أنت هنا
القائمة:
نقلا عن وطني
نقرأ في سفر المزامير علي لسان داود النبي:إني ولو سرت في وادي الظلمات لا أخاف سوءا لأنك معيمزمور23:4, نحن نعيش مرحلة عصيبة في العالم أجمع نتيجة فيروس كورونا, سيحكي التاريخ عنها وسيكتب فيها الكثير والكثير الآن ولأزمنة عديدة.. ومما لاشك فيه أن الكثيرين أصابهم اليأس والخوف والقلق من المستقبل, كما أن الغالبية العظمي أصابها الضيق والملل من الروتين اليومي الذي يعيشونه داخل أربعة جدران مغلقة كما هو مفروض عليهم,إذا هل نستسلم لهذا الوباء بسبب نفاد صبرنا وأملنا؟ نتعلم من قطعة الحديد التي يقدر ثمنها بخمسين جنيها, فإذا أردنا أن نصنع منها حدوة الحصان, ستصبح قيمتها أكثر من خمسين جنيها, وإن صنعنا منها إبرا بلغ ثمنها مئتا جنيه, وإن حولناها إلي سلاح بلغت قيمتها أكثر من عشرة آلاف جنيه لكن إن صنعنا منها عقارب للساعات, فإن ثمنها قد يصل إلي خمسين ألف جنيه, وإذا سألنا عن السبب الذي يجعل قيمة قطعة الحديد تزداد ارتفاعا علي هذا النحو, ستكون الإجابة:الصبر وطول المدة التي توضع فيها داخل الأفران المتقدة, وتحمل كثرة الضرب والطرق, فكما زاد ارتفعت قيمتها نستطيع أن نطبق هذا المثل علي الفترة التي نعيشها, فكلما تحملنا هذه الصعوبات والآلام, ارتفعت قيمتنا وزاد نفعنا في هذه الحياة, مما لاشك فيه أن المصاعب والمحن هي محك لشخصيتنا ومدرسة لنضجنا ونمونا كما إنها اكتساب خبرة في الحياة وقوة للصمود أمام هذا كله, واختبار لقدرتنا علي عبور هذه المرحلة, كما يجب أن نعلم جيدا بأنه إذا حلت بنا مصيبة أو بلاء فلا نيأس, فمن المحتمل أن تكون أصابتنا لتوقظنا من غفلتنا فنعود إلي الله الذي أهملناه ونفكر في الآخرين ونتخلص من الأنانية وحب الذات, لكن الواقع يظهر لنا بأننا نريد دائما من الله ألا يسمح بمثل هذه الظروف الصعبة من آلام ووباء وغيرها, كما أن البعض منا يناشد الله بأن يبدلها بأخري تروق له وبأحداث يفضلونها ومما لاشك فيه أن البعض الآخر يطلب من الله أن يستشيره قبل أن يسمح بأي شيء في هذه الحياة, وكما صرح أحد الأتقياء عن خبرته ذاكرا: كثيرا ما كنت أقدم النصيحة لله في بعض أمور الحياة كما تتراءي لي, ولكن ذات يوم شعرت وكأن الله يهمس في أذني معاتبا إياي: الحقيقة أنني نسيت أن أدعوك عندما خلقت العالم لتبدي رأيك حتي وصل بي الحال أن أسأل ذاتي كيف استطعت أن أخلق الكون دون معونتك ومساندتك كل هذا جعلني أخجل من نفسي ومنذ تلك اللحظة وأن أقبل إرادة الله في حياتي, إذا يجب أن نعي تماما بأن كل هذه الأمور لخير الإنسانية مهما كانت مؤلمة لنا جميعا وتحتاج إلي ضريبة باهظة, ومما لاشك فيه أنها ستغير من سلوك العالم أجمع حتي إن المعايير التي كنا نضعها في علاقتنا بالآخرين ستتبدل ولن يعود المال كل شيء أو الغني أو المنصب أو اللون أو القوة وغيرها لأنها أصبحت عاجزة أمام فيروس هش وضعيف,كم من الأشياء التي شعرنا الآن بأنها نعم من الله ولكننا في الماضي لم نقدرها؟ كان الله يمنحنا طوال حياتنا الماضية بركاته دون أن يطلب مقابل سوي أن نحبه ونعبده ونعيش كأبناء مخلصين وإخوة حقيقيين وفي ظل هذه الظروف عندما شعرنا بليالي الألم حمدنا الله علي عمر بلا عذاب ولا قلق ولاتوتر, وعندما شاهدنا المرضي بدأنا نشكر الله علي أيام وسنوات الصحة, لذلك ليس من المنطق أن نشكو من هذه الأيام وساعات الحظر والملل وننسي سنوات الحرية والعافية والهناء, كما يجب أن نضع في الاعتبار بأننا رحالة وضيوف في هذه الحياة تطاردنا الهموم والكوارث والآلام وتنهشنا بأنيابها وتنغص حياتنا, لذلك يحب علينا أن نرفع قلوبنا وعيوننا إلي السماء طالبين معونة الله الأب الحنون الذي يرعانا بعنايته ولا يتركنا أبدا فريسة هذه المحن فالله لايتأخر عن اشراق نوره في قلوبنا وعقولنا حتي يتلاشي الظلام الذي يحيط بنا, وتنتعش أرواحنا ونتحلي بالشجاعة والإيمان والثقة والطمأنينة لمواجهة هذه الأمور, إذا يجب علينا أن نثق في عناية الله لنا ونتكل علي رحمته في كل لحظة حتي يصير الظلام نورا والمر حلوا, والمستحيل ممكنا واليأس أملا والكآبة فرحا, ونختم بالقول المأثور: إن التجربة معلم شاذ… تمتحننا أولا ثم تعطينا الدرس فيما بعد.