في إطار زيارته إلى قرية آرس في فرنسا ترأس أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين القداس الإلهي عند ضريح القديس يوحنا ماريا فياني كاهن آرس وشفيع كهنة الرعايا في العالم وللمناسبة ألقى الكاردينال بارولين عظة قال فيها أود قبل كل شيء أن أنقل إليكم تحيات الأب الأقدس المخلصة والودية. فهو من خلالي، يؤكد لكم قربه الأبوي وصلاته ويرسل لكم بركته. في العام الماضي وجه قداسة البابا فرنسيس رسالة إلى جميع الكهنة حول العالم، بمناسبة الذكرى الستين بعد المائة لوفاة القديس يوحنا ماري فياني. ومنذ بداية الرسالة يصف البابا فرنسيس حالة كهنة اليوم بهذه الكلمات: "لكم جميعًا أنتم الذين، على مثال كاهن آرس، تعملون في "الخنادق"، وتحملون على عاتقكم ثقل الحياة اليوميّة والحرارة، وإذ تتعرّضون لعدد لا يحصى من المواقف، "تُضحّون" يوميًّا وبدون أن تعتنوا بأنفسكم، لكي تعتنوا بشعب الله وترافقوه. أتوجّه إلى كلّ فرد منكم، أنتم الذين غالبًا ما تتحمّلون، في التعب والكدّ والمرض والوحدة، مسؤوليّة الرسالة كخدمة لله وشعبه، وبالرغم من جميع صعوبات الطريق، تكتبون أجمل صفحات الحياة الكهنوتية". إذ نستنير بهذه الكلمات، نريد نحن أيضًا أن تكون صلاتنا على نيّة الكهنة والدعوات الكهنوتية، ونوكلهم جميعًا إلى شفاعة كاهن آرس القديس.
تابع الكاردينال بييترو بارولين يقول في ضوء صورته كـكاهن رائع، تكرّس بحماس لخدمته ما هي الرسالة الرئيسية التي تقدّمها لنا قراءات هذا الاحتفال؟ لنتوقف للحظة عند هذه الرسالة. في القراءة الأولى، أكد النبي حزقيال أن المنفى قد ساهم على تكوين وعي شعب إسرائيل بالمسؤولية الفردية لكل فرد منهم. لقد كانت هذه التجربة المأساوية الأداة التي استخدمها الرب ليذكر بقيمة كل شخص في ذاته، وبواجباته تجاه الآخرين، على أساس الحرية المسؤولة تجاه نفسه، تجاه الآخرين ونحو الله. إن دور النبي ليس فقط موهبة من الماضي وحسب؛ بل هو موهبة اليوم وللأبد أيضًا. لقد كانت هذه دعوة كاهن آرس الذي عاش وعمل في هذه الرعية كحارس ونبي أصيل! بدون أن يسعى إلى مصلحته أو مصالح أخرى ما لم تكن ارتداد الخطأة وخلاصهم. لقد كان "مكبر الصوت"، لصوت الله المدوي، من خلال حياة بذلها في أمانة وصدق كاملين، حتى نهاية رحلة حجّه على هذه الأرض.
أضاف أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان يقول بقراءتنا لحياة وخدمة القديس يوحنا ماريا فياني، نفهم بشكل أفضل رواية الإنجيل بحسب القديس متى التي سمعناها اليوم: "وكانَ يسوعُ يَسيرُ في جَميعِ المُدُنِ والقُرى يُعلِّمُ في مَجامِعِهم ويُعلِنُ بِشارةَ المَلَكوت ويَشفِي النَّاسَ مِن كُلِّ مَرَضٍ وعِلَّة". لقد تبعته الجموع، لأنهم كانوا ضائعين ويجولون كخراف لا راعي لها. إن ربنا يسوع المسيح، وبعده، القديس يوحنا ماريا فياني، قد أدركا أن "الحصاد كثير والعملة قليلون". وعرفا كيف يصلِّيا لكي يرسل رب الحصاد، الآب الصالح، عمالاً جدداً وقدّيسين إلى حصاده.
تابع الكاردينال بييترو بارولين يقول بمناسبة الذكرى الخمسين بعد المائة لوفاة كاهن آرس القديس، حث البابا بندكتس السادس عشر على عدم تقليص شخصية القديس يوحنا ماريا فياني إلى مجرّد مثال للروحانية التعبدية في القرن التاسع عشر. وإنما على فهم القوة النبوية التي تميز شخصيته البشرية والكهنوتية التي لا تزال آنية. إنها شخصية آنيّة لأنّها، وفي هذه الأوقات الصعبة، تعلمنا أن ننقل الفرح والرجاء من خلال شهادة حياتنا الشخصية، وأن نكون ثابتين ومثابرين في خدمتنا. في التزامنا اليومي، وحتى النهاية، سيعضدنا على مثال كاهن آرس، التأمل في كلمة الله والاحتفال بسرّ الإفخارستيا، الذي كان محور حياته، والذي كان يحتفل به ويعبده بإخلاص واحترام؛ من خلال التقدّم المتكرّر من سر المصالحة، الذي شكل أيضًا ميزة أساسية أخرى لهذه الشخصية الكهنوتية الرائعة.
أضاف أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان يقول وإذ نتبع مثال القديس يوحنا ماريا فياني لا نسمحنَّ بأن تغرينا أشراك الشيطان، ولاسيما ذلك الموقف الدقيق والخطير الذي يصفه برنانوس على أنّه "أثمن إكسير للشيطان" وهو الفتور؛ أي ذلك الحزن الذي يشلُّ الروح ويمنعنا من المثابرة على الصلاة والرسالة، ويجعل عقيمة جميع محاولات التغيير والارتداد وينشر الاستياء والعداوة. أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، تبقى شخصية كاهن آرس مثالية للجميع. فإذا أردنا أن نكون مسيحيين حقيقيين وقديسين، فلنتعلم منه البساطة وعدم البحث عن المصالح والطهارة في النوايا والعمل، والزهد، والأمانة لله وللإنجيل، والأمانة للأسرار التي نحتفل بها ونشارك بها ونعيشها. تدعونا شخصية يوحنا ماريا فياني لكي نسمح بأن يصوغنا المعنى الأعمق والجمال اللامحدود والكرامة العظيمة لسرَّي الإفخارستيا والتوبة، وأن نعتمد على قوتهما المحوِّلة.
وختم أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين عظته بمناسبة عيد القديس يوحنا ماريا فياني بالقول لنطلب من الروح القدس، الذي، سيحوّل مرة أخرى، الخبز والخمر إلى جسد ودم يسوع المسيح، أن يأتي ويحولنا إلى رجال ونساء جدد لكنيسة وعالم هذا القرن الحادي والعشرين. وليساعد بشفاعة القديس يوحنا ماريا فياني، جميع أعضاء شعب الله لكي يكونوا من خلال حياتهم شهودًا لمحبة الرب!