أنت هنا

تاريخ النشر: 
الاثنين, نوفمبر 2, 2020 - 17:08

أحبّني كما أنت

 

 

في غمر صراخنا، وصعوبة المواقف التي تواجهنا، يأتينا رب المجد يسوع المسيح حاملًا إلينا بشرى جديدة، بشرى لأمل جديد ينبع من قلب الله الآب لأبنائه. أنه السيد الذي في حضن الآب، وهو نفسه الذي أخبر عنه، أتى ليقول لنا أنّ الله يعرف بؤسنا، وجهاد روحنا وضيقاتنا، ونواقصنا وعيوب أجسادنا؛ ويعرف جُبننا وخوفنا وخطايانا، يريد قلبنا، كأنّه يقول: "يا بني أعطني قلبك ،  أي أحبّني كما أنت ..."

أحبّني كما أنت، في أيّ لحظة وفي أيّ موقف أنت فيه فلا تخف. أحبّني كما أنت في حماس أو جفاف، في إخلاص أو ضعف، فلا يريدك الله أن تتخلّى عن حبّك له، فإنّه يقول لك: "اليوم أريد حبّ قلبك المسكين كما هو؛ إذا انتظرت أن تكون مثاليًا، فلن تحبّني أبدًا".

ألا يستطيع الله أن يجعل كلّ حبّة رمل مشعة في النقاء والنبل والحبّ؟ أليس هو القدير؟ وإذا كان الله يترك كلّ تلك الكائنات الرائعة في لا شيء، ويفضّل الحبّ الفقير الموجود في قلبك، أليس هو  سيّد حبّه؟

نعم يقول لنا الله: "دعني أحبّك، أريد قلبك. بالطبع أريد أن أغيّرك مع مرور الوقت، لكن في الوقت الحالي أحبّك كما أنت". إنّه يريدنا أن نفعل الشيء نفسه؛ يريد أن يرى الحبّ ناهضًا من أحياء البؤس الفقيرة. يحبّ الضعف الذي فينا يحبّ الفقير والبائس. ويريد صرخة عظيمة تنهض باستمرار من أعماق القلب: "يا يسوع أحبك". يريد فقط أنشودة قلبك، وليس بحاجة إلى علمك أو موهبتك. شيء واحد فقط مهمّ، وهو أن يراك تعمل بحبّ، وتنشر هذا الحب لمن هم حولك، فيروا أعمالك الصالحة ويمجدّوا الآب.

ليست الفضائل ما يريدها الله؛ إذا هو مصدر عطائها، فنحن ضعفاء جدًا لدرجة أنّه سيغذّي حبّنا وذواتنا؛ ويجب ألّا نقلق بشأن ذلك فهو الذي يمطِرُ على الجميع. كان بإمكانه أن يقدّر لنا أشياء عظيمة؛ لكن حينها سنكون عبيدًا لا منفعة لهم، محرومين من حرية اختيارنا الشخصي له، حتّى أنّه سوف يأخذ القليل مـمّا لدينا، لأنّه خلقنا من أجل الحبّ فقط، أليس هو القادر على كل شيء؟

الله يقف عند باب قلبنا طالبًا منّا الحبّ وهو ملك الملوك! يطرق الباب وينتظر لنسارع في فتح قلوبنا في نحوه. لا تزيدوا من بؤسكم، إذ يعرف فقرنا تمامًا لأنّنا سوف نموت من الألم. ما سيحزن قلب الله وهو أن يرانا نشكّ به ونفتقر إلى الثقة فيه.

يريدنا أن نفكّر به في كلّ ساعة من النهار والليل؛ يريدنا أن نفعل حتى أكثر الأعمال تافهة من أجل الحبّ فقط. فعلينا ألّا نقلق بشأن عدم امتلاك الفضيلة؛ لأنّه سيعطينا خاصّته. فعندما نعاني سيمنحنا القوة. لقد منحنا الحبّ، وسيمنحنا القدرة على الحبّ إلى أقصى الحدود، لكن علينا أن نحبّه كما نحن رغم ما نكون ومهما نكون ...