أنت هنا
القائمة:
مريم ام الانسان والاله
بقلم المتروبوليت د. يوسف متى الكلي الشرف والوقار.
إنّ لقب والدة الإله هو نقطة التقاء وأساس مشترك لجميع المسيحيّين، حيث يجعلنا نبدأ من جديد بإعادة اكتشاف الفهم حول مكانة مريم ودورها في الإيمان.
وفي زمن الاستعداد لميلاد السّيّد المسيح، دعونا نتأمّل في دور مريم والدة الإله ليس لأنّها حملته جسديًّا في بطنها فحسب، ولكن لكونها حملته أوّلًا في قلبها بإيمان وتسليم.
يمكننا بالطّبع الاقتداء بمريم بالمفهوم الأوّل، أن تولد من أحشاء فكرنا وروحنا ثمرة الحبّ، كميلاد المسيح، ولكن يمكننا الاقتداء بمريم بالمفهوم الثّاني، وهو يستند إلى إيماننا بالله وتسليمنا لمشيئته الّتي تقودنا إلى الخلاص بتجسّد الإله ثمرة أحشاء مريم المباركة.
طبّق يسوع نفسه على الكنيسة، نموذجَ مريم ومثالها، فلقّبها بأمّ المسيح عندما أعلن: "أمّي وإخوتي هم الّذين يسمعون كلمة الله ويطبّقونها".
على المستوى الرّوحيّ، إنّ كلّ من يقبل الكلمة، دون أن يصغي إليها، ويعيشها، فهو بالحقيقة يعيش حالة من الإجهاض الرّوحيّ وحاله كمن يتصرّف تجاه الكلمة مثل المراقب المتسرّع الّذي ينظر إلى وجهه في المرآة، ثمّ يغادر على الفور متناسيًا ما كان عليه الحال.
خلاصة القول، إنّ أولئك الّذين لديهم إيمان، ولكن ليست لديهم أعمال، فهم بذلك يلدون المسيح دون أن يحملوا به.
وأمّا كلّ من يقوم بأعمال كثيرة، وإن كانت أعمالًا صالحة، ولكنّها لا تنبع من قلب مؤمن، ومن محبّة الله ومن النّوايا الصالحة، بل بدافع العادة، والرّياء، والبحث عن مجد الإنسان، ومصلحته الشّخصيّة، أو لمجرّد الرّضا عن ذلك، فهذا أعماه المجد الباطل وضلّ الطّريق.
دعوني أوضح في هذا السّياق، حول من له أعمال وإيمان بقوله: نحن أمّهات المسيح عندما نحمله في قلوبنا وأجسادنا عن طريق الحبّ الإلهيّ والضّمير النّقيّ والصّادق، فإنّنا نلده من خلال الأعمال المقدسة، الّتي يجب أن تتألّق أمام الآخرين كمثال.
هلّا نفكّر أحبّتي بحقيقة الحبّ الإلهيّ، كقول القدّيس فرنسيس: "آه يا لها من قداسة! وكم عزيز، لطيف، متواضع، مسالم، حلو، محبوب ومحبوب فوق كلّ شيء، أن يكون لنا مثل هذا الأخ مثل هذا الابن، ربّنا يسوع المسيح!"
وختامًا، اود ان اقول ما الّذي يمكننا أن نقدّمه لكَ كهديّة، أيّها المسيح إلهنا، لأنّك ظهرت على الأرض واتّخذت إنسانيتنا ما عدا الخطيئة؟
يقدّم لك كلّ كائن من المخلوقات الّتي شكّلتها يداك شيئًا يشكرك عليه..
تقدّم لك الملائكة أغنياتها.. والسماء أنجمها.. والحكماء هداياهم، والرّعاة دهشتهم.. والأرض كهوفها..
والصحراء تقدّم مذودًا...
أمّا نحن، فلك نقدّم أمًّا عذراء! .