تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة التبشير الملائكي، وتحدث إلى المؤمنين قبل الصلاة عبر الشبكة من مكتبة القصر الرسولي بدلا من الإطلالة التقليدية من النافذة المطلة على ساحة القديس بطرس، ويأتي هذا التغيير في إطار إجراءات وقائية أمام انتشار فيروس الكورونا، وقبل الصلاة ألقى الاب الاقدس كلمة استهلّها بالقول إن إنجيل هذا الأحد الخامس من زمن الصوم هو إنجيل قيامة لعازر من الموت. كان لعازر أخ مرتا ومريم وكانوا جميعهم على علاقة صداقة وثيقة بيسوع. وعندما وصل إلى بيت عنيا كان لعازر قد مات منذ أربعة أيام؛ فخرجت مريم إلى لقاء المعلّم وقالت له: "لَو كُنتَ ههنا لَما ماتَ أَخي"، فأجابها يسوع: "سَيَقومُ أَخوكِ" وأضاف: "أَنا القِيامةُ والحَياة مَن آمَنَ بي، وَإن ماتَ، فسَيَحْيا". يُظهر يسوع نفسه كربِّ الحياة القادر على أن يعطي الحياة حتى للموتى. بعدها وصلت مريم مع أشخاص آخرين وكانوا جميعهم يبكون ويخبرنا الإنجيل عندها أن يسوع قد "جاش صدره ودمعت عيناه"، وباضطراب القلب هذا ذهب إلى القبر وشكر الآب الذي يصغي إليه على الدوام، وطلب أن يفتحوا القبر وصرخ بِأَعلى صَوتِه: "يا لَعازَر، هَلُمَّ فاخرُجْ" فخرج لعازر "مَشدودَ اليَدَينِ والرِّجلَينِ بالعَصائِب، مَلفوفَ الوَجهِ في مِنْديل".
تابع الأب الأقدس يقول هنا نلمس لمس اليد أنّ الله هو حياة ويعطي الحياة، ولكنّه يأخذ على عاتقه مأساة الموت. لقد كان بإمكان يسوع أن يتحاشى موت صديقه لعازر، لكنّه أراد أن يتبنّى ألمنا لموت الأشخاص الأعزاء ولاسيّما أراد أن يُظهر سلطان الله على الموت. نرى في هذا المقطع من الإنجيل أنّ إيمان الإنسان وقدرة الله ومحبّته يبحثان عن بعضهما البعض ويلتقيان في النهاية. نراه في صرخة مرتا ومريم وصرختنا جميعًا معهما: "لَو كُنتَ ههنا..."، وجواب الله ليس خطابًا لا! إن جواب الله على مشكلة الموت هو يسوع: "أنا القيامة والحياة... تحلّوا بالإيمان! وسط البكاء اثبتوا في الإيمان، حتى وإن بدا أنّ الموت قد انتصر. إرفعوا الحجر عن قلوبكم واسمحوا لكلمة الله أن تعيد الحياة حيث حلّ الموت.
أضاف الحبر الأعظم يقول يسوع يكرّر لنا اليوم أيضًا: "إرفعوا الحجر". الله لم يخلقنا للقبر بل خلقنا للحياة الجميلة والصالحة والفرحة. "لكن بحسد إبليس دخل الموت إلى العالم" (سفر الحكمة ۲، ۲٤) يقول سفر الحكمة، ويسوع قد جاء ليحرّرنا من شباكه. وبالتالي نحن مدعوون لكي نرفع حجار جميع الامور التي تحمل الموت: على سبيل المثال الرياء الذي نعيش فيه الإيمان هو موت؛ الانتقاد المدمّر تجاه الآخرين هو موت؛ الإهانة والاغتياب هما موت؛ تهميش الفقير هو موت. إن الرب يطلب منا أن نرفع هذه الحجار عن قلوبنا فتزهر الحياة عندها من حولنا. إن المسيح حي ومن يقبله ويتبعه يدخل في علاقة مع الحياة. بدون المسيح، أو خارجًا عن المسيح لا تغيب الحياة وحسب وإنما نسقط في الموت.
تابع البابا يقول قيامة لعازر هي علامة أيضًا للولادة الجديدة التي تتحقق في المؤمن بواسطة المعموديّة من خلال الدخول الكامل في سرّ المسيح الفصحي. بفضل عمل وقوّة الروح القدس يصبح المسيحي شخصًا يسير في الحياة كخليقة جديدة: خليقة للحياة وتسير نحو الحياة.
وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بالقول لتساعدنا العذراء مريم لكي نكون شفوقين على مثال ابنها يسوع الذي أخذ ألمنا؛ وليكن كلٌّ منا قريبًا من الذين يُمتحنون فيصبح هكذا بالنسبة لهم انعكاسًا لمحبة وحنان الله الذي يحرّر من الموت ويجعل الحياة تنتصر.