في عظته 11 نيسان أبريل الجاري لمناسبة عيد الرحمة الإلهية تحدث البابا فرنسيس أيضا عن التقاسم وكيف كان كل شيء مشتركا بين التلاميذ. وانطلاقا من هذه الكلمات توقف مدير التحرير في الدائرة الفاتيكانية للاتصالات أندريا تورنييلي في مقال له عند التعليم الاجتماعي الذي يربط بابوات القرن العشرين فيما يتعلق بالملكية الخاصة والخيور العامة. وأراد مدير التحرير أولا الإشارة إلى تطرق البابا فرنسيس إلى هذا الموضوع في الرسالتين العامتين "كن مسبَّحًا" و"Fratelli tutti"، وتابع أن الأب الأقدس قد ذكَّر بمواقف وكلمات كلٍّ من البابا يوحنا بولس الثاني والبابا بولس السادس. فقد كتب على سبيل المثال في "Fratelli tutti": "أتبنّى من جديد بعض كلمات للقدّيس يوحنا بولس الثاني وأقترحها على الجميع، لربما لم تُفهَم قوّتها: "قد وهب اللّه الأرض لجميع أبناء البشر لتُعيلهم كلّهم، بدون استثناء لأحد". في هذا الصدد، أذكّر أنّ "التقليد المسيحيّ لم يَعتَبِر أبدًا الحقَّ بالملكيّة الخاصّة أمرًا مطلقًا أو غير قابل للتغيير، وقد سلّط الضوء على الدَورِ الاجتماعيّ لأيّ شكل من أشكال الملكيّة الخاصّة". إنّ مبدأ الاستخدام المشترك للخيرات التي خُلِقَت للجميع هو "المبدأ الأوّل للنظام الأخلاقي والاجتماعي بكامله"، وهو حقّ طبيعي وأصيل وذو أولوية. أمّا جميع الحقوق الأخرى التي تتعلّق بالخيرات اللازمة لتحقيق الإدماج الكامل للأشخاص، بما في ذلك الملكيّة الخاصّة وأيّ حقوق أخرى، "فيجب ألاّ تعيق تحقيقه بل تسهّله" كما أكّد القدّيس بولس السادس".
ثم عاد مدير التحرير إلى رسالة وجهها البابا بيوس الثاني عشر سنة 1939 إلى أساقفة أمريكا وإلى رسالة إذاعية له سنة 1940 تحدث فيهما عن استخدام الخيور المادية مشيرا إلى ما وصفها بضرورة أن يستفيد الجميع بالتساوي من الخيور التي خلقها الله للبشر جميعا، وذلك حسب مبادئ العدالة والمحبة. كما وتحدث في الدستور الرسولي EXSUL FAMILIA سنة 1952 عن مبدأ التوجه العالمي للخيرات وذلك فيما يتعلق بالهجرة، مشيرا إلى أن حركة الأشخاص تسمح بتوزيع أكثر فائدة للبشر على سطح الأرض الذي خلقه الله وأعده كي يستخدمه الجميع.
حبر أعظم آخر من بابوات القرن العشرين توقف عنده أندريا تورنييلي هو البابا يوحنا الثالث والعشرون، فذكّر بكلماته سنة 1961 في الرسالة العامة "أم ومعلمة": "ففي أيامنا ما فتئت الدولة والمؤسسات العامة توسع في مجال مبادرتها؛ فلم تمس، لذلك، المهمة الاجتماعية التي للملكية الخاصة، مهمة بالية كما يميل أناس إلى الاعتقاد، ضالين: لأن مصدر مهمتها الاجتماعية هو حق الملكية عينه ومن صلبه تنبثق، فهناك أبداً أوضاع عديدة مؤلمة، وهناك حاجات واخزة ودقيقة لا يقوى الإسعاف العام على البلوغ إليها ولا على مداواتها. لذلك يبقى حقل واسع مفتوح أمام الشعور الإنساني والمحبة المسيحية والفردية. ولنذكر أخيراً أن المبادرات الأفراد والجماعات الخاصة فعالية أقوى مما للسلطات العامة لتحريك القيم الروحية". ثم ذكَّر مدير التحرير بالدستور الرعائي "فرح ورجاء" حيث كتب البابا يوحنا الثالث والعشرون: "لقد أعدّ الله الأرض وكلّ ما فيها لخدمة جميع الأفراد والشعوب، حتى تفيض خيرات الخليقة بالإنصاف بين يدي الجميع وفقاً لشريعة العدل التي لا تنفصل عن شريعة المحبة".
أما البابا بولس السادس فكتب سنة 1967 عن الملكية في الرسالة العامة "ترَقي الشعوب": "فمن كان يستمتع بخيرات الدنيا ورأى أخاه في عوز فحبس عنه احشاءه فكيف يَثبت حبّ الله فيه؟". ومعروف بأيّ حزم حدّد آباء الكنيسة ما يجب أن يكون موقف ذوي اليُسر من ذوي الفاقة؛ فيصرح القديس أمبروسيوس: "أنك ليس من مالك تجود على الفقير؛ فأنت تردّ عليه ما هو له. أن ما أُعطي للجميع شراكةً تدّعيه أنت لنفسك. فالأرض إنما للجميع قد أُعطيتْ لا للأغنياء فقط".
وأخيرا ذكَّر مدير التحرير في دائرة الاتصالات الفاتيكانية أندريا تورنييلي بما كتب البابا الفخري بندكتس السادس عشر في الرسالة العامة "المحبة في الحقيقة": "يرتبطُ موضوعُ التنميةِ في أيّامنا إرتباطاً وثيقاً بالواجباتِ الناجمةِ عن علاقةِ الانسانِ بالبيئةِ الطبيعية. هذه قد مَنَحَها الله للجميعِ، واستخدُامها يضعُ على عاتقنا مسؤوليةً تجاهَ أجيالِ المستقبلِ والفقراءِ والبشريةِ بأسرها".