وقد تحدثت الأنباء الواردة من ليبيا عن مصرع ثلاثة مهاجرين سودانيين قُتلوا على يد رجال الأمن الليبيين فيما كانوا يحاولون الهرب كي لا تتم إعادتهم إلى مراكز الاعتقال الليبية. حصلت هذه الواقعة في منطقة خُمس شرقي العاصمة طرابلس ليل الاثنين الماضي. وتعليقا على هذا النبأ قال رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في ليبيا فدريكو سودا إن المعاناة التي يواجهها المهاجرون في ليبيا لا يمكن السكوت عنها.
أما فنسان كوشتيل المبعوث الخاص للمفوضية الأممية السامية لشؤون اللاجئين في ليبيا فأكد من جانبه أن هذا البلد العربي لا يمكن اعتباره منطقة آمنة، في وقت سلط فيه الضوء تقريرٌ صدر عن المفوضية الأممية على الأوضاع المأساوية التي يعيشها المهاجرون على ضفتي المتوسط. تم إعداد التقرير مع مركز الهجرات التابع للمجلس الدانمركي اللاجئين ويحمل عنوان "في هذه الرحلة لا أحد يكترث إن مُتّ أو نجوت". وتحدث التقرير عن أعمال وحشية لا يمكن وصفها، وممارسات أخرى تفتقر إلى الإنسانية.
أكد التقرير أن آلاف المهاجرين واللاجئين يموتون وكثيرون ممن ينجون تُنتهك حقوقهم الإنسانية الأساسية خلال رحلتهم ضمن أفريقيا الغربية والشرقية وصولا إلى السواحل الأفريقية الشمالية المطلة على البحر الأبيض المتوسط. وهذه المسارات هي من الأكثر خطورة في العالم. تحدث التقرير عن مصرع ما لا يقل عن ألف وسبعمائة وخمسين مهاجرا ولاجئا عامي 2018 و2019 خلال تلك الرحلات، موضحا أن معدل الوفيات يصل إلى اثنتين وسبعين حالة شهريا، ما جعل من تلك المسارات الأخطر بين مسارات الهجرة في أنحاء العالم كافة.
فيما يتعلق بالعام 2020 ومع أن الإفادات والمعطيات لم تكتمل بعد، فمن المؤكد أن هناك أكثر من سبعين مهاجرا أو لاجئا ماتوا منذ مطلع كانون الثاني يناير الفائت، بينهم ثلاثون شخصا قُتلوا على يد الشبكات الإجرامية التي تتاجر بهم في ليبيا، وقد وقعت هذه الحادثة في شهر أيار مايو المنصرم. وأوضح التقرير أن نسبة ثمانية وعشرين بالمائة تقريبا من الوفيات التي سُجلت عامي 2018 و2019 تمت خلال محاولة المهاجرين عبور الصحراء، لاسيما في جنوب ليبيا، وأيضا في محلة بني وليد التي تشكل نقطة تقاطع للشبكات المتاجرة بالبشر، بالإضافة إلى مناطق أخرى على طول المسار في أفريقيا الغربية.
ويشير التقرير الصادر عن المفوضية الأممية السامية لشؤون اللاجئين إلى أن من بين الأشخاص الذين يحاولون عبور البحر المتوسط ليصلوا إلى إيطاليا ومن ثم إلى باقي الدول الأوروبية، أكثر من ستة آلاف ومائتي مهاجر ولاجئ تمت إعادتهم إلى ليبيا. ولدى وصولهم إلى السواحل الليبية، تم توقيفهم بصورة اعتباطية في مراكز الاعتقال الرسمية، في ظروف تقشعر لها الأبدان، كما جاء في التقرير، أو قد ينتهي بهم المطاف في مراكز اعتقال غير رسمية، وهي عبارة عن مستودعات تخضع لسيطرة المتاجرين بالبشر، ويقدم هؤلاء على إساءة معاملتهم والتعرض لهم جسدياً، كي يبتزوا منهم مبالغ من المال.
ويعتقد الخبراء أن عدد هذه الحالات التي سُجلت وستُسجل خلال العام 2020 ستتخطى حالات العام 2019 والتي بلغت أكثر من تسعة آلاف حالة. ويؤكد هؤلاء أن هذه المعطيات تُظهر بشكل جلي أن ليبيا ليست منطقة آمنة بالنسبة لهؤلاء الأشخاص، وثمة أدلة تُثبت ذلك لا يمكن تجاهلها على الإطلاق. ويشير التقرير إلى أن النسبة الأكبر من المهاجرين واللاجئين الذين يحاولون بلوغ السواحل الأوروبية يقعون في شباك المنظمات الإجرامية ويتعرضون للعنف وأعمال وحشية على يد المجرمين والميليشيات، وحتى من قبل جهات رسمية. في ختام تقريرها طالبت المفوضية بوضع حد للاعتقالات الاعتباطية بحق اللاجئين وطالبي اللجوء، معربة عن استعدادها للتعاون مع السلطات الليبية في هذا المجال.