أنت هنا

تاريخ النشر: 
الاثنين, مايو 4, 2020 - 08:05

القائمة:

الفاتيكان نيوز 

"لنطلب نعمة أن نعرف صوت الراعي الصالح الذي يخرجنا من حظيرة الأنانية ويقودنا إلى مراعي الحريّة الحقيقة" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته قبل تلاوة صلاة "إفرحي يا ملكة السماء"
 

تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة "إفرحي يا ملكة السماء" وتحدث إلى المؤمنين قبل الصلاة عبر الشبكة من مكتبة القصر الرسولي بدلا من الإطلالة التقليدية من النافذة المطلة على ساحة القديس بطرس، ويأتي هذا التغيير في إطار إجراءات وقائية أمام انتشار فيروس الكورونا، وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها: إنَّ الأحد الرابع بعد عيد الفصح والذي احتفلنا به اليوم هو مكرّس للراعي الصالح. يقول الإنجيل: "الخِرافُ إلى صوتِه تُصغي. يَدعو خِرافَه كُلَّ واحدٍ مِنها بِاسمِه". إنَّ الرب يدعونا بأسمائنا، يدعونا لأنّه يحبّنا، ولكنّ الإنجيل يقول أيضًا إنّ هناك أصوات أخرى لا ينبغي علينا أن نتبعها: أصوات الغرباء واللصوص والسارقين الذين يريدون الشرّ للخراف.

تابع الأب الأقدس يقول إن صدى هذه الأصوات المختلفة يتردّد في داخلنا. هناك صوت الله الذي يتحدّث إلى ضميرنا بلطف، وهناك الصوت المجرّب الذي يحملنا على الشرّ. كيف يمكننا أن نعرف صوت الراعي الصالح من صوت السارق، وكيف نميّز إلهام الله من إيعازات الشرير؟ يمكننا أن نتعلّم أن نميِّز هذين الصوتين: هما في الواقع يتكلّمان لغتين مختلفتين، ويملكان أساليب متناقضة في القرع على باب قلبنا. إنَّ صوت الرب لا يُجبرنا أبدًا: الله يقترح نفسه ولا يفرض نفسه. أما الصوت الشرير فيُغري ويتطاول علينا ويجبرنا: يولِّد أوهامًا لمّاعة وإنما عابرة. تلاطفنا في البداية وتجعلنا نعتقد بأننا مقتدرين وأقوياء ومن ثمَّ تتركنا في فراغ داخليٍّ وتتّهمنا: "أنت لا قيمة لك"؛ أما صوت الله فيصلحنا وبصبر كبير، ولكنّه يشجّعنا على الدوام ويعزّينا ويغذّي الرجاء على الدوام.

أضاف الحبر الأعظم يقول هناك أيضًا اختلاف آخر. صوت العدو يُبعدنا عن الحاضر ويريدنا أن نركّز على مخاوف المستقبل وأحزان الماضي: فيعيد إلينا المرارة وذكريات الظلم الذي تعرّضنا له ومن آذانا. أما صوت الله فيكلّمنا بالحاضر: "يمكنك الآن أن تصنع الخير، يمكنك الآن أن تمارس إبداع المحبة، يمكنك الآن أن تتخلّى عن التحسُّر والندم اللذين يسجنان قلبك". كذلك يولّد فينا هذان الصوتان أسئلة مختلفة. سيكون السؤال الذي يأتي من الله: "ما هي الأمور التي تنفعني؟"؛ أما المجرّب فيُصرُّ على سؤال آخر: "ما هي الأمور التي أرغب في القيام بها؟". بماذا أرغب: يتمحور الصوت الشرير دائمًا حول الـ "أنا" ونزعاتها واحتياجاتها، وبكل شيء وعلى الفور. أما صوت الله فلا يعدُ أبدًا بالفرح الرخيص: بل يدعونا للذهاب أبعد من الـ "أنا" لكي نجد الخير الحقيقي والسلام. لنتذكّر إذًا: الشرّ لا يعطي السلام أبدًا، يُحرّكنا ويثيرنا في البداية ومن ثمَّ يترك لنا المرارة.

تابع الأب الأقدس يقول في الختام، يحدّثنا صوت الله وصوت المجرّب عن "بيئتين" مختلفتين: فالعدو يفضّل الظلمة والكذب والثرثرة؛ أما الرب فيحب نور الشمس والحقيقة والوضوح الصادق. سيقول لنا العدو: "انغلق على نفسك، لا أحد يفهمك ويصغي إليك، فلا تثق بأحد!". أما الخير فعلى العكس يدعونا إلى الإنفتاح ولكي نكون شفّافين وواضحين ونثق بالله والآخرين. أيها الإخوة والأخوات الأعزاء في هذا الزمن تحملنا العديد من الأفكار والهموم لكي نعود إلى ذواتنا. لنتنبّه للأصوات التي تصل إلى قلوبنا، ولنسأل أنفسنا من أين تأتي. وخلص البابا فرنسيس إلى القول لنطلب نعمة أن نعرف صوت الراعي الصالح ونتبعه، الصوت الذي يخرجنا من حظيرة الأنانية ويقودنا إلى مراعي الحريّة الحقيقية. لتوجّه مريم العذراء، أم المشورة الصالحة، مسيرة تمييزنا وترافقنا.