"بيروت مدينة منكوبة. كارثةٌ حلَّت فيها نتيجةَ الانفجار الغامض الذي وقع في مرفئها. بيروت عروس الشَّرق وقبلة الغرب جريحة. كأنَّها ساحة حرب من دون حرب. دمار وخراب في كل شوارعها وأحيائها وبيوتها. لقد استشْهد عشراتُ المواطنات والمواطنين، وأصيبَ ألوفُ الأشخاص وتَهدَّمت مستشفيات وكنائس ومنازل ومؤسَّسات وفنادق ومتاجر ومختلف المرافق العامَّة والخاصَّة، وتشرَّد مئات العائلات من دون مأوى. حصلَ كلُّ ذلك والدولةُ في حالةِ انهيارٍ اقتصاديٍّ وماليِّ يجعلها عاجزةً عن مواجهة هذه الكارثة الإنسانيَّة والعمرانيَّة، والشَّعب اللُّبنانيّ في حالة فقرٍ وعوز.
إنَّ الكنيسة التي وضعت شبكة إغاثة على كامل الأراضي اللُّبنانيَّة، ترى نفسها اليوم أمام واجبٍ كبيرٍ آخر هي عاجزةٌ بقواها الذَّاتيَّة تحمُّله، لكنَّها متضامنة بالكلِّيَّة مع المنكوبين وأهالي الضَّحايا والجرحى والمشرَّدين الذين تستقبلهم في مؤسَّساتها.
وإنِّي بإسم الكنيسة في لبنان أوجِّه الشُّكر لكلِّ الدُّول التي أعلنَت عن استعدادها لمساعدة بيروت المنكوبة، وأتوجَّه إلى سواها من الدُّول الشَّقيقة والصَّديقة، وإلى الدَّولِ الكبرى، وإلى الأممِ المتّحدة، أن تبادرَ مشكورةً إلى تقديم المساعدات الفوريَّة لإنقاذ مدينة بيروت بمنأى عن أيِّ اعتبار سياسيٍّ، لأنَّ ما جرى يتعدَّى السِّياسة والصِّراعات. وأدعو المؤسَّسات الخيريَّة في مختلف البلدان إلى مساعدة العائلات اللُّبنانيَّة، والبيروتيَّة بشكلٍ خاصّ، من أجل أن تتمكَّن من تضميد جروحاتها وترميم بيوتها.
منذ هذه السَّنوات الأخيرة ولبنان يمرّ في كوارث سياسيَّة وأمنيَّة واقتصاديَّة وماليَّة متلاحقة تستدعي التَّدخُّل لإنقاذه. فلبنان الذي قدَّمَ للعالم الحرفَ يستأهل أن يكون أشقَّاؤه وأصدقاؤه إلى جانبه بما يسعفه لإعادة ترميم عاصمته من خلال إنشاءِ صندوقٍ سريع بإشراف أمميٍّ لتوزيع هذه المساعدات. أتوجَّه إليكم لأنِّي على ثقةٍ بأنَّكم تحبُّون لبنان وستلبُّون النِّداء. أتوجَّه إليكم لأنِّي أعرف مدى رغبتكم في أن يعود لبنان إلى دورِه التَّاريخيّ في خدمة الإنسان والديمقراطيَّة والسَّلام في الشَّرق الأوسط والعالم".