تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين والحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها يخبر إنجيل اليوم عن العمال الذين دعاهم رب الكرم إلى العمل. من خلال هذه الرواية يُظهر لنا يسوع أسلوب الله في العمل الذي يتمثل بموقفين لرب الكرم: الدعوة والمكافأة.
تابع البابا فرنسيس يقول أولاً الدعوة. يخرج صاحب الكرم خمس مرات إلى الساحة ويدعو للعمل لديه: عند الساعة السادسة والتاسعة والثانية عشرة والثالثة والخامسة بعد الظهر. مؤثّرة هي صورة صاحب الكرم هذا الذي يخرج عدة مرات إلى الساحة للبحث عن عمال لكرمه. صاحب الكرم هذا يمثل الله الذي يدعو الجميع ويدعو على الدوام. هكذا يتصرف الله اليوم أيضًا: هو يستمرُّ في دعوة أي شخص في أي وقت ليأتي للعمل في ملكوته. هذا هو أسلوب الله الذي نحن مدعوون بدورنا لقبوله والتشبه به. فهو لا ينغلق في عالمه، لكنه "يخرج" باستمرار بحثًا عن الاشخاص، لأنه لا يريد أن يُستبعد أحد من مخطّط محبّته.
أضاف الحبر الأعظم يقول كذلك تدعى جماعاتنا أيضًا لكي تخرج من مختلف أنواع "الحدود" التي قد تكون موجودة، لكي تقدم للجميع كلمة الخلاص التي جاء يسوع ليحملها. يتعلّق الأمر بالانفتاح على آفاق حياة تقدّم الرجاء للذين يقيمون في الضواحي الوجودية ولم يختبروا بعد، أو فقدوا، قوة ونور اللقاء مع المسيح. على الكنيسة أن تكون مثل الله في انطلاق على الدوام، وعندما لا تكون الكنيسة في انطلاق تتعرّض لأمراض كثيرة؛ ولماذا نجد هذه الامراض في الكنيسة لأنها لا تخرج من ذاتها ولا تنطلق. صحيح أنه عندما يخرج المرء قد يواجه خطر التعرّض لحادث ما، ولكن من الأفضل أن تخرج الكنيسة وتخاطر في التعرض لحادث ما في سبيل إعلان الإنجيل من أن تكون كنيسة منغلقة على نفسها ومريضة.
تابع الأب الأقدس يقول أما الموقف الثاني لصاحب الكرم والذي يمثل موقف الله هو أسلوبه في مكافأة العمال. اتَّفقَ معَ العَمَلةِ الذين استأجرهم في الصباح على دينارٍ في اليَوم، أما للذين وصلوا فيما بعد فقال لهم: "سَأُعطيكُم ما كانَ عَدلاً". وعند المساء أمر رب الكرم بأن يُدفَعْ للجميع الأُجرَة عينها أي دينار واحد. غضب الذين عملوا منذ الصباح وأخذوا يتذمّرون على صاحب الكرم، ولكنّه أصرّ أنه يريد أن يعطي الجميع الأجرة عينها، حتى الذين وصلوا في آخر النهار. وهنا نفهم أن يسوع لا يتحدث عن العمل والأجرة العادلة وإنما عن ملكوت الله وصلاح الآب السماوي.
في الواقع أضاف الحبر الأعظم يقول، هكذا يتصرّف الله: هو لا ينظر إلى الوقت والنتائج وإنما إلى الاستعداد والسخاء اللذين نضع أنفسنا من خلالهما في الخدمة. إن عمله هو أكثر من عادل، بمعنى أنه يذهب أبعد من العدالة ويتجلى في النعمة؛ كلُّ شيء هو نعمة: خلاصنا نعمة وقداستنا نعمة، وغذ يمنحنا النعمة هو يعطينا أكثر مما نستحق. وبالتالي فالذي يفكر بحسب المنطق البشري، أي منطق الاستحقاقات التي يكتسبها الفرد بمهارته، يجد نفسه آخرًا. فيما أنّ الذي يوكل نفسه بتواضع إلى رحمة الآب يصبح أولاً.
وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بالقول لتساعدنا مريم الكلية القداسة لكي نشعر يوميًّا بفرح ودهشة دعوة الله لنا لكي نعمل من أجله، وفي حقله الذي هو العالم، وفي كرمه الذي هو الكنيسة. ولكي تكون المكافأة الوحيدة محبته والصداقة مع يسوع.