بمناسبة الذكرى السنوية الخمسين على صدور الرتبة الطقسية لتكريس العذارى وجّه قداسة البابا فرنسيس رسالة كتب فيها لخمسين سنة خلت، أصدر المجمع المقدّس للعبادة الإلهيّة، وبتفويض من القدّيس البابا بولس السادس، الرتبة الطقسية الجديدة لتكريس العذارى. وقد فَرَضت الجائحةُ الحالية تأجيلَ اللقاء الدولي الذي دعا إليه مجمع معاهد الحياة المكرّسة وجمعيات الحياة الرسولية للاحتفال بهذه الذكرى الهامّة. لكن وبالرغم من ذلك أرغب في أن أنضمّ إلى شكركن على عطيّة الربّ المزدوجة هذه لكنيسته -كما قال لكنّ القدّيس البابا يوحنا بولس الثاني بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين -: الشكر على الرتبة المجددة وعلى إعادة جمعية النساء المؤمنات إلى الجماعة الكنسية.
تابع البابا فرنسيس يقول تجد طريقة عيشكنّ أصلها الأوّل في الرتبة الطقسية، ويقوم شكلها القانوني على القانون رقم ٦٠٤ من مجموعة قوانين الحق القانوني الكنسي واعتبارًا من عام ٢٠١٨، على التعليمات حول جمعية العذارى صورة الكنيسة العروس. تسلّط دعوتكنّ الضوء على الغنى المتنوّع الذي لا ينضب لمواهب روح القائم من الموت الذي يجدّد كلّ شيء. وهي في الوقت عينه علامة رجاء: إنّ أمانة الله الآب لا تزال اليوم أيضًا تضع في قلوب بعض النساء الرغبة في التكرّس للربّ عبر بتوليّة يعشنها في بيئتهنّ الاجتماعية والثقافية المعتادة، المتجذّرة في كنيسة خاصّة، وفي شكل من أشكال الحياة القديمة وإنما وفي الوقت عينه جديدة وحديثة.
أضاف الأب الأقدس يقول لقد عمّقتنّ، برفقة الأساقفة، خصوصيّة شكل حياتكنّ المكرّسة، واختبرتنّ أن التكرُّس يجعل منكنّ في الكنيسة جمعية من النساء المؤمنات. تابِعنَ في هذا الطريق، وتعاونَّ مع الأساقفة حتى تكون هناك مسارات جادّة من تمييز للدعوات ومن التنشئة الأساسيّة والمستمرّة. إنّ هبة دعوتكنّ في الواقع، تظهر في سيمفونية الكنيسة، التي تتعلّم الكثير عندما ترى فيكنّ نساء قادرات على عيش عطية الأخوّة.
تابع الحبر الأعظم يقول بعد خمسين سنة من تجديد الرتبة الطقسية، أودّ أن أقول لكنّ: لا تطفئن نبوءة دعوتكنّ! لقد دعيتنّ، ليس بفضل جدارتكنّ، إنما بفضل رحمة الله، لكي يشعَّ في حياتكنّ وجه الكنيسة، عروس المسيح، التي هي عذراء لأنها، بالرغم من كونها مكوّنة من خطأة، تحافظ على استقامة الإيمان، وتحمِل وتربّي إنسانية جديدة.
أضاف البابا فرنسيس يقول مع الروح القدس ومع الكنيسة بأسرها ومع كلّ مَن يصغي للكلمة، أنتنّ مدعوّات لكي تسلِّمنَ ذواتكنّ للمسيح وتقُلنَ له: "تعال!"، ولكي تثبتنَ في القوّة التي تنبع من جوابه: "أَجَل، إِنِّي آت ٍعلى عَجَل!". تمثل زيارة العريس هذه آفاق مسيرتكنّ الكنسية، وهدفكنّ، والوعد الذي يجب أن تقبلنه كلّ يوم. بهذه الطريقة يمكنكنّ أن تكنّ نجومًا توجّه مسار العالم.
تابع الحبر الأعظم يقول أدعوكنّ إلى قراءة نصوص الرتبة الطقسية والتأمّل بها، لأنّه فيها يتردّد معنى دعوتكنّ: أنتنّ مدعوّات لأن تختبرن وتشهدن أنّ الله قد أحبّنا أوّلًا في ابنه، وأنّ حبّه للجميع، وهو قادر على تحويل الخطأة إلى قدّيسين. في الواقع، "لقد أَحَبَّ المسيحُ الكَنيسة وجادَ بِنَفسِه مِن أَجْلِها، لِيُقدَسَها مُطهِّرًا إِيَّاها بِغُسلِ الماءِ وكَلِمَةٍ تَصحَبُه". وسوف تظهر حياتكنّ التوقَ الإسكاتولوجي الذي يحرّك الخليقة بأكملها، والذي يحفّز التاريخ بأسره، ويولد من دعوة القائم من الموت: "انهضي، يا جميلتي، وهلمّي!".
أضاف الأب الأقدس يقول أمّا العظة التي تقترحها رتبة طقوس التكريس فتحفّزكن على أن "تُحبِبنَ الجميع وتُفضِلنَ الفقراء". بالتكرّس تصبحن خاصّة الله دون أن تكنّ غريبات عن البيئة التي تعشن فيها والتي دعيتن إلى تقديم شهادتكن فيها بأسلوب القرب الإنجيلي. ليساعد تكرُّسكن البتولي الكنيسةَ، من خلال هذا القرب المميّز من رجال ونساء اليوم، على حبّ الفقراء، وتمييز الفقر المادّي والروحي، ومساعدة الأشخاص الأكثر هشاشة وضعفًا، والذين يعانون من أمراض جسديّة ونفسيّة، الصغار والمسنّين، والمُبعدين والمهمّشين.
تابع البابا فرنسيس يقول كنّ نساء رحمة وخبيرات في الإنسانية. نساء تؤمنُ بقوّة الحنان والمحبة الثوريّة (الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل، ٢٨٨). تُعلّمنا الجائحةُ أنه قد حان الوقت لإزالة عدم المساواة وإصلاح الظلم الذي يهدِّد جذور سلامة البشرية بأسرها! إنّ ما يحدث في العالم يهزكنّ: لا تغمضن أعيُنَكنّ ولا تهرُبن. اعبرن الألم والمعاناة بصفاء؛ وثابرن في إعلان إنجيل ملء الحياة للجميع.
أضاف الأب الأقدس يقول إنّ صلاة التكريس، التي تلتمس لكنّ هبات الروح المتعدّدة الأشكال، تطلب منكنّ أن تعشن بحرّية عفيفة. لتكن هذه طريقتكنّ في إقامة العلاقات مع الآخرين، كي تكنّ علامة للحبّ الزوجي الذي يجمع المسيح بالكنيسة، الأمّ العذراء، وأخت البشريّة وصديقتها. ومن خلال لطفكنّ، انسجن خيوط علاقات حقيقية، تنقذ أحياء مدننا من العزلة والغفليّة. تحلَّينَ بالصراحة، ولكن ابتعدن عن الثرثرة والنميمة. تحلَّينَ أيضًا بحكمة المحبّة وبراعتها ونفوذها، لكي تقاومن الغطرسة وتتجنّبن إساءة استخدام السلطة.
وختم البابا فرنسيس رسالته بالقول بمناسبة عيد العنصرة، أرغب في أن أبارك كلّ واحدة منكنّ، وكذلك النساء اللواتي يتحضّرن لنوال هذا التكرُّس وجميع اللواتي سينلنه في المستقبل. إنَّ الروح المعزّي قد مُنح للكنيسة كمبدأ لا ينضب من فرحها كعروس للمسيح المُمجد. وكعلامة للكنيسة العروس، كُنَّ على الدوام نساء فرحات، على مثال مريم الناصرية، امرأة نشيد التعظيم، وأمّ الإنجيل الحيّ.