أنت هنا
القائمة:
بدأت الديانة المسيحية في الانتشار خلال الفترة الرومانية في القرن الأول ميلادي، إلا انها وصلت قمة ذروتها خلال الفترة البيزنطية. منذ بداية إنتشارها وعلى الرغم كونها ديانة ممنوعة وفقا لقانون الإمبراطورية الرومانية، إهتم المسيحيون الأوائل في بناء الكنائس للصلاة. بداية، كانت تُخصص في المنازل قاعة للصلاة. لاحقا، لا نعلم تحديدا متى خلال القرن الأول ميلادي، بدأ بنائس الكنائس الأولى التي بنيت على شكل منازل السكن آنذاك، ذلك بهدف منع الرومان من التعرف او التحديد على أن هذا المبنى هو كنيسة مسيحية. من هنا سميت تلك المبان في اللغة اللاتينية "دوموس إكليسيا" (domus ecclesiae) والتي تعني "قاعة للصلاة". فقط خلال الفترة البيزنطية وبعد أن أصبحت الديانة المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطورية البيزنطية، إنتشر بناء الكنائس بشكل مشروع وبمبادرة من هيلانة والدة القيصر قسطنطسن.
خلال الحفريات الأثرية تم العثور في بلادنا على العديد من الكنائس التي يعود تاريخها الى الفترة البيزنطية، إلا ان معلوماتنا عن الكنائس من القرن الأول قليلة جدا، ذلك لقلة المكتشفات الأثرية: حتى العام 2005، كانت المكتشفات الأثرية من الموقع الأثري "دورا أوروبوس" (Dura-Europos church) او خربة الصالحية في سوريا، أقدم كنيسة يتم العثور عليها من النمط المعروف باسم "دوموس إكلسيا" حيث حدد الأثريون تاريخها الى الأعوام 233 – 256 ميلادي.
عام 2005 خلال الحفريات الأثرية التي أجرتها سلطة الآثار في مفترق مجدو، تم العثور على الكنيسة من النمط المعروف "دوموس إكليسيا" تاريخها القرن الثالث ميلادي وهي أقدم كنيسة تم العثور عليها حتى الآن.
لمحة عامة
أُجريت الحفريات ضمن مشروع توسيع سجن مجدو، المتواجد على انقاض الموقع الأثرية "قرية عوتناي". بدأت الحفريات الأثرية الأولى عام 2003 حين بدأ التخطيط لأعمال البناء واستمرت حتى العام 2005.
خلال الحفريات الأولى على قمة التلة وفي الجزء الغربي منها، تم الكشف عن بقايا الإستيطان في الموقع والتي شملت: منازل السكن ومجمع المنطقة الزراعية التي تم تحديد تاريخها بيد الباحثين الى ما بين القرن الرابع وحتى السادس ميلادي. اما الطبقات التي تواجدت ما تحت المنازل السكنية من الفترة البيزنطية، فقد شملت المكتشفات التي تعود الى الفترة الرومانية.
الصورة رقم 1: قاعة الصلاة المرصوفة بالفسيفساء
اما أبرز المكتشفات خلال العام 2005، فكانت قاعة الصلاة، يبلغ طولها 30 مترا، اما عرضها فهو قرابة 20 مترا (الصورة رقم 1 – بلطف عن سلطة الآثار) التي رُصفت أرضيتها بالفسيفساء المزخرف الذي شمل ثلاث كتابات باللغة اليونانية، أشكال هندسية ورسمة لسمكتان (الصورة رقم 2). كما أن الجدران كانت مغطاة بالطين الملون الذي شمل رسومات لم تحفظ حتى أيامنا هذه.
الصورة رقم 2: من اليمين الزخرفة التي تشمل السمك. من اليسار، كتابة "أفكتوس، محبة الرب قدمت المائدة ليسوع المسيح الألاه لذكره".
تم ترجمة الكتابات وتحليلها بيد الباحثة بروفسو ليا دي سيجني الخبيرة باللغة اليونانية القديمة. تشمل الكتابة الأولى ذكر جندي في الجيش الروماني أسمه "جايانوس"، الذي تبرع بماله لبناء أرضية الفسيفساء. اما الكتابة الثانية فهي تُخلد ذكرى أربع نساء: فريمليا، كيرياكا، دوروثيا وكارستا. اما الكتابة الثالثة فهي تذكر السيدة "أفكتوس" محبة الله التي تبرعت بالمذبح للرب يسوع المسيح لذكره. تم تحديد المبنى الى القرن الثالث ميلادي وفقا للعملات النقدية والمكتشفات الأخرى مثل أدوات الفخار.
للمبنى أهمية كبرى في دراسة تاريخ مبنى الكنيسة، إذ انه بني خلال الفترة التي كانت خلالها الديانة المسيحية ممنوعة كما لم يسمح ببناء الكنائس. كذلك، تُبرز الكتابات أمران مهمان: الأول تبرع الجندي الروماني بماله لبناء أرضية الفسيفساء مما ان يشير الى ان الجيش الروماني خلال تلك الفترة شمل جنود مسيحيون. اما الأهمية الكبرى للكتابات فهي الكتابات الأقدم التي تشير الى مكانة يسوع المسيح إلاها خلال الفترة الرومانية (والمقصود هنا الى مصدر خارج العهد القديم).
الصورة رقم 3: محاولة لإسترجاع شكل المبنى خلال الفترة الرومانية
الصورة رقم 4: عملات نقدية تم العثور عليها خلال الحفريات:
فترة البناء: ألغبالوس 218 – 222 ميلادي، ألكسندر سيفيروس 222 – 235 ميلادي
فترة إستعمال المبنى: غورديانوس الثالث 238-244 ميلادي