أنت هنا
تذكار أبينا البار خاريطن (منعم) المعترف (+350م)
28/9 غربي (11/10 شرقي)
ولد القديس خاريطن ونشأ في مدينة ايقونية في آسيا الصغرى، أيام الأمبراطور الروماني اوريليانوس (270-276). وايقونية هي المدينة التي نشأت فيها أولى الشهيدات، القديسة تقلا. وقي العام 304 للميلاد حمل الامبراطور ذيوكليسيانوس على المسيحيين فكان خاريطن من أوائل من عانوا من هذه الحملة. فقد قبض عليه الجند بعدما كان صيته في ايقونية ذائعاً كواحد من رجالات الله الغيارى. ولما مثل امام الوالي اعترف، وبجرأة، بالمسيح ورفض الاصنام. جلدوه وأمعنوا في تعذيبه حتى بدا جسمه جرحا كبيرا ثم ألقوه في السجن. بقي في السجن اياما قليلة. ثم قبل ان يوقفوه من جديد امام الوالي تمكن من الهرب. لجأ الى مصر وبقي فيها الى أن اعتلى قسطنطين الكبير العرش وأصدر مرسوما اعترف فيه بحق المسيحيين في العبادة.
سلك خاريطن، بعدما خرج من السجن، في النسك والتقشف. وقد شاءت النعمة الإلهية ان تضيف الى سمات آلام الرب يسوع التي كان يحملها في جسده، سمات الأخطار المتكررة التي جعلته يسلم أمره الى الرب الإله بالكلية كما جعلت خلاص الهه يفعل فيه بشكل عجيب. من ذلك مثلاً انه في طريقه من مصر الى اورشليم عرض له ان وقع في أيدي اللصوص، فجردوه من القليل الذي كان بحوزته وساقوه الى المغارة التي اعتادوا اللجوء اليها. أسلم خاريطن أمره لله وبات ينتظر الموت ساعة بساعة. وفي المغارة، القى به اللصوص جانبا وأقبلوا على قربة الخمر متعبين. ولكن - وبالتدبير العلي! - ما كادوا يحتسون منها حتى هووا، كل في ناحية، امواتا، ذلك ان حيه دخلت القربة، في غفلة، ونفثت في الخمر سمها. وهكذا نجا خاريطن وحمل الأمتعة والمغانم التي خلفها اللصوص. يقال انه باعها ووزع قسما من تمنها على الفقراء وبنى بالباقي كنائس لمجد الله. ثم خرج الى مغارة في برية فاران ونسك فيها.
قعد خاريطن في هذه المغارة ردحا من الزمان الى أن اخذ خبره ينتشر، فصار الناس يؤمون المكان بكثرة سائلينه النصح في شأن السلوك في الحياة الملائكية. ولما رأى ان اقبال الناس عليه يحرمه من الخلوة التي طالما أحب، اسند أمر الاهتمام بالقادمين الجدد الى واحد من خيرة تلاميذه، وانصرف هو الى موضع آخر اكثر هدوءاً في نواحي اريحا. وقد أوصى تلاميذه ان يحفظوا الاعتدال في الطعام والمنام وأن يصلوا في الليل كما في النهار، في الأوقات التي عينها لهم، وان يقبلوا الفقير والغريب كما لو كان المسيح بالذات.
لم يدم المقام خاريطن في متسكه الجديد طويلاً لان الناس اهتدوا اليه وعكروا عليه خلوته فانتقل، من جديد، الى مكان أبعد، ومكث فيه الى أن أعلمه الله بسلعة رقاده، فعاد الى فاران " تعرف اليوم عين فاره بين رام الله واريحا" الى الشركة التي أسسها أولاً. وهناك زود تلاميذه بإرشادات وعهد روحي جديد رسم لهم بموجبه الطريق الأكيد الى الاتحاد بالله، طريق النسك المقرون بالتواضع والمحبة للجميع. ويقال ان خاريطن هو أول من أدخل خدمة قص شعر المبتدئين في الحياة الرهبانية. وقد اعطاه الله موهبة صنع العجائب. رقد في الرب ممتلئا أياماً في 28 أيلول سنة 350.



