مما لا شك فيه أن الحادثة التي شهدتها بيروت شكلت ضربة قاسية ومؤلمة للمجتمع اللبناني، لاسيما البيروتي، مع العلم أن بلاد الأرز تعاني أصلا من أزمة اقتصادية وسياسية. وقد تدمرت في الانفجار العنيف مئات المباني والمساكن في الأحياء المحيطة بالمرفأ، هذا ناهيك عن أهراءات القمح التي كانت تخزّن نسبة خمسة وثمانين بالمائة من القمح في لبنان.
وعلى أثر هذه الحادثة الأليمة، رفع مجلس كنائس الشرق الأوسط صوته مسلطا الضوء على هذه المأساة الرهيبة خصوصا وأن الانفجار أدى إلى تدمير ثلاثة مستشفيات مسيحية، يتعالج فيها مواطنون لبنانيون من مختلف الديانات والمذاهب. كما أن هذه المرافق الصحية كانت تلعب دورا هاما في علاج المصابين بوباء كوفيد 19. وذكر المجلس في ندائه بأن العديد من المدارس المسيحية التاريخية في مناطق الجميزة ومار مخايل والأشرفية، المجاورة للمرفأ، تعرضت لأضرار مادية فادحة، وقد حصل ذلك قبل قرابة شهر على بداية العام الدراسي الجديد في أيلول سبتمبر المقبل.
للمناسبة أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع الكاهن الماروني روفائيل زغيب، المدير الوطني للأعمال الحبرية الإرسالية في لبنان، والعضو في مجلس كنائس الشرق الأوسط الذي قال إن أحياء مسيحية في بيروت تعرضت لأضرار فادحة كما أن عشر كنائس على الأقل دُمرت بالكامل، وسطر ضرورة ألا يُترك لبنان لوحده في هذه الأزمة الصعبة التي يمر بها مشددا على ضرورة أن تساعده الجماعة الدولية والبلدان الأخرى والمنظمات الإنسانية والخيرية.
وتوقف الأب زغيب بعدها عند الأزمات العديدة التي يجتازها لبنان حاليا، ولفت إلى أن الكنائس المسيحية أخذت على عاتقها مساعدة السكان المحتاجين، لكنها اليوم باتت عاجزة عن تقديم الخدمات لهؤلاء بسبب الدمار الذي تعرضت له مؤسساتها الصحية والتربوية. وإعادة ترميميها تتطلب أموالا بقيمة مئات ملايين الدولارات. وأثنى بعدها على الخدمة القيمة التي يقدّمها العديد من المتطوعين منذ الرابع من آب أغسطس الجاري، والذين باشروا بإزالة الركام والأنقاض من الطرقات، ومن الكنائس والمستشفيات، ولم يتأخروا في مد يد المساعدة إلى السكان المحتاجين. كما أن العديد من الأديرة والمدارس فتحت أبوابها أمام الناس الذين صاروا بدون مأوى، ويتم العمل الآن على توزيع المعونات الغذائية والأدوية على المحتاجين.
في سياق حديثه عن المبادرات التي أطلقها مجلس كنائس الشرق الأوسط في سياق التعامل مع نتائج التفجير في مرفأ بيروت، قال المدير الوطني للأعمال الحبرية الإرسالية في لبنان إن المجلس أطلق برنامجا يرمي إلى مساعدة العائلات الهشة، وهو يقوم بتوزيع مستلزمات صحية وأدوات النظافة الشخصية، ولوازم الطهي، والأغطية والدواء والطعام، وكل ما يلزم من أجل الحماية من فيروس كورونا المستجد. كما وضع مجلس كنائس الشرق الأوسط بتصرف المتطوعين الأدوات والمواد اللازمة لتنظيف الكنائس والمستشفيات والطرقات.
وذكّر الأب روفائيل زغيب بأن هذه المساعدات شملت كميات من الأدوية التي تم توزيعها على العديد من المواطنين المصابين بأمراض مزمنة أو بداء السرطان. وأوضح أنه في المرحلة القادمة سيشارك المجلس في عملية إعادة إعمار المنازل المهدمة فضلا عن المدارس والمستوصفات. وأشار إلى أن هذا الالتزام يتطلب مساعدة من الجماعة الدولية. ومن هنا، ختم يقول، يود مجلس كنائس الشرق الأوسط أن يطلق نداء إلى المجتمع الدولي كي يساعده على التخفيف من الأعباء الملقاة على عاتق الكنائس المحلية، وعلى تحرير قلوب الأشخاص المنكوبين من الألم والخوف واليأس.
يشار هنا إلى أن البابا فرنسيس أرسل من خلال الدائرة الفاتيكانية المعنية بخدمة التنمية البشريّة المتكاملة، مساعدة أولى بقيمة ٢٥٠ ألف يورو لدعم احتياجات الكنيسة اللبنانية في مرحلة الصعوبة والمعاناة. وأكدت الدائرة أن هذه الهبة تريد أن تكون علامة على اهتمام البابا بالسكان المتضررين من الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، معبّرًا هكذا عن قربه الأبوي من الذين يعانون من أشد الآلام والصعوبات. وأضافت أن هذه المساعدة المادية نُقلت من خلال السفارة البابوية في لبنان وسيتم استخدامها من أجل مساعدة الأشخاص المتضررين من الانفجار المروع.