أنت هنا
القائمة:
زيارة قداسة البابا فرنسيس إلى البرتغال مدار اهتمام الشباب ومستقبلهم
بدأ قداسة البابا فرنسيس يوم الأربعاء زيارته الرسولية إلى البرتغال لمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للشبيبة، والتي تستمر لغاية يوم الأحد المقبل. وبعد هبوط الطائرة في ليشبونة جرت مراسم الاستقبال الرسمي، ثم توجه الحبر الأعظم إلى القصر الرئاسي لزيارة مجاملة إلى رئيس البلاد مارسيلو دي سوزا. وبعدها زار مركز بيليم الثقافي حيث كان له لقاء مع ممثلين عن السلطات المدنية والمجتمع المدني والسلك الدبلوماسي.
ووجه الحبر الأعظم للحاضرين خطاباً قال فيه: يسُرُّني أن أكون في لشبونة، مدينة اللقاء التي تحتضن مختلف الشّعوب والثّقافات، والتي تكتسي في هذه الأيام حلّة عالميّة، وتصير نوعًا ما عاصمة العالم. وهذا يناسب طابعها التّعدّدي، من حيث تعدّد الأعراق والثّقافات ويكشف عن ميزة البرتغال العالميّة، التي تضرب جذورها في الرّغبة في الانفتاح على العالم واستكشافه، والإبحار نحو آفاق شاسعة.
وأضاف قداسته قائلا، أنّ القضايا الكبيرة اليوم هي قضايا عالميّة، ومع ذلك فإنّنا غالبًا ما نختبر عدم الفعاليّة في الرّد عليها لأنّ العالم منقسم، أو أنّه على الأقل غير متماسك بما فيه الكفاية، وغير قادر على أن يواجه معًا ما يضع الجميع في أزمة. يبدو أنّ المظالم على مستوى الكوكب، والحروب، وأزمات المناخ والهجرة، تَحدُثُ بأسرعَ مما يمكن ويريد الإنسان أن يواجهها.
وأشار إلى أنه في عالم اليوم المتقدّم، المفارقة هي أن الأولويّة صارت الدّفاع عن الحياة البشريّة، المهدّدة بسبب الانجرافات النّفعيّة، التي تستخدم الحياة ثمّ تنبذها. أفكّر في الأطفال الكثيرين الذين لم يولدوا بعد والمسّنين المتروكين لأنفسهم، وصعوبة التّرحيب والحماية وعدم تأييد ودمج الذين يأتون من بعيد ويطرقون الأبواب، وفي عزلة العائلات الكثيرة التي تواجه الصّعوبة في الإنجاب والتّربية.
المشكلة العالميّة لا تزال خطيرة جدًّا: المحيطات تزداد سخونة وأعماقها تسلّط الضّوء على القبح الذي لوثنا به بيتنا المشترك. يذكّرنا المحيط أنّ حياة الإنسان مدعوّة إلى التّوافق مع بيئة أكبر منّا، والتي يجب أن نهتمّ بها بعناية، مفكرين في الأجيال الشّابة. أما المستقبل هو مجال ثان للبناء. والشّباب هم المستقبل. لكن هناك عوامل عديدة تثبّط عزائمهم، مثل قلّة العمل، والسّرعة المحمومة الغارقين فيها، وارتفاع تكلفة المعيشة، وصعوبة العثور على مسكن، والقلق الأكبر هو الخوف من تكوين أسرة ومن الإنجاب. أما المجال الثالث والأخير لبناء الأمل – مضى البابا يقول – هو مجال الأخُوّة الذي نتعلّمه نحن المسيحيّين من الرّبّ يسوع المسيح.
وفي لقائه مع الشباب في الجامعة الكاثوليكية في لشبونة، قال قداسة الحبر الأعظم:
تحلوا بالشجاعة لكي تستبدلوا المخاوف بالأحلام". لأن كل فرد منا مدعو لكي يتعامل مع الأسئلة الكبيرة التي ليس لها إجابة مبسطة أو فورية، ولكنها تدعونا لكي نقوم برحلة ونتخطى ذواتنا ونذهب أبعد منها. إنها عملية يفهمها طالب الجامعة جيدًا، لأن هذه هي الطريقة التي يولد بها العلم. وكذلك أيضًا ينمو البحث الروحي. نحن لا نثق في الصيغ الجاهزة، والإجابات التي تبدو في متناول اليد، التي تنزلق من كُمِّ القميص مثل أوراق اللعب المزورة؛ نحن لا نثق بتلك المقترحات التي يبدو أنها تقدم كل شيء دون أن تطلب أي شيء. في أحد أمثال يسوع، يجد اللؤلؤة الثمينة ذلك الذي يبحث عنها بذكاء ومهارة، ويعطي كل شيء، ويخاطر بكل ما لديه لكي يحصل عليها.
أضاف الأب الأقدس يقول أيها الأصدقاء، اسمحوا لي أن أقول لكم: إبحثوا وجازفوا. إنَّ التحديات هائلة والآهات أليمة في هذا المنعطف التاريخي، ولكن لنعانق خطر الاعتقاد بأننا لسنا في عذاب، وإنما في مرحلة الولادة؛ لا في النهاية، وإنما في بداية عرض رائع.
إن "الجامعة ليست موجودة لتحافظ على نفسها كمؤسسة، وإنما لكي تجيب بشجاعة على تحديات الحاضر والمستقبل". إنَّ الحفاظ على الذات هو تجربة، ردة فعل مشروطة للخوف، تجعلنا ننظر إلى الحياة بطريقة مشوهة. إذا حافظت البذور على نفسها، فستهدر تمامًا قدرتها على التوليد وستحكم علينا بالجوع؛ إذا حافظ الشتاء على نفسه، فلن تكون هناك روعة الربيع. لذا تحلوا بالشجاعة لكي تستبدلوا المخاوف بالأحلام: لا تكونوا مدبري مخاوف، وإنما رواد أحلام!
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول أيها الأصدقاء، يسعدني أن أراكم جماعة تربوية حيّة، منفتحة على الواقع، مع الإنجيل الذي ليس مجرد زينة، ولكنه ينعش الأجزاء والكل. أعلم أن مسيرتكم تشمل مجالات مختلفة: الدراسة، والصداقة، والخدمة الاجتماعية، والمسؤولية المدنية والسياسية، والعناية بالبيت المشترك، والتعبيرات الفنية.