أنت هنا
القائمة:
حوار مع الاب بولس ساتي حول مسيحيي العراق ومستقبلهم
نقلا عن موقع وطني
اجرى الحوار: مايكل فيكتور
يواجه المسيحيون في العراق مستقبلاً غامضاً، فمازالت التوترات، ومازالت هناك أعداد غير معروفة من الخلايا النائمة لتنظيم “داعش” في شمال وغرب البلاد، و أصبح المسيحيون العراقيون على وشك الانقراض بعد 1400 عام من الاضطهاد ! فمن توبة أهل نينوى إلى أوضاع اليوم، تحدثنا هذا الاسبوع مع الاب بولس ساتي، المدبر البطريركي للكلدان الكاثوليك بمصر …
•• في البداية قال الأب بولس: منذ الغزو الأمريكي للعراق الذي أطاح بنظام صدام حسين في عام 2003، تضاءل عدد المسيحيين، من حوالي 1.5 مليون إلى ٤٥٠ ألف تقريباً، وإن الكنيسة العراقية واحدة من أقدم الكنائس في العالم إن لم تكن الأقدم، وتقترب من الانقراض بشكل متسارع، ويجب أن تكون البقية الباقية على استعداد لمواجهة الشهادة، فالتهديد الحالي الذي مثله الجهاديون في ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية باعتباره “كفاحاً أخيراً في سبيل البقاء” بعد هجوم التنظيم عام 2014 والذي أدى إلى نزوح أكثر من 125 ألف مسيحي من أرض أجدادهم التاريخية.
•• و أضاف أن الغرض انهم يسعون إلى القضاء على تاريخنا وتدمير مستقبلنا، ولا يوجد في العراق تعويض لمن فقد ممتلكاته ومنزله وعمله وتجارته، عشرات آلاف المسيحيين فقدوا ثمرة عمل حياتهم، وثمرة جهد أجيال في أماكن عيشهم عبر آلاف السنين.. التنظيم الذي عرف باسم “داعش” في العالم العربي دمر الكنائس والأديرة ومنازل الأسر المسيحية، ولم تعد عشرات آلاف العائلات النازحة إلى مدنها وقراها.
•• و رداً على سؤال هل ستستمرون في التغاضي عن هذا الاضطهاد المنظم المستمر؟ قال الاب بولس نحن في اشد الحاجة إلى النظر إلى الاضطهاد المسيحي من منظور عالمي و أسبابه متعددة، وإذا نظرنا إلى الأمر على أنه ناجم عن التشدد و التعصب، سنتغاضى عن كثيرين آخرين يجب محاسبتهم.
•• وأعرب المدبر البطريركي للكلدان بمصر هنا عن شعوره بالحزن إزاء الواقع الراهن، إذ كانت هناك فترة مزدهرة من التعايش المثمر في القرون الماضية بين المسيحيين والمسلمين في العراق، هي الفترة التي يطلق عليها المؤرخون “العصر الإسلامي الذهبي”.. ويقول “تحاور أجدادنا المسيحيون مع العرب المسلمين في الفكر والفلسفة وكان الحوار والاحترام متبادلاً بينهم منذ القرن الثامن، و لقد نشأ نمط من الحوار الفكري المفيد بفضل روح التسامح بين المسيحيين و المسلمين لدى الخلفاء المتعاقبين، ومع غياب التسامح، اندثرت الثقافة ومات الثراء الفكري”، و في هذا الوقت وصلت الكنيسة إلى أكبر أنشار لها حتى وصلت للصين.
•• و رداً عن مستقبل المسيحيين في عراق ما بعد داعش ؟ قال الاب بولس: انه سؤال مثل سيف ذي حدين فيواجهه المسيحيون في العراق، اليوم في قرى بسهل نينوى ونتيجة ما قامت به الكنسية وغبطة البطريريك لويس ساكو عاد إليها نحو حوالي ٢٥٠ أسرة مسيحية وبالذات في كرمليس، تلكيف، البطانيا، تلسقف وقرقوش، برطلة، ولكني أعتقد أن مستقبل المسيحيين في الموصل كمدينة سيكون مستقبلا قلقاً؛ بعد نحو ثلاث سنوات من احتلال داعش للموصل فان الأفكار التي زرعوها في المدينة وخاصة في عقول صغار السن من أبناء الموصل ستكون مصدر قلق للمسيحيين ومؤذيا حين عودتهم وعودة كل المكونات قليلة العدد .
•• و اليوم المسيحيين يعودون للموصل، فهناك ٥٠ عائلة عادوا إلي هناك، ولكنهم يعودون لبيع أملاكهم وعدم البقاء في الموصل، إلا إذا استطاعت الدولة ان تحمي المكونات قليلة العدد في محافظة نينوى وتعاون أهل الموصل مع تلك المكونات فسيكون هناك أمان. بلا هذا الأمان لن يتمكن أحد من العيش في الموصل ولا العودة الى الموصل، وهذه هي النقطة المفصلية لمستقبل المسيحيين في مرحلة ما بعد داعش في الموصل.
•• و في مداخلة .. حضرتكم قريب من غبطة البطريرك لويس ساكو .. التوجه بشكل عام الى اين في هذا المفصل؟ ان الكنيسة الكلدانية في العراق منفتحة على كل القيادات السياسية في العراق و تدعو الي قيام دولة مدنية على اساس المواطنة، و فصل الدين عن الدولة، و لهذا تجد ان غبطة البطريرك يدعو لوحدة السلاح تحت مظلة الجيش و القوات الامنية في العراق.
•• و عن حجم الدمار الذي تعرضت له الكنائس والاديرة قال الاب بولس: لم تبق كنيسة في الموصل الا وهدمت ودمرت، وكذلك الأديرة دمرت، وما نهب منها من وثائق وموجودات لا تقدر بقيمة مطلقا ، فهناك مخطوطات نادرة تعود الى مئات السنين سرقت وهربت ونهبت.. ومؤخرا، بعد تحرير مناطق في سهل نينوى هناك تدميرا لدور المسيحيين من قبل جهات غير معروفة، الجيش يحرر المنطقة ويتقدم، السؤال من دخل هذه المناطق ودمر هذه البيوت.
•• و عن اعداد المسيحيين الذين لا يزالون في العراق وكم من المسيحيين في الأردن او في لبنان او في تركيا؟ قال: كان عدد المسيحيين في العراق قبل الاحتلال بفترة قريبة بحدود مليون و420 الف مسيحي ، اليوم في العراق لا يتجاوز عدد المسيحيين في العراق أكثر من 450 الف مسيحي فقط، أي انه وبجملة إحصائية فان نحو مليون مسيحي عراقي غادروا من المحافظات التي كانوا يسكنون فيها، ولزال قسم منهم يتواجد في عموم العراق، لكن القسم الأكبر هجر الى الأردن ولبنان وتركيا، المسيحي لا يترك وطنه، بل يترك مكانه بحثا عن الأمان.
من أوضاع اليوم إلي زمن يونان ..
و نحن نستعد للصوم الكبير تضع لنا الكنيسة صوم أهل نينوى لتذكرنا بأمور كتابية عديدة .. نريد أن تحدثنا سيادتكم عن نينوى بالعراق..
•• نينوى كانت مدينة عظيمة عريقة في القدم تقع على الضفة الشرقية لنهر دجلة بالعراق مقابل مدينة الموصل الحالية، وكانت عاصمة الاشوريين تتكون من ثلاث مدن نينوى، اشور، و نمروت، وقد وصفها يونان في سفره أنها كانت «مدينة عظيمة لله مسيرة ثلاثة أيام» (يونان 3: 3). ويبدو أنه يقصد بهذا الوصف أنها كانت تأخذ ثلاثة أيام سيراً على الأقدام للوصول إلى كل أطراف المدينة في إرسالية تبشيرية، أما تعداد سكانها فكان أكثر من 120 ألف نسمة.