أنت هنا

26/10
 

تذكار القديس المعظم في الشهداء ديمتريوس المفيض الطيب (+303)

26/10 غربي(9/11 شرقي)

إن ما نعرفه عن القديس ديمتريوس قليل، ومع ذلك فإن له في وجدان الكنيسة ذكراً حسناً وإكرامه طبّق الآفاق.

ولد ونشأ في مدينة تسالونيكي، وقد قيل من أبوين تقيين عدما ثمرة البطن طويلاً إلى أن افتقدهما الله بعدما استغرقا في الصلوات والنذور ومحبة الفقير والصبر.

ويشاء التدبير الإلهي أن يعبر الإمبراطور مكسيميانوس بمدينة تسالونيكي عائداً من حرب خاضها ضد البرابرة السكيثيين، شمالي غربي البحر الأسود. ولما كان والده قائداً عسكرياً أنشأه على ضبط النفس والجهاد والأمانة، كما على التقى ومحبة الفقير. ولما بلغ الأشدّ تلقى من العلم قدراً وافراً ثم انخرط في الجندية كأبيه وأضحى قائداً عسكرياً مرموقاً. وقد أقامه الإمبراطور مكسيميانوس على مقاطعة تساليا، وقيل قنصلاً على بلاد اليونان. هذا فيما تذكر مصادر أخرى أنه كان شماساً غيوراً وحسب. ولكن غلبت عليه صورة الجندي.

كانت العادة أن تقام الاحتفالات ويرفع البخور للملك والآلهة وتقدم الذبائح في المناسبة، فقد أعطى الملك توجيهاته بإعداد العدة في هذا الشأن في المدينة. واغتنم بعض حسّاد ديمتريوس الفرصة فقاموا وأسرّوا للإمبراطور حقيقة من كان قد أولاه ثقته أنه لا يتساهل بشأن المسيحيين وحسب، كما أوصى جلالته، بل اقتبل هو نفسه المسيحية وأضحى مذيعا لها. فاغتاظ الإمبراطور وأرسل في طلب عامله. فلما حضر استفسره الأمر فاعترف ديمتريوس بمسيحيته ولم ينكر، فجرده الإمبراطور من ألقابه وشاراته وأمر بسجنه ريثما يقرر ما سيفعله به، فأخذه الجند وألقوه في موضع رطب تحت الأرض كانت تفوح منه الروائح الكريهة.

أيقن ديمتريوس أن الساعة قد أتت ليتمجد الله فيه فأخذ يعد نفسه بالصلاة والدعاء. كما أوعز إلى خادمه الأمين لوبوس الذي كان يعوده في سجنه بتوزيع مقتنياته على الفقراء والمساكين.

وإن هي سوى أيام معدودات حتى أرسل الإمبراطور جنده إليه من جديد فطعنوه بالحراب حتى مات. ويقال إن السبب المباشر لتنفيذ حكم الإعدام السريع هذا كان تغلب الشاب المسيحي نسطر على لهاوش، رجل الإمبراطور، في حلبة المصارعة. فقد سرى انه كان لديمتريوس ضلعاً في ذلك، فيما ظن الإمبراطور أن ما حصل كان بتأثير سحر هذا المدعو مسيحياً.

ويقال إن خادم ديمتريوس، لوبوس، آخذ رداء معلمه وخاتمه من السجن بعدما غمّسه بدمه وأن الله أجرى بواسطتهما عجائب جمّة. وبقي كذلك إلى أن قبض عليه الجند هو أيضاً وقطعوا هامته.

آما رفات القديس فأخذها رجال أتقياء سرا ودفنوها. وقد أعطى الله علامة لقداسة شهيده أن طيبا أخذ يفيض من بقاياه ويشفي الكثيرين من أمراضهم، مما جعل الكنيسة تسميه بالمفيض الطيب. يذكر أن رائحة الطيب ما زالت تعبق بين الحين والحين من ضريحه إلى اليوم. وضريحه مودع في كنيسة (بازيليكا) القديس ديمتريوس في قلب مدينة تسالونيكي حيث يعتبر شفيع المدينة ومنقذها من الشدائد والضيقات. وهي لا زالت إلى اليوم تقيم له احتفالات خاصة تشمل المدينة بأسرها كل عام وعلى مدى أسبوع كامل.

يذكر أن الإمبراطور يوستنيانوس (483_ 565م ) رغب، في زمانه، في نقل رفات القديس ديمتريوس إلى القسطنطينية فحضره صوت أبى عليه ذلك.