أنت هنا
القائمة:
المطران جنبرت: درهم وقاية ولا قنطار علاج
"كما تعلمون يا أيّها الأبناء الأحبّاء، لقد أصاب العالم منذ مطلع العام وباءً وخيمًا، وهو فيروس كورونا الخبيث الّذي حصد حتّى اليوم آلاف المصابين في مختلف الدّول شرقًا وغربًا، وقد غدا مصيبة كبرى تهدّد البشريّة وتقدّ مضاجع النّاس في كلّ مكان. الكلّ يحتاط والحكومات تستنفر قدراتها الإسعافيّة والاستشفائيّة لتجابه هذه العاصفة الرّهيبة الّتي تطال صحّة المواطنين والّتي من شأنها أن تعرّض حياة الكثيرين للموت اختناقًا وبسرعة يصعب تدارك تداعيات تقدّمها المفاجئ.
الحمد لله أنّ هذا الفيروس لم ينتشر في سورية بشكل ملحوظ حتّى الآن، وفقًا للتّقارير الصّادرة عن الجهات الرّسميّة الوطنيّة وعدد من الهيئات الدّوليّة النّاشطة على حدّ سواء. غير أنّ حكومتنا الرّشيدة، ومن باب الحيطة والحذر، تسعى بما أوتيت من إمكانات علاجيّة وميدانيّة إلى اتّخاذ الإجراءات الاحترازيّة والتّدابير المناسبة لمواجهة ما قد يطرأ على صحّة المواطنين في حال انتشار فيروس كورونا وتفشّي المرض في بلادنا لا سمح الله. وعلينا نحن أيضًا أفرادًا وجماعات أن نحتاط ونواكب الأجهزة الحكوميّة والمراكز الاستشفائيّة متعاونين مع مديريّة الصّحّة والجهات المختصّة في حلب، للتّصدّي لهذا الوباء الجامح الّذي يهدّد سلامة الشّعب عمومًا وحياة كلّ واحد منّا خصوصًا. وليعلم الجميع أنّ الالتزام والمشاركة في هذه الحملة الوقائيّة هو واجب اجتماعيّ وضرورة حيويّة وفضيلة دينيّة.
ونحن نلجأ إلى الله العليّ القدير، ملتمسين عونه وحمايته، وبينما ندعوا أبناءنا إلى التّوجّه إليه تعالى بالصّلاة متضرّعين، فإنّنا نحرص كلّ الحرص على الالتزام بالتّصرّف يوميًّا وفق توجيهات المسؤولين في الدّولة، عاملين على تنفيذ ما يطلب منّا من ممارسات وقائيّة من شأنها أن تبعد عنّا، أفرادًا وجماعات، آفات هذا الدّاء القتال المميت. ولا ننسينّ يا أيّها الأبناء الأحبّاء ما يوصينا به بولس الرّسول في رسالته إلى تلميذه تيطس، من حيث أنّه يتوجّب على المؤمنين أن "يخضعوا للرّئاسات ويطيعونهم، وأن يكونوا متأهبّين لكلّ عمل صالح"، ففي ذلك مرضاة لله وكلّ الخير لهم ولمن حولهم من النّاس.
الجهات الرّسميّة تطلب من المواطنين تجنّب التّجمّعات والأماكن المزدحمة، كما أنّها توصي بالحدّ من التّجوال غير الضّروريّ وملازمة المنزل قدر الإمكان، وهي توصي أيضًا بنظافة اليدين وتعقيم أماكن التّواجد وعدم المعانقة ولا المصافحة باليد كما تدعو النّاس إلى تنشيط الجسم والحركة وشرب الماء والسّوائل بشكل مستمرّ.
ونحن بدورنا إذ ندعو المؤمنين إلى الفطنة والحكمة في تصرّفاتهم ومواجهتهم لمسبّبات الإصابة بالوباء، والعمل بتوجيهات الجهات المعنيّة دون تردّد أو تقصير، لا ننسى أن نذكر كلّ مؤمن بضرورة الاتّكال على الله أوّلاً وأخيرًا وبأهمّيّة التّوجّه إلى الرّبّ يسوع وأمّه الحنون بالدّعاء والصّلاة كلّ يوم، في بيته وحيث ما كان، ولنردّد كلّ يوم وفي كلّ ساعة نشيدنا المحبّب إلى والدة الإله والّذي اعتاد المؤمنون، عبر العصور ومن جيل إلى جيل، على تلاوته في القدّاس الإلهيّ بلهفة ودون انقطاع:
"يا نصيرة المسيحيّين الّتي لا تخزى ووسيطتهم الدّائمة لدى الخالق، لا تُعرضي عن أصوات الخطأة الطّالبين إليك. بل بما أنّكِ صالحة بادري إلى معونتنا نحن الصّارخين إليكِ بإيمان: هلمّي إلى الشّفاعة، وأسرعي إلى الابتهال، يا والدة الإله المحامية دائمًا عن مكرّميكِ".