أنت هنا
القائمة:
البابا يؤكد أن الحقوق الاقتصادية تشكل ركيزة للتضامن بين البشر
فاتيكان نيوز
نظمت الأكاديمية البابوية للعلوم الاجتماعية ورشة عمل في الفاتيكان يوم أمس الأربعاء حول موضوع "أشكال جديدة من التضامن الأخوي والاشتمال والدمج والتحديث"، شارك فيها عددٌ من المصرفيين والخبراء الاقتصاديين ووزراء المال. وقد التقى البابا فرنسيس بالمؤتمرين الذين يُعتبرون "مهندسي المنظومة المالية العالمية" حاثا إياهم على التصدي لانعدام المساواة بين المداخيل من خلال إعطاء أولوية للأشخاص المحتاجين الذين همشتهم عولمة اللامبالاة.
شهدت ورشة العمل التي عُقدت في مقر الأكاديمية البابوية للعلوم الاجتماعية مشاركة وزراء المال من فرنسا، الأرجنتين، المكسيك، باراغواي والسلفادور، فضلا عن أحد الحائزين على جائزة نوبل للاقتصاد ومديرة صندوق النقد الدولي. وشكل اللقاء فسحة لمناقشة مشكلة انعدام المساواة والبحث في سبل تعزيز الاشتمال والدمج والتحديث.
في خطابه إلى المشاركين في ورشة العمل سلط البابا فرنسيس الضوء على عدد من المخاطر المتواجدة وراء النماذج الاقتصادية السائدة في عالم اليوم مشيرا في الوقت نفسه إلى ضرورة بناء جسور بين الأغنياء والفقراء في العالم. قال البابا إن العالم غنيّ لكن مع ذلك إن عدد الفقراء آخذ في الارتفاع من حولنا، لافتا إلى أن مئات ملايين الأشخاص يعيشون اليوم في حالة من الفقر المدقع، ويناضلون من أجل البقاء على قيد الحياة. وهم بأمسّ الحاجة إلى الطعام والسكن والرعاية الصحية والتعليم والتيار الكهربائي ومياه الشرب.
وأضاف فرنسيس أن حوالي خمسة ملايين طفل سيموتون خلال هذه السنة لأسباب مرتبطة بآفة الفقر، كما أن الهوّة القائمة بين المداخيل جعلت من ملايين الأشخاص ضحايا العمل القسري والدعارة والاتجار بالأعضاء البشرية.
تابع البابا فرنسيس خطابه إلى المشاركين في ورشة العمل مشيراً إلى أن هذا الواقع ينبغي أن يحملنا على اتخاذ الخطوات اللازمة لمعالجته، وعدم السقوط في فخ اليأس والقنوط. وأكد أن تلك المشاكل قابلة للحلّ، والجنس البشري لم يُحكم عليه بعدم المساواة. وشدد على أن الفقر يمكن تخطيه في حال تم تبني منظومة اقتصادية تشمل الجميع، تطعم الناس وتوفّر لهم الرعاية الصحية، وتقدّم اللباس للفقراء والأشخاص المقصيين في المجتمع. لذا، مضى البابا إلى القول، علينا أن نحدد الأولويات مدركين أن خياراتنا قادرةٌ على زيادة الظلم الاجتماعي والعنف أو جعل المنظومات الاجتماعية والاقتصادية أكثر إنسانية.
انتقل فرنسيس بعدها إلى الحديث عن الفقر المدقع الذي ما يزال متفشياً في عالم اليوم وذلك على الرغم من الغنى الكبير المتوفر على مر التاريخ البشري. وأوضح أن أثرى خمسين شخصا في العالم تُقدّر ثروتهم باثنين فاصلة اثنين تريليون دولار أمريكي مضيفاً أن هؤلاء الأشخاص لوحدهم قادرون على تمويل الرعاية الطبية والتربية لكلّ طفل فقير في العالم أكان من خلال الضرائب أو الأعمال الخيرية وبذلك باستطاعتهم أن ينقذوا حياة ملايين الأشخاص سنوياً. وندد ببعض الإجراءات التي تعفي الأثرياء من تسديد الضرائب، مشيرا إلى أنه في كل عام تنتهي مئات ملايين الدولارات – التي ينبغي أن تُجمع كضرائب وتموّل الرعاية الصحية والتربية - في حسابات خارجية.
وفي سياق حديثه عن الحلول المقترحة شجع البابا فرنسيس من يمسكون بزمام المنظومة المالية العالمية على تقاسم المسؤولية في مجال البحث عن الأخوّة وبناء الثقة. وقال إن المصارف والمؤسسات المالية عليها أن تساعد الأشخاص المحتاجين والفقراء فضلا عن البلدان النامية كي تتوصل إلى معيار معيّن من النمو، مضيفا أن توفير الحماية الاجتماعية وضمان حدّ أدنى من الدخل والرعاية الصحية للجميع والتربية لكل إنسان هي حقوق اقتصادية تشكل ركيزة للتضامن بين البشر.
في نهاية خطابه إلى المشاركين في ورشة العمل التي عُقدت في الفاتيكان حول موضوع "أشكال جديدة من التضامن الأخوي" حثّ البابا فرنسيس المشاركين على الإفادة من موقعهم النافذ من أجل تعزيز التنمية لصالح الأشخاص المحرومين والمهمشين، والتخفيف من وطأة الديون على الدول الفقيرة، وبذل الجهود الآيلة إلى احتواء تأثيرات التبدّل المناخي. واعتبر البابا أن أمامنا اليوم فرصة لنكون مشاركين في عمل الله القادر على تغيير مجرى التاريخ دفاعاً عن كرامة كل إنسان، لاسيما الأشخاص المقصيين.
( الصورة مأخوذة عن موقع البطريركية اللاتينية)