفس التلاميذ ووعظاهم أن يثبتوا في الإيمان وانتخبا لهم قسوسا في كل كنيسة وصليا بأصوام واستودعاهم للربّ (أع 14).
من بيسيدية أتى الرسولان إلى بمفيلية وتكلما بالكلمة في برجة ثم نزلا إلى أتالية ومن ثم سافرا في البحر إلى أنطاكية "حيث كانا قد أُسلما إلى نعمة الله للعمل الذي أكملاه"
بعد أنطاكية السورية صعد برنابا وبولس إلى الرسل والمشايخ في أوشليم.فإن منازعة ومباحثة ليست بقليلة حصلت لهما مع قوم من اليهودية قدموا إلى أنطاكية وجعلوا يعلمون الإخوة "أنه إن لم تختتنوا حسب عادة عومسى لا يمكنكم أن تخلصوا" (أع 1:15). وإذ حضرا إلى أورشليم أخبرا بكل ما صنع الله معهما. فلما اجتمع الرسل والمشايخ ونظروا في الأمر حصلت مباحثة كثيرة رأوا، مع كل الكنيسة، بنتيجتها أن يوفدوا برسابا وسيلا، وهما متقّدمان بين الأخوة، مع بولس وبرنابا مزوّدين برسالة مودّهة إلى الإخوة الذين من الأمم في أنطاكية وسورية وكيليكية. في الرسالة ورد ما يلي: "إذ قد سمعنا أن أناسا خارجين من عندنا أزعجوكم بأقوال مقلبين أنفسكم وقائلين أن تختتنوا وتحفظوا الناموس،الذين نحن لم نأمرهم، رأى الروح القدس ونحن {وقد صرنا بنفس واحدة} أن لا نضع عليكم ثقلا أكثر غيرهذه الأشياء الواجبة أن تمتنعوا عما ذُبح للأصنام وعن الدم والمخنوق والزنا التي إن حفظتم أنفسكم منها فنعمّا تفعلون "(أع 15). فلما قرئت الرسالة على الإخوة في أنطاكية فرحوا لسبب التعزية. وفيما لبث سييلا هناك استمر بولس وبرنابا يعلّمان ويبشران مع آخرين كثيرين بكلمة الرب. فلما عزما على السفر لافتقاد الإخوة في كل مدينة سبق لهما أن ناديا فيها، وقع بينهما خلاف بسبب يوحنا مرقص، وهو ابن أخت برنابا. برنابا كان يشاؤه أنيرافقهما وبلس لم يشأ لأن يوحنا سبق له أنغادرهما في بمفيلية. وبالنتيجة أخذ برنابا مرقص وسافر وإياه إلى قبرص فيما اختار بولس سيلا واجتاز في سورية وكيليكية.
أما برنابا، فقد ورد في التراث أنهاجتاز في سلاميس فكرز وهدى الكثيرين إلى أن حضر يهود من سورية أخذوا ينشرون بين الشعب أن برنابا يكرز بأكاذيب. فلما درى برنابا بالأمر وعرف أن ساعته قد حانت أطلع مرقص على قرب مغادرته وعيّن له الموضع الذي ينبغي له أن يواريه الثرى فيه ثم يُطلع بولس على الأمر. وإذ دخل إلى المجمع جاهر بكلام ناري في شأن يسوع أنه ابن الله الحيّ، صرّ اليهود السوريون على أسنانهم وهجموا عليه. وقيل رجموه كما رجموا القديس استفانوس، أول الشهداء، وألقوه في جمر النار، لكنه انحفظ بنعمة الله. وقد أمكن مرقص أن يدفنه كماأوصى، ثم انتقل إلى أفسس حيث أطلع بولس على شهادة برنابا.
هذا وقد ظهر الرسول برنابا لأسقف سلاميس، أنثيموس، سنة 488م، زمن الإمبراطور البيزنطي زينون ودلّه عل الموضع الذي كان جسده موارى فيه. فلما كُشف عن الجسد تبين أنه لم يكن قد إنحلّ. وكانت على صدره نسخة من إنجيل متى باليونانية، قيل نسخها القديس بخط يده. هذه كانت الأعجوبة التي استندت إليها كنيسة قبرص لتحظى من الإمبراطور بتثبيت استقلالها عن الكنيسة الأنطاكية بعدما نالته قانونيا في مجمع أفسس (431).



