حملت الرسالةُ الموجّهة إلى رئيس الوزراء البريطاني توقيع العشرات من القادة الدينيين في المملكة المتحدة، بينهم مسؤولون مسيحيون ويهود ومسلمون وهندوس وسيخ، طالبوا فيها أيضا بأن تضع الحكومة البريطانية خطة وطنية طموحة ترمي إلى التصدي لظاهرة التبدل المناخي واحتواء الاحتباس الحراري. واعتبر المسؤولون الدينيون أن المملكة المتحدة، وبصفتها الرئيس الدوري لمؤتمر الأمم المتحدة حول التبدل المناخي، مدعوة إلى جمع كل الدول حول الأهداف المناخية الطموحة.
وقّع الرسالةَ عن الجانب الكاثوليكي المطران جون أرنولد المسؤولُ عن قسم البيئة التابع لمجلس أساقفة إنجلترا وبلاد الغال. ويندرج نداء الأساقفة الكاثوليك في سياق رسالة الفيديو التي وجهها البابا لشهر خلا إلى المشاركين في مبادرةٍ عالمية حول ضرورة العمل أمام الأزمة المناخية وتبعاتِها. تحدث البابا عن استبدال تدريجي، ولكن بدون تباطؤ، للمحروقات الأحفورية بمصادر طاقة نظيفة. وقال في هذا السياق إن أمامنا سنوات قليلة حيث يتحدث العلماء بشكل تقريبي عما يقل عن ثلاثين سنة من أجل تقليص كبير لانبعاثات الغازات المسببة للانحباس. وواصل مؤكدا أن مسيرة التحول هذه يجب أن تكون لا فقط سريعة وقادرة على سد الاحتياجات الحالية والمستقبلية للطاقة، بل أن تكون أيضا متنبهة إلى التأثير على الفقراء والسكان المحليين وعلى العاملين في قطاعات إنتاج الطاقة.
اتفاق باريس بشأن المناخ والذي تم التوقيع عليه في العاصمة الفرنسية خلال قمة Cop21 عام 2015 حدد بدرجة مئوية ونصف ارتفاع حرارة الأرض مع نهاية القرن الحالي، والاتفاق يُلزم الدول الموقعة بتحديد إسهاماتها الوطنية بعد العام 2020 من أجل التوصل إلى هذا الهدف الطموح. ويرى القادة الدينيون البريطانيون أن بلادهم مدعوة إلى تقديم المثل الصالح، والعمل على الحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. وأكدوا أننا نعيش اليوم في مرحلة تاريخية، لا بد من العمل خلالها على تشجيع بلدان العالم كافة على اتخاذ الخطوات اللازمة على هذا الصعيد لأن هذا الأمر يشكل ربما أهم استثمار بالنسبة للمستقبل.
ولم تخل الرسالة من الإشارة إلى المسؤولية الخلقية الملقاة اليوم على عاتقنا، إذ إننا مدعوون إلى الالتزام في التصدي للمشاكل المناخية، مدركين مدى خطورة التأثيرات التي تحملها التبدلات المناخية على العائلة البشرية برمتها، وخصوصا على شرائح المجتمع الأشد ضعفا وفقرا والتي تعاني أصلا من الكثير من المشاكل. ودعا القادة الدينيون في بريطانيا إلى إيجاد الشجاعة الخلقية اللازمة من أجل التعامل مع هذا التحدي الذي يعرض للخطر علاقتنا مع العالم الحيّ، كما لا بد أن نسعى إلى تغيير ذواتنا ومجتمعاتنا.
وذكّرت الرسالةُ التي وجهها القادة الدينيون إلى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بأن مختلف الجماعات والمذاهب الدينية في المملكة المتحدة بدأت تتخذ خطوات ملموسة، وذلك مع اعتماد آلاف دور العبادة على الطاقة المتجددة، وقيام جماعات دينية بسحب استثماراتها في المحروقات الأحفورية لتستثمر في مجال الطاقة النظيفة التي تحترم البيئة. وختمت الرسالة مؤكدة أن هذا الالتزام يتماشى مع الجهود الدولية، بما في ذلك نداءات البابا فرنسيس وجهود بطريرك القسطنطينية المسكوني.