في إطار الاستعدادات لإحياء هذه المناسبة كتب المدير العام السابق للإذاعة الأب فدريكو لومباردي مقالاً نشرته مجلة Civiltà Cattolica، فأكد أن رسالة "إذاعة الفاتيكان" كانت في غاية الوضوح منذ البداية: أن تكون إداةً في خدمة البابا الذي يُعلن الإنجيل على العالم، ويدير شؤون الكنيسة الكاثوليكية في مختلف أصقاع الأرض. كتب لومباردي أن إذاعة الفاتيكان أبصرت النور في الثاني عشر من شباط فباير من العام 1931، بالتزامن مع نشأة دولة حاضرة الفاتيكان.
وكانت المحطةُ الإذاعية التي بناها ماركوني متقدمة تكنولوجياً في ذلك الزمن، وكانت قادرة على القيام بخدمة الإذاعة والتيليغراف بشكل مستقل تماماً عن المملكة الإيطالية. وكان صوتها يصل إلى القارات كافة بفضل الموجات القصيرة، ما سمح للكاثوليك في مختلف أنحاء العالم أن يسمعوا صوت البابا للمرة الأولى.
بعدها لفت المدير العام السابق لإذاعة الفاتيكان أن الثلاثينيات كانت مطبوعة بالأنظمة التوتاليتارية، وكان الكثير من الأشخاص يتطلعون بثقة إلى الكنيسة الكاثوليكية. واقتضت الضرورة أن تبث الإذاعة بلغات مختلفة لتوجّه وتعضد الكاثوليك المقيمين في القارة الأوروبية. كما نمت المؤسسة من حيث مضامين البرامج التي كانت تقدمها للمستمعين. وبدأ الكهنة اليسوعيون المنتشرون حول العالم بالتعاون مع الإذاعة في عملية تحرير المقالات وتقديم النصوص، واكتسبت أهمية كبرى البرامجُ باللغة الألمانية.
خلال الحرب العالمية الثانية كانت الإذاعة نقطة مرجعية بالنسبة للكنيسة التي عانت من تلك المأساة الرهيبة. فنددت بالعنف وحاولت الوقوف إلى جانب الضحايا ومن قاوموا الحرب، وقدّمت للجميع بصيص أمل. ولفت لومباردي في هذا السياق إلى الرسائل الإذاعية العديدة التي وجهها البابا بيوس الثاني عشر خلال سنوات الحرب. كانت تلك الرسائل تلقى آذانا صاغية في أوروبا كلها. وكان صوت البابا يعلو على كل الأطراف المتنازعة، ويطالب بالعدالة والسلام.
كما أن راديو الفاتيكان لعب دوراً في عملية البحث عن المدنيين والعسكريين المفقودين والمعتقلين وسعى إلى التواصل مع عائلاتهم. وأضاف أن الإذاعة أعدت برامج خاصة بحثا عن معلومات بشأن المفقودين والمعتقلين، الذين كانت تُقرأ أسماؤهم على الهواء، خلال بث وصل إلى سبعين ساعةً أسبوعياً، وبين العامين 1940 و1946 أُحصيت أكثر من مليون ومائتين وأربعين ألف رسالة. وقال لومباردي إن هذه كانت من أجمل الصفحات في تاريخ راديو الفاتيكان.
بعد نهاية الحرب أوضح لومباردي أن إذاعة الفاتيكان حاولت مرافقة عملية إعادة الإعمار المعنوية والروحية في البلدان التي دمرها الصراع مع أن كتلة أوروبا الشرقية سرعان ما وقعت تحت نير الأنظمة الشيوعية وعانت الكنيسة من الاضطهاد في العديد من الدول. وكان راديو الفاتيكان القناة الوحيدة لإيصال صوت البابا إلى المؤمنين الكاثوليك في تلك المناطق مع أن الاستماع إلى الإذاعة كان محظورا في العديد من البلدان وكان يُعاقَب عليه بالاعتقال أو حتى بالإعدام.
بعدها استعرض المدير العام السابق لإذاعة الفاتيكان أهم التطورات التي عرفتها المؤسسة في الستينيات والسبعينيات، وأوضح أن أقسام التحرير انتقلت إلى مبنى "بيو" في العام 1970 والذي يشكل مقرا لها لغاية اليوم. في العام 1975 بدأت الإذاعة تقدم الخدمات للحجاج في روما ولم يعد دورها يقتصر على نقل احتفالات البابا. وأشار الكاهن اليسوعي فدريكو لومباردي في ختام مقاله إلى ولادة ما كان يُعرف بـ"خدمة التوثيق" التي تركت أثرا كبيراً لغاية اليوم في عملية التوثيق والبرمجة الإذاعية، وسرعان ما بلغت إذاعة الفاتيكان نضوجها، لتصبح القلب النابض للتواصل اليومي داخل الكنيسة الجامعة، فصارت "تواصلا من أجل الشركة".