أنت هنا
تذكار القديس الشهيد في رؤساء الكهنة غريغوريوس اسقف أرمينية
30/9 غربي (12/10 شرقي)
إذا كان القديس برثلماوس الرسول هو أول من وطىء أرض أرمينية مبشراً، كما جاء في الثراث المتداول، فإن القديس غريغوريوس المعروف بــ" المنير" هو الرسول الثاني الذي نشر وثبّت الإيمان المسيحي فيها.
ولد غريغوريوس عام 240 م لعائلة مجوسية. أبوه هو آناق الفرتي، من العائلة المالكة الفارسية، وقريب للملك خسرو الأرمني. بناء لإيعاز من ملك الملك أرتشوراس، قام آناق على خسرو وقتله. فكانت النتيجة أن فتك ذوو الملك الأرمني بآناق وأهل بيته، ولم ينج إلا غريغوريوس وأحد إخوته. وقد هربا إلى بلاد القيصرية الكبادوك، وهما، بعدن ولدان صغيران. وان هو إلا زمان فليل حتى تمكّن الفرس من بلاد الأرمن ونفوا تيريدات، ابن خسرو الملك، إلى قيصرية، هو أيضاً.
في قيصرية، عرف غريغوريوس الإيمان المسيحي فاقتبل سر العماد وتزوج ورزق ولدان، روستانيس وأريستانيس، جعلهما كليهما خادمين للكنيسة. وفي قيصرية أيضاً قام غريغوريوس بخدمة تيريدات دون أن يدري هذا الأخير بأن آناق، والد غريغوريوس، هو الذي قتل أباه خسرو.
ومرّت الأيام، وعاد تيريدات إلى أرمينيا بعدما قهر الرومان الفرس. وكذلك عاد غريغوريوس، بعد وفاة زوجته، ودخل في خدمة الملك.
خدم غريغوريوس تيريدات بأمانة فأحبّه وقرّبه. لكن موقف الملك من مخدومه ما لبث أن تغير بعدما اكتشف أنه مسيحي. وقد حاول اقناعه، أول الأمر، بالعودة عن ضلاله، ولكن دون جدوى. إذ ذاك أسلمه إلى عذابات شيطانية مروعة، لا سيما بعدما اكتشف أنه ابن قاتل أبيه. وهكذا أضحى غريغوريوس شهيداً حياً، يتفنن الملك وخدّامه في تعذيبه. ثم أن نفس الملك ملّت من هذا المعاند فطرحه في جب عميقة ملأى بالأفاعي.
بقي غريغوريوس في الجب خمسة عشر عاماً ظن الجميع خلالها أنه مات. لكن الرب يسوع كان يعدّه لعمل عظيم. إذ أن امرأة كانت تأتيه بطعام. وهكذا بقي سالماً محفوظاً إلى أن حان ميعاد افتقاده.
في ذلك الوقت قام تيريدات بحملة ضد المسيحيين حيثما وجدهم. وقد فتك بأربعة وثلاثين عذراء، بينهن ريبسيما وغيانا. على إثر ذلك أصيب بمس من الجنون ولم يوجد له علاج. وقد بقي كذلك إلى أن زار أخته، في الحلم، رجل أنبأها بأنه لا شفاء لأخيها إلا بشفاعة غريغوريوس الملقى في جب الأفاعي. فلما أخرج غريغوريوس، وكان بصحة جيدة، صلّى لأجل الملك فشفاه.
وكانت هذة نقطة تحول كبرى في حياة الملك والملكة لأن تيريدات ندم عما فعله غريغوريوس واقتبل الإيمان المسيحي والمعمودية وسمح له بأن يبشر بالإنجيل، كما ساعده في بناء الكنائس والأديرة. وهكذا اقتبلت أرمينية، في مدة قصيرة، الإيمان المسيحي، وقام كهنة الأوثان يهدمون الهياكل بأيديهم مقتبلين المعمودية، وقد جرى عليهم وضع الأيدي فصاروا كهنة للمسيح. ثم أن لاونديوس، اسقف قيصرية الكبادوك، سام غريغوريوس أسقفاً على أرمينية، فساعده ذلك في تنظيم شؤون الأبرشية الجديدة خير تنظيم. وقد شرّفه الله بموهبة صنع العجائب، فكان يشفي المرضى ويطرد الشياطين. وان القديس غريغوريوس هو من شيّد كنيسة كبيرة باسم " الإبن الوحيد" أي ايشمياتزين، وهو الموضع الذي أضحى، فيما بعد، مركز كاثوليكوسية الكنيسة الارمنية جمعاء.
وبعدما انتظمت الأمور في كنيسة أرمينيا، قام غريغوريوس بتنصيب أحد ولديه رئيس كهنة مكانه، وانكفأ هو إلى البرية بصحبة بعض التلاميذ، وبقي هناك إلى أن رقد في الرب عام 335م. ينقل أنه كان، في منسكه، لا يأكل سوى مرة واحدة كل أربعون يوماً. كما كان يتحدث إلى الله وجهاً لوجه على غرار موسى في الزمان القديم.



