أنت هنا

تاريخ النشر: 
الثلاثاء, أكتوبر 27, 2020 - 14:02
 
 

سيامة كاهن جديد في كنيسة البشارة على يد سيادة المطران متّى

 

احتفل في كنيسة البشارة للاتين في الناصرة بسيامة الراهب الفرنسيسكاني رفائيل تيم من عبلين كاهنا على مذابح الكنيسة، بوضع يد صاحب السيادة المطران يوسف متّى رئيس أساقفة عكا وحيفا والناصرة وسائر الجليل للروم الملكيين الكاثوليك، بحضور حارس الأراضي المقدسة الأب فرانشيسكو باتون والمونسينيور حنا كلداني النائب البطريركي للاتين في الناصرة، والأب مروان دعدس كاهن رعية اللاتين، كهنة ورهبان وراهبات. وإشبينا المرتسم الإيكونيموس إلياس العبد، النائب الأسقفي العام، والإيكونيموس مارون طنوس كاهن رعية المحتفى به عبلين.

وقال سيادة المطران يوسف متى في عظته باللغتين العربية والإيطالية:

جئت يا رفائيل إلى هذه الكنيسة اليوم، بيتك الفرنسيسكاني، ستصبح كلمة وحكاية الله ونوره للناس، لأنك على مثال المختارين قبلك، ستكون حاملا لرسالة الله إلى إخوتك وشعبك وتكلمهم وتقول لهم هكذا قال السيد الرب: فأنت لأجلهم تقدّس ذاتك اليوم على مثال السيد المسيح في خطابه الوداعي الأخير بعد أن أسس خدمة العشاء، الذي نقيمه اليوم باحتفال سيامتك الكهنوتية المقدسة، والتي منحك من خلالها هذه النعمة الإلهية لتصبح مسيحا آخر على الأرض. وماذا يعني أن تكرّس ذاتك للخدمة؟ أي أن تعتني بالنفوس بكل احتياجاتها، الروحية أولا والمعنوية والمادية بالتعليم والصلاة، ليروا من خلالك المسيح وليس آخر سواه. ولا تنسى أنك بشخص الرئيس الذي يمثل هذه العائلة الفرنسيسكانية، الأب باتون، تقدمت بإرادتك بالطاعة والفقر والعفة، لتكون أمينا ومكرّسا له، وفقط له أي المسيح. وليس كائن أقرب إلينا منه، فهو ملجأك في الضيقات، ونورك وقائدك في هذه الخدمة، لأنه قال تعلموا مني فإني وديع ومتواضع القلب. لقد كرّس نفسه لأجلك ولأجلنا، فلنتكرّس له في الحقّ، في النور والمعرفة الصحيحة، في المعاملة الحسنة وفي صفات الأخلاق الحميدة التي في المسيح يسوع، وأنا على طريقه أقدر أن أسير، لأني أستطيع كل شيء بالمسيح الذي يقويني. 

أخي الحبيب رفائيل، في هذا الزمن الذي نمرّ فيه، كما العالم أجمع، تبقى كلمة يسوع معنا إلى الأبد: لا تخافوا أنا معكم. فأنت تقف اليوم بمخافة أمام الله، كخادم جديد لمذبحه المقدس على مثال الرسل القديسين، الذين بهم أعطى السلطان لك ولكل كاهن كما سمعنا في هذا الإنجيل المبارك. والذين سألوه يوما وقالوا: قد تركنا كل شيء وتبعناك فماذا سيحلّ بنا. وأنت اليوم تسأله نفس السؤال فيجيبك قائلا: لقد اصطفاك الربّ اليوم في وقت التجديد هذا، في زمن الصعوبات لتكون ميلادا جديدا، في ظل هذه الأزمة التي نمرّ بها، بهذه الرهبانية التي احتضنتك، وهي على مثال مؤسسها الذي بنعمة الله الذي رمّم الكنيسة. وليكن الرب الإله لك وحدك ولغيرك من الإخوة والكهنة الذين يشاركونك في هذا الكهنوت المقدس. ومنكم جميعا أحبتي يـأتي الأمل الجديد لنا والرجاء، لأن الله هو الذي يعطي الرجاء. هو الرب الإله الذي يكلّمك بالفهم، لأن الفهم هو النار التي من الروح القدس، الذي سيحلّ عليك اليوم، بوضع يدي أنا الخادم الحقير للرب. لن يلهمك الروح القدس إن لم تتّكل وتتكلّل بالتواضع على مثال سيدك، لأنه محرقة الخطايا. اتصِف بلطف الكلمة على مثال السيد المسيح، الوديع لتجد راحة لنفسك. ولا تخف حتى وإن كان جسدك ملقى في هذا العالم، بين الأرقام والحسابات وأمور الدنيا، لكنك لست من العالم، لأنك تحمل المسيح في يديك. فانتبه كي لا تجعل بيت أبي مغارة لصوص بل بيت صلاة. اعكف على عملك عكوفك على الصلاة لأن فيها القوة، والثبات في المسيح، فأنت مدعو لتكون على مثاله، ولازم كل اليوم البساطة والتصق بوداعته في معاملاتك، وكن حذرا باختياراتك لئلا تزلّ قدمك. 

كن دائما في الحق والحقيقة مهما تقلّبت الأمور لأن الحقيقة هي من الرب والمسيح الذي قال: قولوا الحق ولا تخافوا. والحقيقة ليست وقفا على أحد، والفهم ليس حكرا على أحد. وقد أقمناك اليوم في وسط هذا الهيكل سيدا وأبا وراعيا ومعلما ومخلصا لجميع النفوس التي تحتاج إليك، لأن قولك مطاع بالمحبة الإلهية. هذا القطيع الذي يصرخ لحاجته إلى الرب في ظل هذه الظروف التي نحن فيها. كن أمينا على الوديعة التي سنضعها اليوم في يدك لأنك ستؤدي حسابا عنها.

رفائيل هذا الملاك الأمين على رسالة السماء حاضر لخدمة العرش السماوي، هو الشافي والمعين، هذا هو شفيعك فاتخذه قدوة ومثالا لك، نورًا يضيء لك في الظلمات لتعبر مع المسيح إلى برّ الأمان.

أيها الشماس الإنجيلي، المزمع أن يرتسم اليوم على مذابح الرهبانية الفرنسيسكانية العزيزة، بوضع يدي لتخدم كنيسة المسيح في كل زمان ومكان. أنت تستهلّ خدمتك في وقت جديد، نعم متأثر، متوتر، مليء بالصعوبات لكنك حامل الأمل لكل هذا الجيل، والحقّ أن زمان الكنيسة كان وما زال متوترا، ولكن أبواب الجحيم لن تقوى عليها. في هذه الأيام التي نشهد فيها على تكريس وتطويب شاب، على مذابح الكنيسة الكاثوليكية، ابن أسيزي، والذي أخذ كلمة الله وعاشها. نشهد أيضا جهود العالم أجمع في البحث العلمي لأجل الخروج من أزمة هذه الجائحة، التي أحدثت تغييرات حياتية في عالمنا اليوم، فلم نعد كالسابق.

طهّر نفسك والتعليم، لأن كل إنسان يعرف مضرّة قلبه، ولكن لا تخف لأن قائدك في السفينة لا ينام، فسيعبر بك وبالسفينة إلى الميناء الآمن، فتحَلّ بالصبر فالصبر مفتاح الفرج.

نعم إننا في زمان التغيير، فكن أنت من رواد هذا التغيير على مثال معلمك فرنسيس. اذهب والتمس وجه المسيح في كل وجه، لأن المسيح هو الكلمة والإنسان الموجود في كل إنسان. اذهب لأن العالم كله هو رعيتك. 

وقال الأب الجديد رفائيل تيّم:

أدعو وأرفع فكري صوب ربنا وأشكر. أولا لعظائم وأعمال ربنا ونعمِهِ الكبيرة. وعمل ربنا العظيم هو حبه لي أنا غير المستحق الذي اختارني ودعاني لهذه الخدمة الكهنوتية. وثانيا شكري لأهلي الشفعاء الأقرب إلى قلبي، لأنهم أحضروني وقدّموني إلى المذبح. وإخوتي وأخواتي والأولاد والأحفاد، كل نفَس أتنفسه هو سند يلاحقني بكل أبعاده وبقوة حتى أكمل طريقي للخدمة التي وضعت نفسي فيها.. فلكم أقول شكرا.

يقولون مشوار الوفاء بعيد وطويل، وأنا أنظر إلى نفسي فأجدني في أول الطريق، لكني أحب أن أتقدم وأشكر ثلاثة أشخاص كان حضورهم بارزا في أول 12 سنة من حياتي. كاهن طائفتي في ذلك الوقت، وحاليا هو المطران إلياس شقور، والراهبتين من سوريا، ومن الناصرة. كان اهتمامهم بغرس كلمة ربنا في نفوس الصغار، ومنها تنتقل إلى البيوت في كل البلد، وهم أحاطوني برعايتهم، وهذا جزء من وصولي لهذه الرتبة الكهنوتية، وعلّموني كيف أصغي جيدا لصوت ربنا. وعلموني أن صمتهم كان كافيا لأكوّن شخصيتي كإنسان مسيحي. أشكر بلدي عبلين، وقديستي مريم بواردي ليسوع المصلوب، هي رفيقتي الروحية في كل صباح ومساء. أشكر رهبانيتي بكل رهبانها ورؤساء أديرتها ورعاياها ورعاتها، خاصة هنا في الناصرة، رئيس وكاهن رعية ومعاونيه والراهبات. وأشكر جميع العلمانيين والمدرسين وحارس الأراضي والمحسنين وكل قلب شجّعني ووقف بجانبي وأمدّني بالطاقة، إن كان بالكلمة أو بأي عمل مهما كان صغيرا. أشكر الشبيبة الذين كانوا دافعا لي حتى أستمرـ أشكر أسيزي، دير مار فرنسيس ودير سيدة الملائكة. وشكرا لكل الحضور هنا، سيدنا يوسف متى، لأن وقوفك على باب الكنيسة والأنطش في عبلين كخوري الطائفة في ذلك الوقت، وأنت تبتسم وتدعو الشباب إلى الكنيسة وأحاديثك الروحية، لا زالت محفورة بالذاكرة وبالقلب. وفترة الكورونا هذه كانت مناسبة للاختلاء بنفسي، وأبعد قشور الدنيا عني، وخلال مكوثي في إيطاليا رأيت من الواجب أن يكون الكاهن جسرا لعبور النفوس إلى يسوع، وأن يأتي يسوع إلى البشر من خلال الأسرار وبالذات سر المناولة وسر مسحة المرضى. 

إنها المرة الأولى التي يحتفل صاحب السيادة المطران يوسف متّى بسيامة كاهن جديد في كنيسة البشارة للاتين في الناصرة، وقال بهذه المناسبة إنها خطوة هامة جدا، وانفتاح أحدنا على الآخر الأمر الذي يؤكد مسيرتنا نحو المسيح الواحد. وأشار سيادته إلى فرادة هذا الحدث وتميّزه وقال: تلتقي السماء والأرض في بلد البشارة في كنيسة البشارة، لنحتفل بسيامة كاهن جديد على مذابح الله. ونشكر الرهبنة الفرنسيسكانية التي سمحت برسامة كاهن فرنسيسكاني بوضع يد أسقف ملكي كاثوليكي.. وهذا يدل على الشركة مع الكنيسة بكل أطيافها ومعتقداتها.