أنت هنا
القائمة:
بطريركية بابل للكلدان
صدر كتاب جديد لصاحب الغبطة والنيافة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو بعنوان:
سِيَر بطاركة كنيسة المشرق/ سِيَر بطاركة الكنيسة الكلدانية منذ التأسيس والى أيامنا
(المجدل الثالث)
الكتاب يقع في 245 صفحة من الورق الصقيل، صدر عن مطبعة الديوان. تناول فيه غبطته سير ومسيرة بطاركة كنيسة المشرق/ وبطاركة الكنيسة الكلدانية، بإسلوب علمي، وزوده بصور وثائقية.
يمكن الحصول على نسخ منه بواسطة مركز نجم المشرق على العنوان التالي:
رقم الهاتف 00964(0)7904-804693
00964(0)7702880359
واليكم مقدمة الكتاب
المقـــــدمــــــة
لكي يصدر كتاب شامل عن سِيَر بطاركة كنيسة المشرق، قمت بمراجعة وتدقيق المعلومات، وتصحيح الاخطاء الطباعية التي كنتُ قد نشرتها كحلقات، تباعاً على موقع البطريركية، خصوصاً اني اضطررت انذاك ان أُكرر بعض الامور. هذا الكتاب يُعدُّ بمثابة كتاب المجدل الثالث عن سير البطاركة، بعد كتاب المجدل الاول لماري بن سليمان، والثاني لعمرو بن متى الطيرهاني ويوحنا بن سليمان الموصلي.
يهدف هذا الكتاب الى تعريف القارئ المشرقي والكلداني بتاريخ بطاركته عن قرب، ليتواصل مع ذاكرة كنيسته” بحبٍّ وامانة، اي ان يعود الى ذاكرة آبائه في الايمان وجذوره المسيحية، وقراءتها بعناية وعمق لفهم التراث اللاهوتي والليتورجي والقانوني الذي وصل اليه، بغية استخراج العبر منها، وتجديد الانماط والتقاليد المتجذرة التي وصلت اليه فتصبح لديه رؤية واضحة للتاريخ. الذاكرة هي السفر الحيّ للشعوب، وهو كنزها ومنطلقها لبناء حاضرها ومستقبلها. هنا اُشدد على اهمية معرفة الماضي، اي الاحداث في اطارها الزمنكاني والثقافي والاجتماعي والديني، وتفهم الحاضر بوعي.
لم تكن كنيسة المشرق الى زمن غير بعيد محصورة بشعب واحد وقومية واحدة. تسميتُها بكنيسة المشرق الكلدانية والاشورية مفارقة تاريخية. الشعور القومي والتسمية القومية ظاهرةٌ حديثةُ العهد نسبيّاً. فتسمية الكنيسة الكلدانية كانت سنة 1445، وكنيسة المشرق الاشورية سنة 1976 عندما انتخب المثلث الرحمات مار دنحا الرابع بطريركاً. تسمية كنيسة المشرق، تسمية قومية واحدة، خسارة لكل هذا التاريخ الطويل والتراث العظيم والتنوع الثري.
كان يوجد في كنيسة المشرق آشوريون وكلدان وفرس وقبائل عربية في الحيرة والخليج، وافغان وهنود وصينيون أيضاً. البطريرك يهبالاها الثالث (+1317) كان مغولياً، ولم يكن آشورياً ولا كلدانيًّا. هذه الجماعات كانت تنتمي كلُّها الى كنيسة المشرق، ولم تكن القضية القومية مطروحة على الاطلاق! اليوم في الكنيسة الكلدانية التي مذهبها كاثوليكي، يوجد كلدان وآشوريون. بعض الخورنات في الخارج تحمل الاسم المزدوج: الاشوري والكلداني. في الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية يعتز الاشوري والكلداني بقوميته.
كنيسة المشرق لم تعش في دولة مسيحية كما كانت الحال في الغرب، ولم تتحول الى ىسدة الحكم. كنيسة بلا بهاء خارجي ولا قوّة ظاهرة، بل قوتها في استقلاليتها وإنجازاتها الرئيسية: لاهوت حياتي وتصوفي وليس فلسفيا نظريا، لانها لم تتأثر بالجدالات اللاهوتية البيزنطية، كونها خارج اسوار الامبراطورية الرومانية. ولم تشترك في المجامع المسكونية المعروفة: نيقية، قسطنطينية، افسس وخلقدونية. وليتورجيّة أصيلة نشأت في بيئة، بعيدة عن التأثير الأجنبي. تقليد طقسي ولاهوتي وروحي وفني ومعماري، حافظ على جمالها وغناها، وعلى اللحن والموسيقى غير مقّيدَين بأساليب النوتة وأوزانها. ألحان شجيّة، ذات صبغة من التلقائية والبساطة والخشوع ، والرجاء والفرح.
كنيسة عرفت حركة رهبانية قوية بصيغها المختلفة، ونشاطاً تبشيرياً في الألف الاول منقطع النظير. مرسلوها وصلوا الصين.
كنيسة لم تعرف الراحة، بل عرفت الاضطهادات في عهد الحكم الفارسي الساساني، واوقاتا عصيبة من التصييق والاقسار مع قدوم المسلمين بسبب التمييز الديني بالرغم من التسامح الايجابي الذي تمتعت به في فترة الخلافة العباسية، حيث كان للمسيحيين حضورٌ واسهامٌ في الثقافة والادارة، والعمارة والتعليم والطب… هذه النخبة المثقفة توصلت الى ان تخلق جوّاً للتعايش Modus vivendi السلمي مع الحكام الجدد.
يُعدّ ماري بمثابة المؤسس الرسمي لكرسي كنيسة المشرق في ساليق وقطيسفون، وباني الكنيسة الاولى في بغداد.
لها بطاركة من عائلة يسوع، وبطاركة عظام كمار ابا الكبير وايشوعياب الثالث وطيمثاوس الاول والثاني، لكن عرفت أيضا صراعات شديدة من اجل السلطة، وتشويهاتٍ.
من المؤسف ان العديد من البطاركة استخدم الوساطة والحيلة والرشوة والتوريث للوصول الى الرئاسة، بدل ان ان يكون السينودس هو الطريقة الطبيعية والشرعية لاختيار من هو الأنسب. هذا الصراع من أجل الرئاسة والذي يتقاطع مع روحية الانجيل، خَلقَ إنقسامات وأعاق تقدم الكنيسة.
سكن بطاركة كنيسة المشرق أولاً في المدائن بقرب كنيسة كوخي، ثم مع بناء العاصمة بغداد في عهد العباسيين تحولوا اليها وسكنوا في دير كليليشوع، ثم في دار الروم، الى ان غادرها البطريرك يهبالاها الثالث الى مراغا- ايران، عاصمة المغول، بسبب حصار بغداد وسقوطها على يد هولاكو خان سنة 1258. انتقل خليفته طيمثاوس الثاني الى اربيل ودنحا الثاني الى كرمليس، و آخرون الى الموصل وجزيرة ابن عمر، ودير الربان هرمزد والموصل من جديد، الى ان اعاد البطريرك بولس الثاني شيخو المقر الى العاصمة بغداد، في العام 1960. مقابرهم في كوخي (المدائن) والحيرة، ودار الروم، ودير الربان هرمز والموصل وبغداد.
في هذه الخلاصة، أتناول بطاركة كنيسة المشرق الى زمن الاتحاد بروما 1551، بعدها أكمل بسلسة بطاركة الكلدان. اتمنى ان يقوم شخص من كنيسة المشرق الاشورية باستكمال سلسلة بطاركتها بعد تاريخ الانقسام.