أنت هنا
القائمة:
البابا يصلي من اجل الجدّات والأجداد !
تيلي لوميار/ نورسات
بالمسنّين "الّذين يتألّمون بشكل خاصّ خلال هذه الفترة في عزلة داخليّة كبيرة وأحيانًا في خوف كبير أيضًا"، فكّر البابا فرنسيس خلال قدّاسه الصّباحيّ أمس الثّلاثاء في كابيلا القدّيسة مرتا في الفاتيكان، فرفع الصّلاة إلى الله لكي يكون قريبًا من أجدادنا وجدّاتنا ومن جميع المسنّين ويمنح القوّة لمن منحونا الحكمة والحياة والتّاريخ، داعيًا الجميع أن يكونوا قريبين منهم بالصّلاة.
وتابع الأب الأقدس عظته على ضوء إنجيل متّى حول المغفرة والمسامحة، هذا الموضوع الّذي حمل بطرس على أن يسأل يسوع كَم مَرَّةً ينبغي على المرء أن يسامح ويغفر للآخرين. وفي هذا السّياق، أكّد الأب الأقدس على صعوبة هذا الأمر، مشيرًا إلى أنّ "هناك أشخاص يقضون حياتهم في إدانة الآخرين، فيما أنّ ما يريده الله هو أن نكون متسامحين ونغفر من قلوبنا"، وشرح بحسب "فاتيكان نيوز": "إنتهى يسوع من تقديم تعليم حول وحدة الإخوة وختمه بجملة جميلة: "إِذا اتَّفَقَ اثنانِ مِنكم في الأَرضِ على طَلَبِ أَيِّ حاجةٍ كانت، حَصلا علَيها مِن أَبي الَّذي في السَّمَوات"، إنّ الوحدة والصّداقة والسّلام بين الإخوة جميع هذه الأمور تجذب رضى الله. وبالتّالي سأل بطرس يسوع: "يا رَبّ، كَم مَرَّةً يَخطَأُ إِلَيَّ أَخي وَأَغفِرَ لَهُ؟ أَسَبعَ مَرّات؟"، فَقالَ لَهُ يَسوع: "لا أَقولُ لَكَ: سَبعَ مَرّات، بَل سَبعينَ مَرَّةً سَبعَ مَرّات". علينا أن نسامح ونغفر على الدّوام، ليس أمرًا سهلاً أبدًا لأنّ قلبنا الأنانيّ يتعلّق دائمًا بالحقد والانتقام والتّأفّف. لقد شهدنا جميعًا على دمار عائلات بسبب الحقد الّذي توارثه الأشخاص من جيل إلى آخر. إخوة لا يتصافحون حتّى أمام فقدان أحد والديهم لأنّهم يحملون أحقادًا قديمة، وبالتّالي يبدو وأنّ التّعلّق بالحقد هو أقوى من الحبّ وهذا هو كنز الشّيطان إذ صحّ القول. فهو بتربّص دائمًا وينتظر بين امتعاضاتنا وأحقادنا وينمّيها ويحافظ عليها ليدّمرنا ويدمّر كلّ شيء، وأحيانًا بسبب أمور صغيرة، فيدمّر هكذا أيضًا ذلك الإله الّذي لم يأتِ ليدين وإنّما ليغفر ويسامح؛ هذا الإله القادر على أن ينسى كلَّ شيء ويفرح من أجل خاطئ يتوب ويقترب منه.
عندما يسامحنا الله ينسى كلّ الشّرّ الّذي ارتكبناه؛ لقد كان أحدهم يقول في هذا الصّدد: "هذا مرض الله"، ليس لديه ذاكرة لا بل هو مستعدّ ليفقد ذاكرته في هذه الحالات. إنّ الله يفقد ذاكرته إزاء القصص السّيّئة للعديد من الخطأة وللكثير من خطايانا. هو يسامحنا ويغفر لنا ويمضي قدمًا. لكنّه يطلب منّا فقط أن نتعلّم أن نغفر بدورنا نحن أيضًا وألّا نحمل معنا قدمًا صليب الحقد والكراهيّة، كمن يقول: "سوف تدفع الثّمن" هذه الكلمات ليست مسيحيّة ولا حتّى إنسانيّة. يعلِّمنا سخاء يسوع أنّه ولكي ندخل إلى السّماء علينا أن نسامح، لا بل يقول لنا أيضًا: "إِن كُنتَ تُقَدِّمُ قُرْبَانَكَ عَلى المَذبَح، وتَذَكَّرتَ هُنَاكَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْك، فَدَعْ قُربَانَكَ هُنَاكَ أَمَامَ المَذبَح، وَاذهَب أَوَّلاً وصَالِح أَخَاك، وحينَئِذٍ عُد وقَدِّمْ قُربَانَكَ". هذا هو الصّدق في المحبّة أن نسامح ونغفر من قلبنا.
هناك أشخاص يعيشون من إدانة الآخرين والتّحدّث بالسّوء عنهم، ويشوّهون سمعة زملائهم في العمل وسمعة الأقرباء والأهل لأنّهم لا يسامحونهم على خطأ صدر منهم أو لا يغفرون لهم بسبب شيء لم يعجبهم. يبدو أنّ هذا هو غنى الشّيطان أن يزرع فينا رفض المغفرة والمسامحة والتّعلّق بموقفنا هذا، فيما أنّ المغفرة هي الشّرط لكي ندخل إلى السّماء. إنَّ المثل الّذي يخبرنا يسوع إيّاه هو واضح جدًّا: علينا أن نغفر. ليعلّمنا الرّبّ حكمة المغفرة هذه الّتي ليست سهلة أبدًا. ولنقم جميعًا بهذا الأمر: عندما سنذهب للاعتراف والحصول على سرّ التّوبة ليسأل كلُّ فرد منّا نفسه: "هل أغفر للآخرين وأسامحهم؟"، فإن كنتُ لا أغفر لا داعي لأن أدّعي طلب المغفرة لأنّني لن أنالها لأنّ طلب المغفرة يعني أنّه علينا أن نغفر بدورنا نحن أيضًا. إنّهما أمران مرتبطان ببعضهما البعض ولا يمكننا فصلهما، والّذي يطلب المغفرة لنفسه من الرّبّ، على مثال العبد الّذي يحدّثنا عنه يسوع في الإنجيل ولكنّه لا يغفر للآخرين سيكون مصيره كمصير ذلك العبد كما يقول يسوع: "هَكَذا يَفعَلُ بِكُم أَبي السَّماوِيّ، إِن لَم يَغفِر كُلُّ واحِدٍ مِنكُم لِأَخيهِ مِن صَميمِ قَلبِهِ".
ليساعدنا الرّبّ لكي نفهم هذا الأمر فنحني رأسنا ولا نكون متكّبرين بل نكون متسامحين في منح المغفرة، وفي أسوأ الأحوال أن نغفر من أجل مصلحتنا وكيف يكون ذلك؟ نعم أيّ أن أغفر للآخرين لكي يُغفر لي. لأنّ ما يهمّ على الدّوام هو المغفرة والمسامحة".