أنت هنا

02/10
 
 

تذكار القديس كبريانوس (مشرق) الشهيد في الكهنة ويوستينة البتول (+304م)

"2/10 غربي (15/10 شرقي )"

كان كبريانوس أحد الرجال المعروفين في أنطاكيا في زمانه. فلقد تسنّى له أن يحصّل قدراً وافراً من العلوم الدنيوية، انصرف بعدها إلى ممارسة السحر، فبرع فيه إلى حد أن الوثنيين كانوا يقصدونه من كل صوب ويطلبون إليه أن يتوسط لدى الشياطين ليؤدوا لهم خدمات محددة أو يتسببوا في أذية بعض الناس أو تحريك بعضهم الآخر في هذا الاتجاه أو ذاك. وقد طوّر كبريانوس عمله فاطلع على شتى أنواع كتب السحر وزار أمكنة اشتهرت بسحرها وسحرتها وأخذ عنها الكثير. كل ذلك جعله رجلاً غنياً مخوفاً. ولا شك أنه تسبّب، من حيث يدري ولا يدري، في أذية الكثيرين، ولم يكن يبالي. 

ثم إن عذراء من عذارى أنطاكيا اسمها يوستينة، كانت على الوثنية ووحيدة والديها، اهتدت إلى الرب يسوع واعتمدت هي وأبواها ونذرت عفتها للختن السماوي في زمن ساده المجون والخلاعة.

أما صلة كبريانوس بيوستينة فهناك روايتان بشأنها. تقول الرواية الأولى أن كبريانوس التقى يوستينة يوماً فأخذ بجمالها البارع ووقع في حبّها. ولما حاول التودد إليها صدّته. أما الرواية الثانية فتذكر أن شاباً خليعاً من أهل ذلك الزمان وقعت عينه على يوستينة فأغرم بها وأرادها فخيّبته، فجاء إلى كبريانوس مستجيراً. أياً تكن الرواية الصحيحة فإن الثابت أن كبريانوس سعى بما أوتي من علم في السحر وبما كان عليه من صلات بالأرواح الضالة، أن يجعل يوستينة ترغب فيه، أو- إذا ما اعتبرنا الرواية الثانية- في الشاب الذي سأله العون.

وبذل كبريانوس جهده ليظفر بالفتاة فلم ينجح. لم يترك طريقة من الطرق إلا جرّبها ففشل فشلاً ذريعاً. وحيث أنه كان رجلاً علاّمة، أو ربما حيث إن حبّه ليوستينة قد أخذ بمجامع قلبه، فقد وجد نفسه راغباً في التعرف إلى إله المسيحيين، الإله القدير الذي يفوق كل شياطينه وأدوات سحره قدرة، فانكب على المسيحية يتعلمها. وهكذا اهتدى، هو أيضاً، إلى المسيح يسوع. 

وكان من نتيجة ذلك أن جمع كبريانوس كل ما كان عنده من كتب السحر وأحرقها علانية، كما جمع أمواله ووزّعها على الفقراء، وصار همّه أن يكفّر عن خطاياه الكثيرة وأذيته للناس بدموع حارّة وأعمال محبة تفوق ما سبق أن أتاه من شرور. كان ساحراً يجتذب الناس إليه صاغرين بقوة السحر وفعل الشياطين فجاءته عذراء رقيقة سحرته بجمالها واجتذبته إلى الإيمان بالرب يسوع المسيح.

ثم إن أسقف المدينة لاحظه فجعله كاهناً. ويقال إنه سيم أسقفاً أيضاً وجعل يوستينة شمّاسة.

وحدث في ذلك الزمان أن تحركت زوبعة الاضطهاد على المسيحيين، أيام الإمبراطورين ذيوكلسيانوس ومكسيميانوس، فقبض على كبريانوس ويوستينة وعذبا جلداً وتمزيقاً ورميا في الزفت المحمى. وأخيراً قطعت هاماتهما ففازا بإكليل الاستشهاد.

نشير إلى أن كبريانوس الساحر هذا قد اختلط في الأذهان عبر التاريخ بكبريانوس القرطاجي الشهيد المتوفي عام 258م. مردّ ذلك، خصوصاً، عظتا القدّيسين غريغوريوس اللاهوتي وسمعان المترجم في الأول.