تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين والحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها يحتفل اليوم في إيطاليا وفي بلدان أخرى، بعيد جسد المسيح ودمه. في القراءة الثانية التي تقدّمها لنا الليتورجية اليوم يصف القديس بولس الاحتفال الإفخارستي ويسلّط الضوء على نتيجتين للكأس المشترك والخبز المكسور: النتيجة السريّة والنتيجة الجماعية.
تابع البابا يقول يؤكّد الرسول أولاً: "أَلَيسَت كَأسُ البَرَكةِ الَّتي نُبارِكُها مُشارَكَةً في دَمِ المسيح؟ أَلَيسَ الخُبْزُ الَّذي نَكسِرُه مُشارَكَةً في جَسَدِ المسيح؟" تعبّر هذه الكلمات عن النتيجة السريّة أو يمكننا القول أيضًا الروحية للإفخارستيا: يتعلّق هذا الأمر بالاتحاد بالمسيح الذي في الخبز والخمر يقدّم الخلاص للجميع. يسوع حاضر في سرِّ الإفخارستيا ليكون غذاءنا ولكي نأخذه ويصبح فينا تلك القوّة المجدّدة التي تعطينا الطاقة والرغبة في الانطلاق مجدّدًا في المسيرة بعد كل وقفة أو سقطة. لكنّ هذا الأمر يتطلّب موافقتنا واستعدادنا بأن نسمح بتغيير أنفسنا وأسلوبنا في التفكير والتصرّف، وإلا فستتحول الاحتفالات الليتورجية التي نشارك فيها إلى مجرّد طقوس فارغة ورسميّة.
أضاف الحبر الأعظم يقول النتيجة الثانية هي النتيجة الجماعية ويعبّر عنها القديس بولس بهذه الكلمات: "فَلَمّا كانَ هُناكَ خُبزٌ واحِد، فَنَحنُ عَلى كَثرَتِنا جَسَدٌ واحِد". إنها الشركة المتبادلة للذين يشاركون في الإفخارستيا لدرجة أن يصبحوا فيما بينهم جسدًا واحدًا، تمامًا كما هو واحد الخبز الذي يُكسر ويوزّع. إن الشركة في جسد المسيح هي علامة فعالة للوحدة والشركة والمقاسمة. لا يمكننا أن نشارك في الإفخارستيا بدون أن نلتزم في أخوّة صادقة متبادلة. لكن الرب يعرف جيّدًا أنَّ قوانا البشريّة وحدها لا تكفي لذلك. لا بل هو يعرف أيضًا أن بين تلاميذه ستكون هناك على الدوام تجربة المنافسة والحسد والأحكام المسبقة والانقسام... ولذلك أيضًا ترك الرب لنا سرّ حضوره الحقيقي الملموس والدائم، لكي وإذ نبقى متحدين به يمكننا أن ننال على الدوام عطيّة المحبة الأخويّة. قال يسوع لأصدقائه: "اُثبُتوا في مَحَبَّتي"؛ وهذا الأمر ممكن بفضل الإفخارستيا.
تابع الأب الأقدس يقول إن ثمرة الإفخارستيا المزدوجة: الأولى الاتحاد مع المسيح والثانية الشركة بين الذين يغتذون منه، تولّد وتجدّد الجماعة المسيحية باستمرار. فالكنيسة هي التي تصنع الإفخارستيا ولكن الأساسي هو أن الإفخارستيا تصنع الكنيسة، وتسمح لها بأن تكون رسالتها قبل أن تقوم بها. هذا هو سرّ الشركة وسرّ الإفخارستيا: ننال يسوع لكي يحوّلنا من الداخل، ننال يسوع لكي يصنع منا الوحدة لا الانقسام.
وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بالقول لتساعدنا العذراء مريم لكي نقبل على الدوام بدهشة وامتنان العطية العظمى التي منحنا يسوع إياها تاركًا لنا سرّ جسده ودمه.