أنت هنا

11/10
 

تذكار القديس فيليبس الرسول أحد الشمامسة السبعة

"11/10 غربي(24/10 شرقي )"

إن المصدر الأساسي لمعلوماتنا عن القديس فيلبيس هو كتاب أعمال الرسول. فلإصحاح السادس يذكره بالاسم كواحد من الشمامسة السبعة الذين انتخبهم جمهور التلاميذ ووضع الرسل أياديهم عليهم وأقاموهم على خدمة الموائد أي توزيع المؤن على المحتاجين إليها من الجماعة.

ثم انه بعدما رجم اليهود استيفانوس الشماس وقتلوه، وبعدما قاد المدعو شاول - أي بولس الرسول قبل اهتدائه- حملة على المسيحيين، تشتت التلاميذ، "فانحدر فيليبس إلى مدينة من السامرة وكان يكرز لهم بالمسيح" ( أعمال الرسل8). هناك في تلك المدينة، جرت على يده آيات عظيمة حتى كانت الأرواح النجسة تخرج والمفلوجون والعرج يشفون. وقد آمن ببشارة ملكوت الله رجال ونساء كثيرون. وكان من بين هؤلاء سمعان الساحر الذي اعتمد ولازم فيليبس بعدما اعترته الدهشة مما عاينه من آيات وقوات. سمعان الساحر هذا هو إيّاه من عرض على الرسولين بطرس ويوحنا، فيما بعد، مالاً إذا ما أعطياه سلطان منح الروح القدس لمن يشاء حتى إن السعي إلى اقتناء موهبة الله، عموماً بدراهم، صار يعرف في الكنيسة بالسيمونية.

وبعد السامرة كلّم ملاك الرب فيليبس أن يذهب "نحو الجنوب على الطريق المنحدر من أورشليم إلى غزّة التي هي برية فقام وذهب" (أعمال الرسل 8: 26- 27). هناك التقى الحبشي الخصيّ وزير كنداكة، ملكة الحبشة، مسافرا، فأنار له ما غمض عنه من قول ما كان يقرأه من أشعياء النبي:"مثل شاة سيق الذبح ومثل خروف صامت أمام الذي يجزّه هكذا لم يفتح فاه" ( أشعياء 53: 7- 8)، فبشّره بالمسيح وعمّد في الطريق.

وبعدما أنجز فيليبس مهمته خطفه روح الرب فوجد في أشدود. ومن أشدود سافر إلى قيصرية عابرا بعدة مدن ومبشرا بالمسيح. ويرجح أن قيصرية كانت موطن فيليبس.

هذا كل ما يمدّنا به كتاب أعمال الرسل لجهة خدمة فيليبس وكرازته بالكلمة. أما في التراث فتردّد انه انتقل، فيما بعد، من قيصرية فلسطين إلى مقاطعة تراليا في آسيا الصغرى حيث جعل أسقفاً وهدى كثيرين إلى الإيمان ثم رقد بسلام في الرب بعدما شاخ جدا.

والى خدمة فيليبس الرسول الشماس عندنا معلومة إضافية أنه تزوّج وأنجب أربع بنات نذرن العذرة وكن نبيّات في مدينة أبيهن قيصرية. والكنيسة تعيّد لثلاثة منهن، القديسة هرميون المعترفة، والقديستين الشهيدتين خاريتيني وأوتيخي، وذلك في اليوم الرابع من شهر أيلول من كل عام.

 

تذكار أبينا البار ثايوفانس المرنم الموسوم ( القرن التاسع)

 

ولد القديس ثايوفانس وترعرع في العربية في أسرة امتازت بفضائل ثلاث: التقوى والضيافة ومحبة العلم. وقد وفّر له والداه، هو وأخاه الأكبر ثيودوروس، فرص تلقّن ما كان معروفا في أوساطهما من علوم دنيوية وعلم إلهي. ثم أرسلاهما إلى دير القديس سابا في فلسطين لاستكمال معرفتهما، لا سيما في أصول الحياة الرهبانية.

فأما ثيودوروس، الذي تعيّد له الكنيسة في اليوم السابع والعشرين من شهر كانون الأول، فقد جمع، إلى التواضع والطاعة الرهبانية، علما لاهوتيا جزيلا حتى كان أحد أبرز المعلّمين في زمانه. وأما ثاوفانس فلم ينقص عن أخيه في شيء من فضائل الحياة الرهبانية الملائكية، وهو برع، إلى ذلك، في نظم الأشعار الكنسية والترتيل. من هنا لقبه بالمرنّم أو المنشئ. وقد سيم كلا الأخوين كاهنا.

فلما أثار الإمبراطور البيزنطي لاون الأرمني (813- 820) موجة من الاضطهاد على مكرمي الأيقونات المقدّسة، شاء البطريرك توما الأورشليمي الذي كان الأرثوذكسية وكان في مأمن من شرور الإمبراطور بعدما أضحت أورشليم في يد العرب ابتداء من العام 637م، أقول شاء أن يقارع لاون بالحجة علّه يرتّد إلى صوابه، فأرسل إليه سفارة قوامها الأخوان العالمان ثيودوروس و ثاوفانس وأبوهما الروحي ميخائيل النائب.

حاول الإمبراطور في بادئ الأمر أن يستميل السفارة إلى حزبه. فلما تعذر عليه ذلك أسلم الأخوين إلى المعذبين، ثم نفاهما إلى إحدى جزر البحر الأسود وحظّر على أي كان أن يقدم لهما العون، حتى في ضرورات عيشهما. وقد أقام الأخوان على هذه الحال ردحا من الزمان إلى أن ثار عبيد لاون عليه وقتلوه ليلة الميلاد من العام 821م.

وملك، بعد لاون ميخائيل الثاني المعروف بالألثغ ( 821- 829م) فعرف مكرمو الأيقونات في أيامه هدنة دون أن يحسم الأمر في النزاع القائم إلى هذا الجانب أو ذاك. وقد سمحت هذه الحالة للأخوين أن يعودا إلى القسطنطينية حيث أخذا ينشران بهمة واندفاع ما علّمه المجمع النيقاوي الثاني (787م) بشأن إكرام الأيقونات. ولكن حسد بطريرك القسطنطينية الهرطوقي آنذاك، واسمه يوحنا، أعادهما إلى المنفى من جديد. 

وما أن ارتقى سدّة العرش ثيوفيلوس، ابن ميخائيل، حتى اشتدت قبضة الاضطهاد من جديد، وعلى حدّة تفوق ما كانت عليه في السابق. فأرسل في طلب الأخوين ثيودوروس و ثاوفانس من المنفى وحاول أن يكسبهما إلى معسكره. فلما لم يفلح عذبهما بوحشية وأمر بوسمهما على الجبهة، فخطّت بوخز الإبر والنار أبيات من الشعر على جبهة كل منهما تبيّن أسباب العقوبة الموقعة به. بعد ذلك أعادهما إلى المنفى، ولكنه أرسلهما، هذه المرة، إلى أفاميا في بيثينيا. وفي افاميا اسلم ثيودوروس الروح بعدما طعن في السن وقضى خمسا وعشرين سنة في الاضطهاد.

أما ثايوفانس فكان ما يزال بعد قويّ البنية، فبقي في المنفى إلى أن مات ثيوفيلوس الإمبراطور سنة 842م. وقد كان موت ثيوفيلوس إيذاناً بانتهاء سلسلة الحملات المتقطعة على مكرمي الإيقونات، منذ العام 726م.

ثم أن ثايوفانس اختبر أسقفاً على مدينة نيقية فأقام راعيا لشعبها إلى أن رقد بسلام في الرب عام 847 للميلاد.

هذا وقد كتب ثاوفانس خلال فترة اضطهاده ما لا يقل عن مئة وخمسة وأربعين قانونا ما يزال الكثير منها يرتل إلى اليوم، لا سيما في الأعياد السيدية والقدّيسين.