تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة "إفرحي يا ملكة السماء" وتحدث إلى المؤمنين قبل الصلاة عبر الشبكة من مكتبة القصر الرسولي بدلا من الإطلالة التقليدية من النافذة المطلة على ساحة القديس بطرس، ويأتي هذا التغيير في إطار إجراءات وقائية أمام انتشار فيروس الكورونا، وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها: في إنجيل اليوم نصغي إلى بداية ما يُعرف "بخطاب وداع" يسوع. إنها الكلمات التي وجّهها يسوع لتلاميذه في العشاء الأخير، قبل أن يواجه آلامه. في لحظة مأساويّة كهذه بدأ يسوع يقول: "لا تَضْطَرِبْ قُلوبُكم". وهو يقول ذلك لنا نحن أيضًا في مآسي الحياة. ماذا ينبغي علينا أن نفعل لكي لا تضطرب قلوبنا؟
تابع الأب الأقدس يقول يشير الرب إلى علاجين للاضطراب. الأوّل: "آمنوا بي". يبدو أنّها نصيحة نظريّة ومجرّدة. لكنّ يسوع يريد أن يقول لنا شيئًا ثمينًا. هو يعرف أن الخوف الأكبر والاضطراب، في الحياة، يولد من الشعور بأننا لن ننجح وباننا وحدنا وبدون مرجع إزاء ما يحصل. هذا الخوف، الذي تُضاف إليه الصعوبات لا يمكننا أن نتخطاه وحدنا. لذلك يطلب منا يسوع أن نؤمن به، أي ألا نتّكل على أنفسنا وإنما عليه. لأنَّ التحرُّر من الاضطراب يمرُّ عبر الاتكال والاستسلام؛ ويسوع قد قام من الموت وهو حيّ لكي يكون دائمًا إلى جانبنا، وبالتالي يمكننا أن نقول له: "يا يسوع، أنا أؤمن أنّك قمت من الموت وأنّك إلى جانبي. أؤمن أنّك تُصغي إلي. أحمل إليك ما يجعلني أضطرب ومخاوفي: أنا أؤمن بك وأتّكل عليك".
من ثمّ أضاف الحبر الأعظم يقول هناك علاج ثاني للاضطراب يعبّر عنه يسوع بهذه الكلمات: "في بَيتِ أَبي مَنازِلُ كثيرة... وإِذا ذَهَبتُ أَعددتُ لَكُم مُقاماً". هذا ما فعله يسوع من أجلنا: لقد حجز لنا مكانًا في السماء. لقد أخذ على عاتقه بشريّتنا لكي يأخذها أبعد من الموت، إلى مكان جديد، إلى السماء لكي نكون حيثما هو. إنّه اليقين الذي يعزّينا: هناك مكان محفوظ لكل واحد منا. فلا نعيشنَّ بدون هدف وبدون وجهة. هناك من ينتظرنا ونحن قيّمون بالنسبة له. إن الله مغرم بنا نحن أبناءه، ولقد أعدَّ لنا المكان الأجدر والأجمل: الفردوس. لا ننسينَّ هذا الأمر أبدًا: إن المسكن الذي ينتظرنا هو الفردوس. نحن هنا مجرد عابري سبيل، لقد خُلقنا للسماء وللحياة الأبديّة ولكي نعيش للأبد. للأبد: إنه شيء لا يمكننا الآن ولن نتمكّن أبدًا من تصوّره. لكن من الأجمل أيضًا أن نفكّر أن هذا الـ "للأبد" سيكون في الفرح والشركة الكاملة مع الله والآخرين بدون دموع وحقد وانقسامات وقلق.
تابع البابا فرنسيس يقول ولكن كيف نبلغ الفردوس؟ ما هي الدرب؟ هذه هي جملة يسوع القاطعة اليوم: "أَنا الطَّريقُ". إن الدرب للصعود إلى السماء هو يسوع: أي أن يكون لدينا علاقة حيّة معه ونتشبّه به في المحبّة ونتبع خطواته. ويمكنني أنا المسيحي أن أسأل نفسي: "ما هي الدرب التي أتبعها؟". هناك دروب لا تحمل إلى السماء: دروب السلطة وروح العالم ودروب تحقيق الذات. وهناك درب يسوع، درب الحب المتواضع والصلاة والوداعة والثقة. ليست درب حب الظهور وإنما درب يسوع رائد حياتي. والسير قدمًا كل يوم قائلاً له: "ما رأيك يا يسوع بخياري هذا؟ كيف كنت ستتصرّف في هذه الحالة ومع هؤلاء الأشخاص؟" سيساعدنا أن نطلب من يسوع، الذي هو الدرب، الإرشادات إلى السماء. لتساعدنا العذراء مريم، سلطانة السماء، لكي نتبع يسوع الذي فتح لنا الفردوس.