إلى الدمار البيئي وخطر التغير المناخي اللذين تدعو إزاءهما كنائس العالم سنة بعد أخرى، في جهد مسكوني، إلى الارتداد والعناية بالبيت المشترك، يضاف اليوم وباء فيروس الكورونا، الذي أظهر بشكل أكبر هشاشة الحياة البشرية على هذا الكوكب والحاجة إلى توحيد الجهود من أجل حمايتها والحفاظ عليها. هذه ليست سوى بعض المسلّمات التي قدّمها رئيس مجلس الكنائس الأوروبية، القس كريستيان كريجر ورئيس اتحاد المجالس الأسقفية الأوروبية، الكاردينال أنجلو بانياسكو في إعلان مشترك للاحتفال بـ "زمن الخليقة ٢٠٢٠"، من الأول من أيلول سبتمبر وحتى الرابع من تشرين الأول أكتوبر، وبيوم الخليقة، في الأول من أيلول سبتمبر المقبل.
ونقرأ في الوثيقة لقد أظهر وباء فيروس الكورونا هذا العام مدى عمق الترابط بين العالم. لقد أدركنا أكثر من أي وقت مضى أننا لسنا معزولين عن بعضنا البعض وأن الظروف المتعلقة بصحة الإنسان ورفاهته هي هشة. وبالتالي يجبرنا تأثير الوباء على أن نأخذ على محمل الجد الحاجة إلى اليقظة والحاجة إلى ظروف حياة مستدامة في جميع أنحاء الكوكب. وتتابع الوثيقة سيحمل احتفال هذا العام عنوان "يوبيل الأرض"، لأن المفهوم البيبلي لليوبيل يؤكد على أنه يجب أن يكون هناك توازن عادل ومستدام بين الواقع الاجتماعي والاقتصادي والبيئي. "إن درسَ مفهوم اليوبيل في الكتاب المقدّس يوضح لنا الحاجة إلى إعادة التوازن في أنظمة حياتنا الخاصة، ويظهر الحاجة إلى المساواة والعدالة والاستدامة ويؤكِّد على الحاجة إلى صوت نبوي يدافع عن بيتنا المشترك.
هذا وتذكر الوثيقة بما قاله البابا فرنسيس في رسالته العامة "كن مسبّحًا" حول حماية البيت المشترك إذ تؤكِّد أن التحدي الملح لحماية بيتنا المشترك يشمل الاهتمام بتوحيد العائلة البشرية بأسرها في السعي لتحقيق تنمية مستدامة ومتكاملة. في الوقت عينه، تردد كنائس ومجالس أساقفة أوروبا صدى دعوة الأب الأقدس لعقد حوار حول كيف نشكِّل مستقبل كوكبنا، لأن التحدي البيئي الذي نعيشه يُقلقنا ويؤثر علينا جميعًا. كذلك تشير الوثيقة إلى اللاهوتي البروتستانتي "Jurgen Moltmann" الذي يؤكد أن الخصم اللاهوتي اليوم هو العدمية التي نمارسها في تعاملنا مع الطبيعة وتطلب أن يصار إلى تمييز لله الموجود في الخليقة من خلال روحه القدوس، تمييز يمكنه أن يقود الرجال والنساء إلى المصالحة والسلام مع الطبيعة.
وتختتم الوثيقة بدعوة إلى جميع الرعاة والمسيحيين الأوروبيين والرعايا والجماعات وجميع الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة للاحتفال بيوم الخليقة وزمن الخليقة بروح مسكوني متحدين في الصلاة والعمل، وتؤكّد: تعود قيم زمن الخليقة إلى جذور الإيمان المسيحي. إنَّ الخليقة هي هبة من الله للبشرية ولكل الكائنات الحية. لذلك، تقع على عاتقنا مسؤولية حمايتها كوكلاء صالحين وجديرين بالثقة وخدام مخلصين لله.