أنت هنا
القائمة:
احتفلت أبرشية الروم الملكيين الكاثوليك في الجليل بمرور خمس سنوات على تولّي سيادة المطران يوسف متى، متروبوليت عكا وحيفا والناصرة وسائر الجليل، منصبِهِ على رئاسة الأبرشية، وذلك يوم الأحد الثاني من حزيران/ يونيو 2024، في كاتدرائية مار إلياس للروم الملكيين الكاثوليك في حيفا، حيث غصت الكاتدرائية بالمصلين، وفي مقدمتهم كهنة الرعايا، الشمامسة، وشخصيات المجتمع الحيفاوي والعربي من كافة قرى ومدن الجليل.
واستقبلت سيادته في مدخل الكاتدرائية سرية كشافة الروم الكاثوليك الأولى في حيفا، ودخل محفوفا بالكهنة إلى الكنيسة، وقد ردد المصلون الترانيم الخاصة، مع جوق الترنيم الكنسي في حيفا بقيادة أمال ذياب.
وفي عظته تناول سيادة المطران متى النواحي الروحية لخدمة مشيئة الله، كما جاءت في الإنجيل المقدس في هذا النهار. وقال: يستعمل السيد المسيح طرقا عجيبة للدعوة، لا نفهمها في وقتها، ولكن لاحقا، لآنها تقاس بمقياس محبة الله للإنسان، وسعيه في التفتيش عنه.
وأضاف: إن سيرورة التبشير التي اتبعها السيد المسيح، جعلته يصل إلى كافة الشرائح في الشعب، فكان يطوف في الجليل كله.. جاء يسوع إلى وطنه، إلى بلادنا في تضاريسها المختلفة، قرانا في السهل والجبل والبحر والمرج. وهذه دعوتنا اليوم أن ننطلق على مثاله في البشارة.
ومضى يقول: نعم، ارتبطت دعوتنا في الكنيسة مع حمل الصليب، بمسيرات شاقة، مع متغيرات العالم وتقلبات الأزمان، وسارت بالأحداث العالمية والمحلية، التي بغالبيتها اليوم، تقاوم ملكوت الله، وتنتهج أساليب القسوة وتصلّب القلب، والانغلاق أمام نداء الرب، وعدم الاستجابة للنعمة المعطاة لنا، متفكرين فقط بالأمور الشخصية، وأمور العالم المادية. واليوم استفحلت الحروب في العالم أجمع وفي بلادنا خاصة، ونرى دعوتنا أصبحت تتركز في مسار المحافظة على ما بقي من وجودنا المسيحي، وهذا هو الحمل الأكبر اليوم. فما إن خرجنا من الكورونا نلملم الجراح النفسية والاجتماعية حتى فوجئنا باندلاع الحرب، حرب السلاح وحرب العنف، حرب المصالح والقتل، ويقلقنا ما نراه من القصف وقتل الأبرياء من كل الأطراف، والتهجير والهجرة، وسائر الأحداث والإسقاطات والنتائج، التي تنعكس سلبا على إيقاع الحياة، فنعود للعيش في ظروف التوتر والخوف والتأهب لما هو أسوأ، ونترقب اليوم التالي.
وفي ظل هذه التحديات، تطفو مجددا أزمة الوجود المسيحي في هذا الوطن المقدس، فقد تفاقم هذا التهديد جراء الشعور بعدم الأمان وعدم الاهتمام المحلي والدولي والمنظمات العالمية بنا، لأن التمييز الحاصل من السلطات، إن كان عن معرفة أو جهل أو تجاهل، فهو يندرج بالتمييز والعنصرية، وإن كان في التوظيف والإسكان والتعليم، ولن نستكين رغم المحاولات الكثيرة، إلى أن نبلغ حقنا الأساسي كمواطنين مسالمين مُعطين لهذا البلد في كافة المجالات والمرافق، لا سيما المؤسسة التعليمية كما في كل الكنائس. لأن مؤسساتنا التعليمية ومدارسنا الكنسية تعاني من قلة التمويل والدعم الحكومي. ويتبع لكل هذا موضوع المحافظة على الهوية والثقافة والتربية المسيحية، على التاريخ المسيحي وارتباطنا نحن بهذه الأرض المقدسة، فنحن أبناء هذه الأرض ولسنا مستوردين من الخارج.
وأشار سيادة المطران متى إلى أنه كأسقف للكنيسة الواحدة المقدسة، وبدافع مسؤوليته الراعوية والإدارية والتقديسية، فإنه يصلي ويعمل في صمت ودعاء وخشوع، لكي تمر الأزمة الراهنة القاسية جدا، ويتابع الزيارات الراعوية في كل الجليل.
وقال: تخطينا أزمة دير مار إلياس، ونحن نرفع رأسنا بشبابنا الذين وقفوا بجانب الكنيسة بكل محبة ودعم، وعملنا على استقرار الكنائس ومواصلة إقامة الصلوات والشعائر لجميع المواطنين دون مواجهات وإشكاليات، خصوصا في فترات الميلاد والصوم والقيامة المجيدة، رغم ظروف الحرب. وقمنا بثلاث رسامات شماسية إنجيلية، سنتبعها برسامات كهنوتية قريبا، ولدينا خمسة شمامسة رسائليين، وأربعة طلاب كهنوت، وأربعة آباء يستكملون تعليمهم الأكاديمي للقبين الثاني والثالث، إلى جانب دعوات أخرى ننظر فيها هذه الأيام. ونوّه سيادته إلى مركز العائلة للدعم والمصالحة، الذي يعمل مع خيرة الاختصاصيين، بتقديم المشورة والحلول للعائلات بالتعاون مع المحاكم الدينية والمؤسسات الاجتماعية. كما أشار إلى المركز الإعلامي الذي يتعاون فيه خيرة المختصين في مجال الإعلام والتسويق والتصميم الفني، ناهيك عن الموقع وشبكات التواصل الأخرى. إلى جانب التواصل مع السلطات الدينية والمدنية، ومع سائر الأخرى في الأرض المقدسة للمضي في مسرة التآخي والمصالحة والسلام والوحدة. كما تجري عدة مشاريع بناء وترميم في أغلب الرعايا. ومن ناحية أخرى يجري العمل على إعادة طباعة الكتب الطقسية، مع المحافظة على التراث الشرقي العريق، والترنيم الكنسي.
وكان سيادة المطران د. يوسف (عامر) عبد الله متّى قد ولد في مدينة الناصرة، بتاريخ 3.12.1968، لأبوين منحدرين من قرية عيلبون. أنهى دراسته الابتدائية والثانوية في كلية تيرسانطة في الناصرة. درس إدارة المحاسبة وهندسة الحاسوب في معهد الهندسة التطبيقية، التخنيون في حيفا. تابع دروسه الفلسفية واللاهوتية في معهد المخلص في بيت ساحور، ثم في المعهد البطريركي اللاتيني في بيت جالا، وحصل على اللقب الأول، البكالوريوس. سيم كاهنًا بتاريخ 19.6.1999 في كنيسة القديس جوارجيوس في عيلبون على يد سيادة المطران بطرس المعلم. خدم في رعايا أبرشية الجليل، وعمل أمين سر المطرانية وقاضيا في المحكمة الكنسية. تلقى سيادته دراساته العليا في اللاهوت وفي القانون الكنسي في المعهد الحبري الشرقي في روما، وأحرز لقب الدكتوراة في القانون الكنسي، وله منشورات في هذا الاختصاص. خدم إكليريكية القديسة حنة في لبنان، كنائب للرئيس ومسؤول عن الطلاب. خدم رعية الناصرة منذ عام 2011، وكان رئيسا للجنة العائلة ومرشدا للشبيبة، ومعلما للتربية الدينية في المدارس. في عام 2016 أصبح عضوا في لجنة التربية والتعليم لموضوع التربية الدينية. يجيد المطران متى، إلى جانب لغته الأم العربية، اللغات الإنجليزية والإيطالية والفرنسية والعبرية.
انتخبه السينودس المقدس الذي انعقد في لبنان رئيسا لأساقفة أبرشية عكا وحيفا والناصرة وسائر الجليل عام 2019، وأعلنه قداسة البابا فرنسيس مطرانا على أبرشية الجليل. وفي 1.6.2019 سيم أسقفا وتم التنصيب القانوني في كاتدرائية مار إلياس في حيفا.
وباختتام القداس، أشاد الإيكونيموس إلياس العبد النائب الأسقفي العام بالإنجازات التي تمت في عهد سيادة المطران متى، وخدمته المقدسة والرؤيا المخلصة لمستقبل الأبرشية.
ثم استقبل سيادته المهنئين في قاعة الكاتدرائية. وقد جرى بث الاحتفال في راديو مريم الناصرة، بإدارة قدس الإيكونيموس سهيل خوري وإدارة البرامج لنبيل أبو نقولا، والهندسة الإذاعية لعماد أبو سني. كما بثه موقع أهلا بإدارة سليم وجرمس خميسي. وقام بالبث في الراديو والموقع الإعلامي نايف خوري.
ونحن في موقع المطرانية نرفع صلواتنا إليه تعالى، كي يمنح سيادة المطران يوسف متى القوة والصحة، ويسربله بثوب القداسة، ويسدد خطاه، ويبعد عنه كل شر ومكروه، ويبقيه إلى سنين عديدة.