أنت هنا
القائمة:
كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك
بطريركية الروم الملكيين الكاثوليك
تنتمي كنيسة الروم الملكيّين الكاثوليك إلى الكرسي الأنطاكي الذي يُعتبر مرجعًا أصيلاً لفروعٍ عدّة. فهي إذن شرقية المنبت، ذات جذور عميقة تأصّلت في أنطاكية منذ نشأتها باسم "الكنيسة الملكيّة".
وتسمية الملكيّين قديمة العهد، تعود إلى القرن الخامس الميلادي الذي شهد الخلاف بين مدرستَي الإسكندرية وأنطاكية اللاهوتيين. فالفريقان اتّفقا على أنّ المسيح الواحد هو إله تام وإنسان تام، ولكنّهما اختلفا على طريقة التعبير عن الوحدة القائمة بين العنصرين وطرقة شرحها. فمدرسة الإسكندرية ركّزت على وحدة الطبيعة في المسيح وطابعه الإلهي معتمدة في التفسير على التأويل الروحي والرمزي. أمّا المدرسة الأنطاكية فاعتمدت التأويل الحرفي والتاريخي، لذلك ركّزت على حياة المسيح الأرضية وعلى الطبيعة البشرية المتحدة بالألوهة.
هذا الخلاف أدّى إلى انعقاد مجمعين لتوضيح سرّ التجسّد. الأول في أفسس، سنة ٤٣١، برئاسة القديس كيرلس الإسكندري الذي دان نسطوريوس وأبرز وحدة الأقنوم في السيد المسيح. والثاني في خلقيدونيا، سنة ٤٥١، برئاسة أوتيخا، وقد أوضح حقيقة كلّ من الناسوت واللاهوت متحدين بلا امتزاج في وحدة المسيح الأقنومية.
وكانت الجماعة الأنطاكية منزعجة ممّا نتج عن مجمع أفسس من مقولات لكيرلس، ولم يتم الاتفاق إلاّ سنة ٤٣٣ بعدما قدّم كيرلس الإيضاحات اللاهوتية، وبعدما قدّم التنازلات لصالح التعاليم الأنطاكية. هذا المر أدى إلى انقسام كلّ من المعسكرين. فأنصار كيرلس لم يرق لهم تنازله للأنطاكيين، وأنصار يوحنا الأنطاكي انزعجوا من اتفاقه مع كيرلس.
ووقع الانقسام مرة أخرى حول عقيدة أوتيخا الذي أنكر أن طبيعة المسيح هي طبيعتنا نفسها. وأطلق موفدو البابا والأنطاكيون على مجمع أفسس. سنة ٤٩٩، اسم مجمع اللصوص.
وتبنّى مجمع خلقيدونيا، سنة ٤٥١، وجهة النظر الأنطاكية، بدعم من البابا لاون الكبير (٤٤٠-٤٦١). وتثبيت من الإمبراطور البيزنطي مرقيانوس (٤٥٠ – ٤٥٧). وهذا زاد حدة الخلاف بين الفريقين.
وانطلق أهل المعارضة في تحديهم السلطة المركزية البيزنطية، فأطلقوا على أتباع المجمع الخلقيدوني لقب "الملكيين" أي أتباع الملك، نسبة إلى الإمبراطور مرقيانس، في حين أطلق أنصار المجمع على المعارضة لقب اليعاقبة نسبة إلى يعقوب البرادعي.
وما لبث الشرق المسيحي أن انقسم إلى:
- يعاقبة، يقولون إن في المسيح أقنومًا واحدا وطبيعة واحدة. وقد أطلق يعاقبة مصر على أنفسهم اسم أقباط أي مصريين.
- نساطرة، نسبة إلى نسطور، يقولون في بأقنومين وطبيعتين في السيد المسيح.
- ملكيين، يقولون بأقنوم واحد وطبيعتين فيا لسيد المسيح.
وهكذا نشأت تسمية "الملكيين" منذ القرن الخامس الميلادي على إثر مجمع خلقيدونية وظهرت للمرة الأولى على لسان اليعاقبة في الإسكندرية.
أما تسمية "الروم" فهي تسمية حديثة، إذن لم تكن معروفة في الدولة الإسلامية فالاسم الذي كان شائعًا آنذاك هو الملكية أو الملكانية، وقد استمر معروفًا حتى أوائل القرن الثامن عشر. أمّا كيف أطلق لقب روم على الكنيسة الملكية فهذا يعود بحسب الاستاذ حبيب الزيات إلى خطأ في الترجمة الأجنبية للاسم. فكلمة روم مقتطعة من لفظة رومانيين (ROMANIAN) الواردة في التواقيع السلطانية العثمانية نسبة إلى الاسم الذي أطلق على القسطنطينية منذ تأسيسها (LA NOUVELLE ROME) أي روما الجديدة. فقد انتسبت الكنيسة الملكية إلى القسطنطينية بتراثها الفكري واللاهوتي والفني واللغوي. لذلك توهّم الكثيرون أن المنتسبين إلى هذه الكنيسة هم من أصل اثني إغريقي أو يوناني. وما زاد الأمر التباسًا تبنّي الكنيسة الملكية للطقس البيزنطي باللغة اليونانية فاقتطعوا "روم" من "رومان" للدلالة على الانتساب الاثني لهذه الكنيسة، فوقعوا في خطأ فادح يصعب معه اليوم إصلاحه نظرًا لشيوعه بشكل واسع.
أم الجزء الأخير من الاسم وهو "الكاثوليك" فناتج عن اتحاد فريق من الكنيسة الانطاكية بروما سنة ١٧٢٤. لذلك عُرف المتّحدون بروما بالروم الملكيين الكاثوليك "Grec melkite catholique أما الذين عارضوا الاتحاد فقد عُرفوا بالروم الأرثوذكس Grec orthodoxe مُسقطين عنهم لقب الملكيين.