أنت هنا
أبينا الجليل في القديسين
اسبيريذون العجائبي أسقف ترميثوس (348م)
12/12 غربي (25/12 شرقي)
ولد القديس اسبيريذون وعاش في جزيرة قبرص. احترف رعاية الأغنام وكان على جانب كبير من البساطة ونقاوة القلب. وإذ كان محباً لله نما في حياة الفضيلة، محباً للقريب ومضيافاً للغريب.
ذكر عنه أن مجموعة من اللصوص حاولت سرقة بعض أغنامه ليلاً فمنعتهما يد خفيّة وسمرتهم في مكانهم. وفي الصباح اكتشف اسبيريدون أمر اللصوص وعظهم وصلى عليهم وحلّهم من رباطهم وأطلقهم بعد أن زودهم بأحد كباشه.
تزوج القديس ورزق ابنة وحيدة اسمها إيريني (سلام)، أما وزجته فرقدت بعد سنوات قليلة من زواجة أما ابنته فتبتلت إلى أن رقدت في الرب وأبوها حي يرزق.
ذاع اسم قديسينا في قبرص كلها، فلما رقد اسقف تريميثوس، وقع اختيار المؤمنين بالإجماع عليه رغم أن ثقافته بالكتب متواضعة. لم تغير الأسقفية من حياة قديسنا شيئاً لأنه استمر راعياً للأغنام، فقير اللباس، لا يمتضي داية بل يسير على قدميه، ولكن منذ أن استلم الأسقفية التزم مهامه الرعائية بجد كبير ومواظب وإخلاص.
بسبب اضطهاد المسيحيين من القيصر مكسيميانوس غاليريوس فقد قديسنا عينه اليمنى وأبترت يده اليسرى وحكموا عليه بالأشغال الشاقة في المناجم.
اشترك قديسينا في المجمع المسكوني الأول المنعقد في نيقية سنة 325م، بناء لدعوة الإمبراطور الرومي قسطنطين الكبير، فلما حضر كان بهيئة راعي غنم وله صوف الخروف على كتفيه، بعين واحدة ويده اليسرى مبتورة، ولحيته بيضاء ووجهه مضيء وقوامه قوام رجل صلب بسيط، فلم يكن من الإمبراطور والأساقفة الموجودين إلاّ أن وقفوا له إجلالاً بصورة عفوية، كان صخرة الإيمان الأرثوذكسي وقاوم بشدة الهرطقة الآريوسية.
في ذلك الوقت رقدت ابنته إيريني وكان أحد العامة قد استودعها غرضاً جزيل القيمة، ربما كان ذهباً، فخبأته في مكان آمن لا يدري به أحد غيرها. فلما كاشف الرجل قديس الله بالأمر فتّش له عنه فلم يجده. وإذ كان العامي حزيناً، تحرك قلب القديس شفقة عليه فذهب إلى قبر ابنته ودعاها بالاسم وسألها عن المكان الذي خبأت فيه الأمانه، فأجابته ودلتّهه على المكان بدقة.
هذا وتنسب للقديس اسبيريذون عجائب كثيرة مما استأهل بسببها لقب "العجائبي". ومن ذلك أنه أبرأ قسطنديوس قيصر ابن قسطنطين الكبير. وكذلك أقام ابنة المرأة الفقيرة من الموت. وفي سنين القحط استمطر الماء من السماء. وكذلك حول الحيّة إلى ذهب لمساعدة أحد الفقراء، وبعد قضاء الحاجة أعاد الذهب إلى حيّة كما كانت. ويذكر أن شماساً أخرس اشتهى أن يصلي صلاة وجيزة عند الظهيرة، فرأف به قديسنا وتضرع إلى الرب الإله فانحلت عقدة لسان الشماس وفتح فاه وصلى، ولكن أخذه العُجب فأطنب في الصلاة لأجل السبح الباطل فأعاده القديس أخرس أصماً لا ينطق بشيء البتّة. ويذكر أن أحد التجار رغب في شراء مائة من العنز من قطيع الراعي القديس. فلما حضر لاستلامها دفع ثمن تسع وتسعين منها لأنه قال ليس من عادة القديس أن يعّد المال، وإذ أخذ مائة بهيمة، أبت إحداها إلا أن تعود إلى الصيرة، فأمسكها التاجر وشدّها بالقوة فأفلتت منه وعادت إلى الصيرة ففعل ذلك ثانية وثالثة ولم ينجح، فألتفت إليه رجل الله وخاطبه بوداعة: لعلك لم تدفع ثمنها يا بنيّ! فاعترف التاجر واستسمح ودفع ثمن الباقية إذ ذاك خرجت البهيمة بهدوء وانضمت إلى القطيع المباع.
وفي إحدى الأيام شاء أن يقييم القدّاس الإلهيّ في كنيسة مهجورة، ولم يكن بمصلين، فعندما قال السلام لجميعكم حتى صدحت في الكنيسة أصوات الملائكة مجيبة ولروحك أيضاً، على هذا النحو استمرت خدمة القداس الإلهي القديس يؤم الخدمة والملائكة تجيب.
رقد القديس اسبيريذون في اليوم الثاني عشر من شهر كانون الأول سنة 238 للخلاص. كان قد بلغ من العمر ثمانية وسبعين عاماً. آخر ما يذكر عنه التاريخ أنه اشترك في مجمع سرديكيا سنة 247م دفاعاً عن القديس أثناسيوس الكبير.
هذا واستقر رفات القديس اليوم في جزيرة كورفو اليونانية، جسده لم ينحل إلى يومنا هذا. بقي في قبرص حتى القرن السابع الميلادي ثم إثر الفتح العربي جرى نقله إلى القسطنطينية وفي عام 1456م تمّ نقله خفية إلى جزيرة كورفو بعدما سقطت القسطنطينية في أيدي الأتراك. لقد كان وما زال جسد القديس إلى اليوم ينبوعاً لأشفية كثيرة وهو شفيع جزيرة كورفو.



