أنت هنا
تاريخ النشر:
الخميس, مايو 11, 2023 - 14:53
القائمة:
غصت قاعة كنيسة مار إلياس للروم الملكيين الكاثوليك بالحضور وعلى رأسهم قدس الإيكونيموس سهيل فايز خوري، الأرشمندريت أغابيوس أبو سعدى الرئيس الروحي لرعية مار إلياس في حيفا، والأب رامي حجار كاهن الرعية، ومشاركة كل من الكاتب الأديب فتحي فوراني، الكاتب المحامي سعيد نفّاع رئيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين – الكرمل 48، الكاتب زياد شليوط، وعرافة الشاعر كميل شقور.
استهلّ قدس الأرشمندريت أبو سعدى هذه الأمسية مرحبا بالحضور، وقال أهلا وسهلا بكم في هذه الأمسية التي تقام تكريما للأستاذ نايف، ونحن نعرف مدى انتماء الكاتب إلى كنيسته وبلده وعائلته، فهو يستحق هذا التكريم. ونتمنى تكرار هذه الأمسيات.
وقال الأديب المحامي سعيد نفّاع في كلمته: هذه الأمسية الحرفوشية تقام، كما تعرفون، بالشراكة ما بين رعية مار إلياس للروم الملكيين الكاثوليك في حيفا، والاتحاد العام للكتّاب الفلسطينيين الكرمل 48، إكرامًا للكاتب نايف خوري عضو الاتحاد، وإكرامًا لإقرث البلدة الرمز والجرح المفتوح. وإني في صدد نايف خوري عضو الاتحاد غير النائي بنفسه ككاتب عن العمل الميداني التنظيمي الجماعي والجَمعي، إلى الصوامع المكيّفة والأرائك الوثيرة نكوصًا نحو الأنا على حساب نحن.
واستعرض الكاتب نفّاع أهم وأبرز نشاطات الاتحاد على المستوى القطري، من مؤتمرات ومهرجانات التي نظّمها وشارك فيها.. وتطرّق إلى أهمية التنظيم الأدبي وصيانة الوحدة والاتحاد وتجاوز العقبات على أكثر من مستوى.
واختتم بالقول: إن الكاتب والشاعر الذي ينأى بنفسه عن العمل التنظيمي الجمعي لا يملك الحقّ الأخلاقي أن يطالب السياسيين بعملٍ جمعي أو يلومهم على افتقاده. فهنيئًا للمفترش الشوارع.. وهنيئًا لنا به. هنيئًا لك يا نايف كاتبًا.. وقبل ذلك هنيئًا لنا بك مفترشًا تراب الشوارع في الحراك الثقافي. وكم بالحري إذا كان هذا التراب تراب إقرث..
ثم تحدّث الأديب المربّي فتحي فوراني قائلًا: لقد كان لي الشرف أن أرافق هذه السيرة الحرفوشية وهي في مهدها منذ ولادتها وقبل اكتمالها حتى انطلاقها إلى عالم النشر.
وأضاف: تشكّل هذه السيرة الحرفوشية رحلة طويلة في دنيا التوثيق والبحث عن الجذور، للكشف عن ملامح الهويّة التاريخية والاجتماعية والحضارية للشعب الفلسطيني في أرض الآباء والأجداد. إنها عيّنة من التوثيق الذي نصبو لتحقيقه حفاظًا على الهويّة القومية وحفاظًا على هويّتنا وانتمائنا وجذورنا العريقة التي تضرب عميقًا في رحم هذا الوطن. وفي هذه السيرة الحرفوشية نموذج لتعزيز العملية التوثيقية من خلال التأريخ لشجرة القبيلة. انطلاقًا من رأس النبع قدس الأب الخوري سمعان حرفوش الرومي الكاثوليكي.. الذي بنى كنيسة إقرث وكان سادنًا وخادمًا لرعيتها حتى وفاته.
وتابع الكاتب فوراني مُجمِلًا أحداث الرواية بفصولها وفقراتها وأبرز سماتها، متتبّعًا مسيرة القبيلة الحرفوشية من الصحراء العراقية إلى تدمر، بإرشاد السراج الحكواتي في الرواية. وأشار إلى كنيسة إقرث الباقية منذ ولادتها تتحدّى سيوف الغزاة، وتتجلّى في وحدة أبنائها عند بناء الكنيسة، مع معلم العمار المسلم أبي حسين السيّد، الصيداوي.
ووجّه كلامه إلى الكاتب والإعلامي نايف خوري قائلا: عزيزي الأستاذ نايف خوري الحرفوشي حارس سيرة بني سمعان الحرفوشي، بوركت على هذا العمل الروائي الوثائقي الميداني الدقيق والشامل في البحث عن الجذور. أرجو أن يحذو حذو هذه السيرة الواعون من أبناء شعبنا، ويمتشقوا أقلامهم لتسجيل القصص والطرائف والحكايا التراثية.. ليكشفوا تاريخ عائلاتهم وتاريخ بلداتهم وقراهم، وتاريخ الأماكن التاريخية والحضارية والمقدسات الفلسطينية. وهذا البحث الميداني الحرفوشي يشكّل شاهدًا على وجودنا التاريخي والاجتماعي والحضاري الذي تضرب جذوره عميقًا في رحم الأرض.. أرض آبائنا وأجدادنا.
أما الكاتب زياد شليوط فقال: إن هذه السيرة التي هي عبارة عن مسيرة العائلة الحرفوشية عبر التاريخ والمواقع والأماكن التي حطّت فيها، ووصولا إلى إقرث إنما يؤكد مواصلة أهل هذا البلد ومتابعة نضالهم ومسيرتهم للعودة. وأدعو بهذه المناسبة سيادة المطران يوسف متّى الذي بدأ مسيرة إقرث قبل عامين أن يتابع هذه المسيرة بحضور أبناء شعبنا إلى إقرث وسائر القرى المهجّرة.
ولفت الكاتب شليوط إلى لوحة الغلاف التي وضعتها الفنانة تغريد حبيب، وقال إنها لوحة تعبّر تعبيرًا صادقًا عن فحوى هذه السيرة، لا سيّما أهالي إقرث الذين التفّوا حول كنيستهم وكاهنهم الخوري سمعان الذي يتطلّع إلى جهة العودة. وأثنى على استحضار السراج الذي يضيء العتمة ويسرد لنا كشاهد أمين ما يجري في الخيمة. فقد اعتقدت لأول وهلة أن هذا اسم أحد أشخاص الرواية لكني فوجئت بأنه الراوي الذي يطلعنا على ما يشاهده.
وألقى المحامي علي رافع كلمة تحية وثناء على الكاتب والكتاب، وقال إن هذه السيرة تنضمّ إلى محاولات توثيق الحياة في إقرث وقضيتها وكنيستها ونضال أهلها. وأشار إلى المؤلّفات السابقة للكاتب التي تصوّر الأحداث الخاصّة والعامّة في إقرث ككتاب "تذكار"، وكتاب "حياتي معركة لم تنته بعد".
أما الشاعر راضي مشيلح فقد ألقى قصيدة معبّرة بهذه الأمسية وقال:
نايف الخوري اليوم داعينا ع سهرتو ونحنا سوا جينا
ولما دخلنا كنيسة الإيمان لقينا المحبة عم تلاقينا
تلاقوا الأحبّة زهور بالبستان وعطورهن عمّا بتحيينا
كنيسة وخلوة وجامع الرحمان اجتمعوا سوا وحليت ليالينا
إن شاالله الأدب يبقى لنا عنوان ومع بعض نتلاقى بهالسهرات
وهيك أكيد رح نحقق أمانينا
ولعروس البحر حيفا أقول:
مع بسمتو فاق البحر والموج مثل خيول فزعانه
وحيفا عروس وراكعة تصلي تا يرجعوا مثل الفجر غيابها
ال ياما وياما بالشعر غنوا لها وغفوا عيون الليل في جدولها
وجاي أنا بعد الوقت حامل معي سلة حروف ملونة
مثل الطفل أول ما بلّش بالمشي خايف من خيول البحر تا توقّعو
ولما شافوني عيونها ع طول فتحتلي ايديها وقلبها
حبّيتها وبلّشت أرسم طولها أمي أنا ومتعربش ب مريولها
واختتم الأب سهيل خوري الكلمات بقوله: إنه يأتي حفيد حفيد الخوري سمعان حرفوش، وسائرًا على درب الكهنوت وخدمة الرب.
وأضاف: إن هذا ليس كتابا عاديا، ولا مجرد رواية تقليدية، بل هو فيلم سينمائي، ويشاهد القارئ فيه المشاهد المعبّرة والحياة التي عاشها الخوري سمعان وأهل البلد. ومضى يقول إنه زار بلدة خبب في سوريا وحاول معرفة جذور الحرافشة والخوري سمعان، لكن التوثيق التاريخي للكهنة في هذه البلدة لم يكن وافيًا. ولكن الأحداث الواردة في الكتاب هي توثيق رائع، ولذا كل عائلة وكل شخص يتوق لمعرفة جذوره وأصول عائلته وانتمائه.
وكانت الكلمة الأخيرة للمحتفى به الكاتب نايف خوري الذي شرح بداية الفكرة من وراء هذه السيرة الحرفوشية، مستذكرا جدّه الذي حدّثه عن جدّه الأول الخوري سمعان، وكان هذا ضريرًا في أواخر عمره، كيف كان يَجُرّهُ إلى الهيكل في الكنيسة ليخدم القدّاس، فأثارت حياة هذا الكاهن الذي دفن في كنيسة إقرث، حبّ الاستطلاع والتنقيب عن جذور هذا الكاهن وأبنائه وأحفاده وصولا إلى أحفاد الأحفاد. وأن الرواية كانت سببًا لوضع شجرة عائلة الخوري في إقرث، ثم قرأ بعض فقراته المتعلّقة بوصية الخوري كما تخيّله يقولها لأبنائه المتحلّقين حول فرشته في الكنيسة وهو في النزع الأخير من حياته.. وقال جملة ردّدوها من بعده: ليكن مدفني في الكنيسة لكن اجعلوا قبري في قلوبكم!! كما قرأ بعضًا من تظهير الشاعر والأديب وهيب وهبة.
وأخيرًا لا بدّ من الشكر الجزيل لمن أسهم بكتابة المقدمة الدكتور سليم خوري ابن إقرث، والدكتور علي الجريري ابن رام الله الذي كتب الختام، والكاتب الأديب وهيب وهبة لكتابة التظهير. كما لا بدّ من الإشارة والتنويه إلى الذين عملوا على إصدار هذه السيرة بحلّتها الأنيقة، وخاصة لوحة الغلاف، التي صمّمتها الفّنانة تغريد حبيب خصيصًا للكتاب، وللمدقّق اللغوي الأستاذ فتحي فوراني، الذي لم تفته شاردة ولا واردة لغويًا، وللمصمّم الغرافيكي الفنان شربل الياس، وفوق هذا كله لمن وقف على الطباعة والعمل المتقن والإصدار الجذاب الأستاذ صالح عباسي صاحب "كل شيء ناشرون – حيفا"، والذي أوصل الكتاب إلى المعارض الدولية ومكتبات الجامعات العالمية، فلهم جميعًا التقدير والمحبة والثناء.