أنت هنا
القائمة:
ترأس سيادة المطران يوسف متّى رئيس أساقفة عكا وحيفا والناصرة وسائر الجليل، بمناسبة عيد مار إلياس في كنيسة سيدة الكرمل الواقعة في دير ستيلا مارس، وإلى جانبه عددٌ من كهنة الأبرشية، كان من بينهم الأب إلياس العبد، الأب كريم خوري، الأب إميل روحانا، الأب وليم أبو شقارة، الأب رامي حجار، الأب مكاريوس جريس والأب مجدي هاشول من الكنيسة المارونية، ويخدم على الهيكل الشماس لافي خوري. خدم هذه الليتورجيا جوقُ الترنيم الكنسي التابع لكاتدرائية مار إلياس في حيفا بإدارة أمال ذياب. وقرأ رسالة العيد كايد عبود.
وقال سيادة المطران متى في كلمته: نجتمع في هذا المكان المقدّس، لنحتفل معكم بعيد النبي العظيم إيليا، مار الياس الحي، نبي الشهادة الشجاعة والثبات، نبي العدالة، نبي الايمان بالله الحي، نبي التحدي والحق الصادق. معلنين معه: "حيٌ هو الرب الذي أنا واقف أمامه".
نحن اليوم نشهده من جديد في نفس الجرأة التي لشبابنا الذين حافظوا على طهارة هذا المكان، ودافعوا عنه، ولا زالوا يدافعون. تحدوا العنف والطبقية والعنصرية، تمامًا كما فعل إيليا أمام آحاب الملك اليهودي وايزابيل الوثنية، الذين أرادوا، بطمع السلطة، احتلال الوطن المقدّس.
منذ آلاف السنين حجُ آباؤنا الى هذا المكان المقدس، مغارة القديس النبي الياس، منذ مئات السنين، محافظين على تقاليد الآباء والاجداد. تكريما للنبي إلياس، لا أشعيا، ولا ارميا، ولا أيّ نبيّ آخر من الأنبياء. وشهادةُ هذا المكان متمثّلةً بالرهبان الذين حافظوا على هذا المكان منذ أكثر من ألف عام.
وأضاف يقول: لا شكّ في أنّ الزمن الذي عاش فيه إيليا كان زمناً صعبًا، كما هو حالنا اليوم في هذه الأرض المقدّسة. أصبحت عبادة الله مختلطة بعبادات غريبة عنا، وعن تراثنا ومسيحيتنا. وهو للأسف في ازدياد. وما شهدناه في الأشهر الأخيرة، من اضطهاد، وتكسير للرموز الدينية، وتعدي على المقدّسات ورجال الدين هنا وفي القدس المباركةـ يؤلمنا، نعم يؤلمنا. كما يؤلمنا ما نراه من عنف وابتزاز للمواطنين والقصد في تخريب مصالحهم وارزاقهم تحت طائلة التهديد والاعتداء والعنف. خصوصًا على هذا المقام المقدّس العزيز على كل أبنائنا. كلُ هذا إنما تأكيد لكلام السيد المسيح: "أنهم سيضهدونكم من أجل اسمي، لكن ثقوا إني قد غلبت العالم".
وأشار سيادته إلى الأحداث التي جرت مؤخرا في دير مار إلياس، قائلا، إن الهجمة المفاجئة على حرمة هذه الكنيسة من مجموعة يهودية متطرفة مهووسة، زمرة رعاع، قامت بالتمادي ودخول الكنيسة، محاولة وما زالت تحاول السيطرة على المكان ضمن ادعاءات كاذبة وحجج واهية في تعدٍ سافر على قدسية المقام.
واليوم يرسل الله إيليا آخر حاملاً للشعب كلمة الله وقوّته. هذا ما نحتاجه اليوم: أن نكون أشداء في التحديات، واثقين بقوة الله فينا، واثقين باتحاد ايماننا بالمسيح المنتصر، واثقين باتحاد كلمة الحق، ونقول: "نحن هنا، أبناء هذه الأرض المقدّسة منذ آلاف السنين، المرتبطين بأرض هذا الوطن الحبيب الذي قدّسه السيد له المجد".
ومضى يقول: إيليا قاوم حتى النهاية، قاوم السلطة المعتدية، قاوم الايمان المضَلِل، قاوم الشر الذي يبثّه الأشخاص المنتفعون. قاوم بكلمة الله وعدله بمحبة وثقة لا تنثني. وهذا ما نحتاجه اليوم أيها الأحباء. وقفة محبة وتضامن كرجلٍ واحدٍ أمام من يعتدي على الله وكنيسته.
لم نتفاجأ بالحراك الاجتماعي والمبادرات الشبابية من أبنائنا المباركين المملوئين غيرةً وايمانًا وهم في غاية الانضباط، بالرغم من الغضب والسخط العارم. ومع هذا تجنبوا الاستدراج في تدهور الاوضاع الى ما لا تُحمَد عُقباه. فطوبى للبطن الذي حملكم أيها الشباب. فهبّ الشباب بغيرة إيليا وبجرأة وشجاعة، لنصرة الحق والحفاظ على طهارة المقام المقدس، مدافعين بروح مسيحية ومستعدين لكل مستجد وطارئ.
إننا كسلطة كنسية مع سائر الأساقفة، وبالتنسيق مع الكرسي الرسولي، وضعنا نصب أعيننا أولًا ضمان السلامة والأمان لأبنائنا. وقد آزرنا الكنيسة والدير وتوجهنا للسلطات. ونحن اليوم في حوار مع المسؤولين بشأن عودة الأمور الى ما كانت عليه سابقًا، تحت وعود السيطرة التامة على الوضع، دون التخلّي عن حق الصلاة والحرية الدينية التي ننادي بها دومًا. فهي حق من حقوق الفرد في مجتمع ديموقراطي سليم، وحرمة مقدساتنا خط أحمر لا يجوز تجاوزه، والموضوع غير قابل للنقاش ولا للمساومة على الإطلاق.
نعود اليوم وعلى الملأ، حيث لابد من كلمة شكر وتقدير لأبنائنا الغيورين والذين جنّدوا من وقتهم الكريم للتواجد والدعم لهذا الدير، بكل انضباط وتفهّم. لأن هؤلاء المعتدين يأتون كالخفافيش في عتمة الليل، نؤكّد وأياكم، ومع جميع المسؤولين الدينيين والمدنيين في هذا البلد، أننا لن نتنازل، بل الأهم هو التزمنا وحرصنا على المحافظة على مقدساتنا بروية وحكمة كما يليق بنهجنا المسيحي، كما علمنا إياه معلمنا الأول يسوع المسيح. قولوا آمين.
وخلص سيادة المطران متى إلى القول: أنتهز هذه الفرصة لأتوجه إلى السلطات المدنية والدوائر الوزارية من أجل وضع حد لهذا الوضع السيء والذي يهدد استقرار وأمن المواطنين.. بطلنا نتحمل.
وأقيمت الصلوات يوم أمس التي تميزت بحضور حشود من المصلين الذين يزورون الكنيسة ومغارة النبي إيليا ويوقدون الشموع. وأمضت مجموعات شبابية الليلة الماضية في دوريات الحراسة وتفقد أحوال الدير والمصلين، خشية قدوم أي من اليهود المتزمتين ويحاول دخول الكنيسة عنوة.