تشير معطيات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) إلى أن ستمائة وتسعين مليون شخص عانوا من آفة الجوع خلال العام 2019، مع ارتفاع بواقع عشرة ملايين قياسا مع العام 2018، وستين مليونا قياسا مع العام 2015. هذا ما جاء في تقرير أعدته المنظمة الأممية حول الأمن الغذائي وأوضاع التغذية في العالم في ضوء الجهود المبذولة من أجل تحقيق الأهداف الإنمائية مع حلول العام 2030. أوضح التقرير أنه بعد خمس سنوات على تعهّد قادة الدول بوضع حد للجوع في العالم وتوفير الأمن الغذائي واحتواء حالات سوء التغذية، ما تزال الأهداف المرجوة بعيدة المنال.
للمناسبة أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى منظمة الفاو المطران فرناندو شيكا أريلانو الذي اعتبر أن التقرير الصادر عن المنظمة الأممية يُظهر مدى ابتعاد الجماعة الدولية عن هدف التغلب على الجوع في العالم ويبيّن أننا لسنا في المسار الصحيح. ولفت إلى أن الوضع الطارئ اليوم يتعلق بمسألتين: أولا من يعانون من سوء التغذية، ثم من أصيبوا بأمراض نتجت عن سوء التغذية. وسلط سيادته الضوء بنوع خاص على وجود العديد من الأطفال حول العالم الذين يعانون من هذه الظاهرة، مذكراً بأن البابا فرنسيس تطرق أيضا إلى هذا الموضوع في رسالته العامة "كن مسبحا".
هذا ثم شدد الدبلوماسي الفاتيكاني على ضرورة تعزيز التعاون الدولي وممارسة التضامن في العالم من أجل التغلب على آفة الفقر وانعدام المساواة والظلم الاجتماعي. واعتبر أن العالم يحتاج إلى سياسات سليمة، مشيرا في الوقت نفسه إلى أهمية أن يُساعد المنتجون الصغار، وأن تُخفّض أسعار المواد الغذائية الأساسية مع العلم أن مشكلة سوء التغذية مرتبطة ارتباطا وثيقا بآفة الفقر.
وتوقع تقرير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أن تتسبب جائحة فيروس كورونا المستجد وإجراءات الحد من انتشار الفيروس، في دفع أكثر من مائة وثلاثين مليون شخص حول العالم نحو "الجوع المزمن" مع حلول نهاية العام الجاري 2020. وقالت المنظمة في تقريرها الصادر يوم أمس الاثنين حول "حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم"، قالت إن الوباء "يكثف نقاط الضعف والقصور في أنظمة الغذاء العالمية". وأوضح التقرير أنه "على الأقل، قد يعاني ثلاثة وثمانون مليون شخص آخر، وربما ما يصل إلى مائة واثنين وثلاثين مليونا من الجوع خلال العام 2020 نتيجة الركود الاقتصادي الناجم عن جائحة كوفيد 19.
وأفاد التقرير أن "أفريقيا هي المنطقة الأكثر تضرراً من حيث النسب"، حيث يعاني تسعة عشر فاصلة واحد بالمائة من سكانها من سوء التغذية، تليها آسيا بنسبة ثمانية فاصلة ثلاثة بالمائة، ثم أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بنسبة سبعة فاصلة أربعة بالمائة. ومع تأثير الوباء على الأمن الغذائي، أكد التقرير، أن تحقيق هدف التنمية المستدامة للقضاء على الجوع بحلول عام 2030، أصبح "أمرا مشكوكا فيه". وعبر التقرير ختاما عن التزام المسؤولين الأمميين في دعم جهود مختلف الدول من أجل تحقيق التنمية المستدامة للإنسان وكوكب الأرض على حد سواء.
في سياق متصل أكدت منظمة أوكسفام المعنية بمكافحة الجوع في العالم أن تقرير الأمم المتحدة الأخير بشأن أوضاع سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي في العالم "مقلق للغاية" ويظهر تراجع المنظومة الغذائية. وأوضحت أنه "يتعين على الحكومات أن تمول بالكامل النداء الصادر عن الأمم المتحدة بشأن جائحة كوفيد 19، وأن تلغي ديون البلدان المنخفضة الدخل، لتتمكن من توفير الموارد اللازمة للتصدي لارتفاع الجوع المرتبط بالوباء. وطالبت منظمة أوكسفام، في معرض تعليقها على تقرير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة الفاو، بـإيجاد طرق أكثر إنصافا وقوة واستدامة لإطعام الناس. وهذا الأمر يعني إعطاء الأولوية لاحتياجات صغار منتجي الأغذية، ومعالجة أزمة المناخ، وضمان حصول جميع العمال على أجر يكفي لسد احتياجاتهم الأساسية.